في خطوة غير مسبوقة، فرضت لجنة الانضباط التابعة لإقليم واز الفرنسي لكرة القدم عقوبات صارمة للغاية على مدرب فريق “يو إس ثوروت لونغوي-أنيل” بعد تورطه في أعمال عنف مؤسفة خلال مباراة لفئة الشباب تحت 18 عامًا. هذه الحادثة، التي هزت أوساط كرة القدم الفرنسية، سلطت الضوء على قضية العنف في ملاعب كرة القدم وأهمية احترام الحكام. العقوبات، التي وصلت إلى إيقاف المدرب لمدة 20 عامًا، تبعث برسالة قوية مفادها أن مثل هذه التصرفات لن تتسامح معها.

تفاصيل الحادثة وإدانة المدرب

تعود جذور هذه القضية إلى مباراة جمعت فريق “يو إس ثوروت لونغوي-أنيل” بنظيره “يو إس مارغني” في 18 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ووفقًا لتقارير صحيفة “لوباريزيان” الفرنسية، تطورت الأمور بسرعة من خلاف لفظي حاد بين المدرب كيفن جيرمانانغ وحكم الساحة إلى مشاجرة بالأيدي.

المشاجرة لم تقتصر على الصفعات واللكمات والركلات المتبادلة بين المدرب والحكم، بل امتدت لتشمل بعض لاعبي الفريقين. فقد تعرض الحكم لاعتداء عنيف من قبل المدرب، بينما حاول بعض اللاعبين التدخل لتهدئة الوضع، إلا أن الأمور زادت تعقيدًا عندما حاول المدرب توجيه ضربة أخرى للحكم الذي رد بدوره. لاحقًا، انضم عدد من لاعبي “ثوروت” إلى الاعتداء، موجهين لكمات وركلات للحكم، في حين تعرض بعض لاعبي “مارغني” للضرب أثناء محاولتهم فض الاشتباك.

عقوبات قاسية من لجنة الانضباط

بعد تحقيق مطول، انعقدت لجنة الانضباط في الرابع من ديسمبر/كانون الأول، وأصدرت أحكامها النهائية يوم الجمعة الموافق 12 ديسمبر/كانون الأول. كانت العقوبة الأشد هي إيقاف المدرب كيفن جيرمانانغ لمدة 20 عامًا عن أي نشاط يتعلق بكرة القدم.

ولم تتوقف العقوبات عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل حظر مشاركته المباشرة أو غير المباشرة في أي مباريات تحت إشراف الهيئات المختصة في منطقة “أوت دو فرانس” حتى 18 أكتوبر/تشرين الأول 2045. بالإضافة إلى ذلك، تم إلغاء شهادة “دبلوم مدرب كرة القدم” وسحب رخصته كمدرب إقليمي. هذه الإجراءات تؤكد على جدية اللجنة في التعامل مع قضايا السلوك الرياضي والاعتداء على الحكام.

عقوبات اللاعبين والإداريين

لم يفلت اللاعبون المتورطون في الحادثة من العقاب. فقد فرضت اللجنة عقوبات إيقاف على ثمانية لاعبين من فريق “ثوروت”، تراوحت بين الإيقاف لمدة سنتين وصولًا إلى 12 عامًا.

بالإضافة إلى ذلك، تم إيقاف رئيس النادي لمدة عام كامل، وتغريمه 1500 يورو. وعلى مستوى الفريق، تقررت إقصاء فريق تحت 18 عامًا من المنافسة على لقبي الدوري وكأس المجلس الإقليمي. هذه العقوبات الجماعية تهدف إلى معاقبة النادي بأكمله على التقصير في مراقبة سلوك لاعبيه ومدربه.

ردود الفعل والتأكيد على قيم الرياضة

علق سيدريك بيتريمو، رئيس رابطة كرة القدم في “أوت دو فرانس”، على هذه العقوبات قائلًا: “منذ اللحظة التي يرتكب فيها شخص أو مدرب اعتداء على حكم، فلا مكان له بعد ذلك في ملاعب كرة القدم. إنها عقوبات قاسية، نعم، لكن لا شيء يبرر العنف في الملاعب”. هذا التصريح يعكس موقفًا صارمًا تجاه العنف الرياضي ويؤكد على أهمية حماية الحكام.

في المقابل، قررت اللجنة تبرئة عدد من لاعبي “مارغني” الذين كانوا موقوفين احتياطيًا، مما يسمح لهم بالعودة إلى المنافسات. أما فيما يتعلق بالحكم، فقد فتحت اللجنة تحقيقًا معه بسبب محاولته رد الاعتداء على المدرب، حيث أوضح في تقريره أنه لم يستطع الوقوف مكتوف الأيدي أمام هذا التصرف.

أهمية احترام الحكام وتجنب العنف

تُعد هذه الحادثة بمثابة تذكير بأهمية احترام الحكام والالتزام بقواعد اللعب النظيف في كرة القدم. فالحكام هم المسؤولون عن تطبيق القانون وضمان سير المباراة بشكل عادل، وأي اعتداء عليهم أو تهديد لهم يُعد خرقًا صارخًا لقيم الرياضة.

إن العقوبات الصارمة التي فرضتها لجنة الانضباط الفرنسية تبعث برسالة واضحة إلى جميع الأطراف المعنية بكرة القدم: العنف ليس له مكان في هذه اللعبة الجميلة، وأن احترام الحكام هو أساس المنافسة الشريفة. يجب على المدربين واللاعبين والإداريين العمل معًا لخلق بيئة رياضية آمنة ومحترمة للجميع.

ختامًا، هذه القضية ليست مجرد حادثة فردية، بل هي جزء من مشكلة أوسع تتعلق بـ ثقافة العنف في بعض الأوساط الرياضية. يتطلب حل هذه المشكلة جهودًا متضافرة من جميع الأطراف، بما في ذلك الاتحادات الرياضية والمدارس والأندية ووسائل الإعلام، لتعزيز قيم الرياضة وتشجيع السلوك الإيجابي.

شاركها.
اترك تعليقاً