اكتشف باحثون نوعًا جديدًا من وحيد القرن المنقرض في أقصى شمال كندا، داخل رواسب بحيرة قديمة في فوهة “هوجتون” بجزيرة ديفون في إقليم نونافوت. يمثل هذا الاكتشاف إضافة مهمة إلى فهمنا لتطور وحيد القرن، ويقدم أدلة جديدة حول هجراته الجغرافية عبر الزمن. ويعتبر هذا النوع المكتشف حديثًا الأقدم المعروف في هذه المنطقة القطبية، والأكثر شمالاً بين جميع أنواع وحيد القرن المعروفة حتى الآن.

تم العثور على الهيكل العظمي شبه الكامل في موقع غني بالأحافير، مما سمح للعلماء بتحليل دقيق وتقديم وصف تفصيلي لهذا النوع الجديد. وقد أطلق الباحثون على هذا النوع اسم “إيبيثيراسيريوم إيت جي لوك”، وهو الاسم المستوحى من لغة الإنكتيتوت المحلية ويعني “بارد” أو “صقيعي”، تكريمًا لبيئته القطبية.

عائلة مدهشة من وحيد القرن

يمتد تاريخ وحيد القرن على مدى أكثر من 40 مليون سنة، حيث سكنت هذه المخلوقات معظم القارات باستثناء أمريكا الجنوبية والقطب الجنوبي. ونظرًا لأهمية هذا الاكتشاف، فقد أعاد الباحثون النظر في شجرة عائلة وحيدات القرن، ووجدوا أن هذا النوع القطبي مرتبط بشكل وثيق بأنواع أوروبية ازدهرت منذ ملايين السنين.

تشير الدراسة إلى أن هذا النوع الجديد عاش قبل حوالي 23 مليون سنة خلال العصر الميوسيني المبكر. ويقول الباحثون إن خصائص الهيكل العظمي تشير إلى أنه كان أصغر حجمًا وأكثر رشاقة مقارنة ببعض الأنواع الأخرى، ويقارب في حجمه وحيد القرن الهندي المعاصر، ولكنه يفتقر إلى القرن.

الأهمية الجغرافية والتاريخية

تكتسب فوهة هوجتون، بعرض يبلغ حوالي 23 كيلومترًا، أهمية خاصة في هذا الاكتشاف. فقد تشكلت الفوهة نتيجة اصطدام نيزكي قديم، ثم امتلأت بالمياه لتشكل بحيرة حافظت على بقايا النباتات والحيوانات المحلية. هذا يجعلها أقصى موقع ميوسيني معروف في الشمال، ويوفر نافذة فريدة على الحياة القديمة في هذه المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، تدعم الدراسة فكرة أن أجداد وحيد القرن وصلوا إلى أمريكا الشمالية عبر جسر أرضي عبر شمال الأطلسي – مروراً بجزيرة غرينلاند. وتشير التحاليل إلى أن هذا الممر قد ظل صالحًا لهجرة الثدييات لفترة أطول مما كان يعتقد سابقًا، ربما حتى العصر الميوسيني.

التحاليل المتقدمة

لا يقتصر البحث على التحليل التشريحي للهيكل العظمي. فقد تمكن الباحثون أيضًا من استخلاص بروتينات جزئية ذات قيمة علمية من مينا الأسنان التابعة للفرد المكتشف. ويفتح هذا الإنجاز آفاقًا جديدة لاستخدام علم البروتينات القديمة في فهم تطور الثدييات، خاصة في الحالات التي لا يتوفر فيها الحمض النووي.

وتقول دانييل فريزر، المؤلفة الرئيسية للدراسة ورئيسة قسم علم الأحياء القديمة في المتحف الكندي للطبيعة: “اليوم لا نعرف إلا خمسة أنواع حديثة من وحيدات القرن تعيش في أفريقيا وآسيا، لكن السجل الأحفوري يظهر أكثر من 50 نوعًا، بعضها في أوروبا وأمريكا الشمالية. وإضافة هذا النوع القطبي إلى شجرة عائلة وحيد القرن تمنحنا رؤى جديدة عن تاريخه.”

تُظهر الدراسة أيضًا تفصيلاً دقيقًا لدرجة اكتمال الهيكل العظمي، حيث تم الحفاظ على حوالي 75% منه في حالة ثلاثية الأبعاد، مما يجعله عينة استثنائية للدراسة. ويشير هذا إلى أن الظروف البيئية في بحيرة هوجتون كانت مثالية للحفاظ على الأحافير.

الخطوات المستقبلية

من المتوقع أن يستمر الباحثون في تحليل عينات الأسنان والعظام لاستخلاص المزيد من المعلومات حول الحمض النووي والبروتينات، مما قد يوفر تفاصيل أعمق حول علاقات هذا النوع الجديد بغيره من حيوانات وحيد القرن المنقرضة. وستتاح فرصة عرض الهيكل العظمي في المتحف الكندي للطبيعة في المستقبل القريب، مما سيوفر للجمهور فرصة لرؤية هذا الاكتشاف الاستثنائي عن قرب. وسيستمر البحث في المنطقة بهدف العثور على أحافير أخرى قد تلقي الضوء على التنوع البيولوجي في القطب الشمالي خلال العصر الميوسيني.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version