عندما تبدأ مراسم سحب قرعة كأس العالم 2026 يوم الجمعة المقبل، ستتصدر عدة أمور المشهد، ليس فقط الإثارة بمشاركة منتخبات جديدة، بل والمخاوف المتعلقة بالطقس الحار وتحدياته اللوجستية. هذه النسخة، التي ستستضيفها الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، تعد الأكبر في تاريخ البطولة، وتطرح أسئلة حول الاستعدادات والتأثير المحتمل على أداء اللاعبين.
حقبة جديدة في كرة القدم العالمية: كأس العالم 2026 بتنسيق موسع
لأول مرة في تاريخها، ستشهد بطولة كأس العالم مشاركة 48 منتخبًا، مما يعني 104 مباراة مثيرة موزعة على 16 مدينة عبر أمريكا الشمالية. يعتبر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) هذا التوسع خطوة تاريخية نحو المزيد من الشمولية، حيث يفتح الباب أمام دول لم تشارك من قبل، مثل الرأس الأخضر وأوزبكستان والأردن وكوراساو (الأقل اكتظاظًا بالسكان بين المشاركين). ويشهد المونديال أيضًا عودة بعض المنتخبات بعد غياب طويل، كتلك الخاصة بهايتي، في حين يتعين على إيطاليا المرور عبر ملحق فاصل لتجنب الغياب الثالث على التوالي عن هذا الحدث العالمي.
مشاركات تاريخية وتحديات إيطاليا
هذه المشاركات الجديدة تضيف نكهة فريدة للبطولة، وتمثل لحظات تاريخية لكرة القدم في هذه الدول. لكن في الوقت ذاته، تضع ضغوطاً إضافية على فيفا واللجان المنظمة لضمان تجربة سلسة وناجحة لجميع المشاركين. صراع إيطاليا للدخول يذكرنا بأن المنافسة تشتد، وأن التأهل ليس مضمونًا لأي منتخب، حتى تلك ذات التاريخ العريق.
الحرارة الشديدة: التحدي الأكبر في كأس العالم 2026
لا يقتصر التحدي على الجانب الفني والتنظيمي، بل يشمل أيضًا الظروف المناخية. التوسع في البطولة يسلط الضوء على المخاوف بشأن درجات الحرارة المرتفعة، خاصة في المدن المستضيفة التي قد تتجاوز فيها درجات الحرارة 38 درجة مئوية (100 درجة فهرنهايت) في ذروة الصيف. كما أن ارتفاع نسبة الرطوبة والعواصف الرعدية المحتملة يضيفان طبقة أخرى من التعقيد.
كأس العالم للأندية التي استضافتها الولايات المتحدة مؤخرًا كانت بمثابة جرس إنذار، حيث أثارت درجات الحرارة المرتفعة قلقًا بالغًا. أعرب خبراء طبيون واتحادات اللاعبين عن مخاوفهم بشأن الإجهاد الحراري والجفاف وتأثيرهما على تعافي اللاعبين، خاصة وأن نظام كأس العالم الموسع يتطلب من المنتخبات خوض ما يصل إلى ثماني مباريات للفوز باللقب، بزيادة مباراة واحدة عن النسخ السابقة.
ملاعب مكيفة وحلول للتبريد
يسعى فيفا للتخفيف من حدة الحرارة باستخدام الملاعب المغلقة أو ذات الأسقف القابلة للسحب، مثل تلك الموجودة في دالاس وهيوستن وأتلانتا وفانكوفر. هذه الملاعب تسمح بالتحكم في البيئة الداخلية وتوفير ظروف لعب أكثر أمانًا. لكن العديد من المباريات ستقام في ملاعب مكشوفة، مما يجعل تعديل مواعيد انطلاق المباريات هي الحل الوحيد المتاح.
تعديل المواعيد ليس بسيطًا، حيث تؤثر على أوقات مشاهدة الجماهير، خاصة في أوروبا وآسيا، وهي أسواق رئيسية لحقوق البث. تحقيق التوازن بين المتطلبات التجارية وسلامة اللاعبين يمثل معضلة حقيقية. ويعتبر اختيار مواعيد المباريات بمثابة عملية دقيقة تتطلب دراسة متأنية لجميع العوامل.
تحديات أخرى تواجه كأس العالم 2026
بالإضافة إلى الحرارة، هناك تحديات أخرى تواجه البطولة. عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أثارت تساؤلات حول التنسيق الأمني وسياسات الهجرة وإجراءات منح التأشيرات للمنتخبات والمسؤولين والمشجعين. وينبغي على فيفا واللجان المنظمة أن تتأكد من أن الخدمات اللوجستية عبر الحدود سلسة وأن إجراءات الدخول متسقة.
كما أن احتجاج إيران على تخصيص عدد محدود من التأشيرات يذكرنا بالحساسيات السياسية التي يمكن أن تؤثر على الحدث الرياضي. من المهم أن يتم التعامل مع هذه القضايا بحساسية وشفافية لضمان مشاركة جميع المنتخبات دون قيود.
الاستعدادات التكتيكية والبدنية
بالنسبة للمنتخبات المشاركة لأول مرة أو تلك التي تمثل دولًا صغيرة، ستكون إدارة التعامل مع درجات الحرارة المرتفعة عاملاً تنافسيًا رئيسيًا. كما أن الاستعدادات التكتيكية والبدنية تلعب دورًا حاسمًا في تحديد فرص النجاح.
أما بالنسبة للمنتخبات القوية، فإن القرعة لن تحدد منافسيها فحسب، بل ستحدد أيضًا الصعوبات المتعلقة بالمتطلبات البدنية خلال البطولة. ستحتاج هذه المنتخبات إلى التخطيط بعناية لتدوير اللاعبين والتأكد من أنهم في أفضل حالاتهم البدنية خلال كل مباراة.
ختاماً: كأس العالم الأكثر شمولاً… والأكثر تعقيدًا
وستقام المباراة النهائية على ملعب ميتلايف في نيوجيرسي، في ختام نسخة وصفتها جياني إنفانتينو رئيس فيفا بأنها “الأكثر شمولاً على الإطلاق”. ومع ذلك، فإن هذه الشمولية تأتي مع حجم أكبر وتعقيد إضافي.
في حين أن القرعة ستركز على تحديد المنافسين، يجب أن يركز المدربون أيضًا على الظروف المتوقعة وكيفية التعامل معها. قد يكون تجنب درجات الحرارة المرتفعة بنفس أهمية تجنب مواجهة أقوى المنتخبات. كأس العالم 2026 تعد ببطولة استثنائية، لكن النجاح سيعتمد على التغلب على التحديات المتعددة التي تلوح في الأفق.














