تونس- تهافتت أندية الدوري التونسي للمحترفين على سوق الانتقالات الصيفية للاعبين بنسق سريع، استعدادا للموسم الجديد، ليبلغ عدد التعاقدات خلال الأسبوع الأول من فترة قيد اللاعبين أرقاما غير مسبوقة عكست رغبة النوادي في تحقيق نتائج لافتة، لكنها أخفت في المقابل عجزها عن تكوين الشبان والاستفادة من إنتاج أكاديميات صنع المواهب.

وافتتحت في الأول من يوليو/تموز الجاري سوق الانتقالات الصيفية للدوري التونسي لتتواصل حتى 31 أغسطس/آب المقبل، وسط أزمة ديون خانقة تعصف بأكثر من نصف أندية دوري الدرجة الأولى وعددها 16 ناديا.

ورغم أن جل أندية كرة القدم في تونس ترزح تحت وطأة المصاعب المالية منذ أكثر من 10 سنوات، بسبب تراجع إيراداتها وفرض قيود على حضور الجماهير للمباريات، فإن الأيام الأولى للتعاقدات سجلت أرقاما قياسية لدى بعض النوادي التي وصلت إلى الحد الأقصى المسموح به للتعاقدات.

صفقات سريعة وتساؤلات غامضة

وبين الأول والثامن من يوليو/تموز الجاري، تعاقدت أندية دوري الدرجة الأولى للمحترفين مع نحو 35 صفقة رسمية بجانب تجديد عقود نحو 10 لاعبين بعد أن انتهت ارتباطاتهم مع أنديتهم في 30 يونيو/حزيران الماضي.

وجاء الاتحاد المنستيري (وصيف بطل الدوري) في صدارة الأندية التي وقعت على أكبر عدد من التعاقدات الجديدة، إذ ضم الفريق 8 لاعبين جدد، وهم سيف الدين صابر، وأيوب شعبان، وإبراهيم السويسي، وضياء المعتوقي، ونسيم الدويهش، وعزيز عبيد، بجانب السنغالي الشريف بوديان، والمهاجم النيجيري فيكتور موسى.

واختار الاتحاد المنستيري تعزيز صفوفه بكم هائل من اللاعبين الجدد رغم الجدل الدائر حول قيمتهم الفنية ومدى قدرتهم على تقديم الإضافة للفريق في المسابقات المحلية والأفريقية.

ويرى المتحدث الرسمي باسم الاتحاد علي البحوري أن التعاقدات الثمانية التي أقدم عليها الفريق خلال أول أيام فترة الانتقالات الصيفية تعكس رغبة مجلس الإدارة والجهاز الفني في التحضير المبكر للفريق للموسم المقبل الذي يبدأ أواخر يوليو/تموز الجاري، حسب قول البحوري.

وفي تصريح خاص للجزيرة نت، اعتبر البحوري أن “الاتحاد المنستيري اتعظ مما حدث الموسم الماضي حين راهن على لقبي الدوري والكأس حتى المراحل الأخيرة، لكنه خسر كليهما بعد إصابات بعض اللاعبين الركائز، وعدم إيجاد البدائل المناسبة لتعويضهم في وقت حساس”.

وتابع البحوري: “قررنا الموسم الجاري أن يكون على ذمة الجهاز الفني لاعبان في كل مركز، حتى لا يتكرر سيناريو الموسم المنقضي، نتائجنا لم تكن سيئة، ولكننا كنا قادرين على تقديم مسيرة أفضل لولا النقص في التشكيلة خلال مرحلة حاسمة ومؤثرة من الموسم”.

ويرى البحوري أن هناك سببا آخر لإقبال فريقه على التعاقد مع عدد كبير من اللاعبين في الأيام الأولى لسوق الانتقالات، وهو حاجة الجهاز الفني لبدء التحضير للموسم الجديد بالاعتماد على رصيد ثري، خاصة أن عددا من اللاعبين غادروا نهاية الموسم الماضي، من بينهم موزيس أوركوما وفرات السلطاني وشهاب الصالحي وإياد الحاج خليفة، وفق قوله.

ويخوض الاتحاد المنستيري 4 منافسات في الموسم الجديد، أولها كأس السوبر التونسي أواخر يوليو/تموز الجاري، ثم مسابقة الدوري والكأس المحليتين ودوري أبطال أفريقيا.

تعاقدات مؤجلة

أما الملعب التونسي (وصيف بطل مسابقة الكأس)، فضم 5 لاعبين جدد وهم إلياس الجلاصي ونور الدين الفرحاتي وعبد الرحمان الحنشي وحسني قزمير وفراس عايفية.

وبالتوازي مع ذلك، كان الملعب التونسي، الذي يشارك في كأس السوبر التونسي وكأس الكونفدرالية الأفريقية بجانب مسابقتي الدوري والكأس المحليتين، جدّد عقدي لاعبيه مروان الصحراوي ووائل الورغمي لعام إضافي.

وكان الترجي الجرجيسي -بدوره- سباقا في التعاقد مع عدد من اللاعبين خلال الأيام الأولى لفترة الانتقالات، إذ حصل على خدمات كل من لؤي دحنوس وأشرف بن ضياف ومختار بن زيد وجاسم بالكيلاني، بجانب تجديد عقدي سيف الشرفي وأمير التاجوري حتى يونيو/حزيران المقبل.

وانضم 6 لاعبين جدد لمستقبل المرسى، وهم سامي هلال وأنور الجويني وحسن منصور وأسامة الجبالي ويسري العرفاوي وأحمد الحضري.

صورة عدد 7 ـ حارس المرمى سامي هلال انضم من الملعب التونسي إلى مستقبل المرسى ـ، مصدر الصورة ـ صفحة مستقبل المرسى المرسى على فيسبوك

من جهته، وقّع الإفريقي (ثاني أندية تونس تتويجا بالألقاب) 3 صفقات جديدة، عندما ضم كلا من الحارس مهيب الشامخ ولاعبي الدفاع حسام بن علي وحسام حسن رمضان.

وسيكون الإفريقي أمام حتمية التخلص من ديونه ورفع عقوبة المنع من التعاقدات التي فرضتها لجنة النزاعات في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) على الفريق منذ يناير/كانون الثاني الماضي بمنعه من تأهيل وقيد لاعبين جدد إلا بعد تسوية ديونه ورفع عقوبة الفيفا.

وعاش الإفريقي خلال السنوات الماضية على وقع أزمة مالية خانقة تسببت في تفاقم ديونه، وانتهت بفرض عقوبة المنع من التعاقدات لفترات متفاوتة نتيجة عجزه عن خلاص الديون.

وضعيات مالية معقّدة

ولا يعد النادي الإفريقي الفريق الوحيد الممنوع من التعاقدات، بل إن 6 أندية أخرى لا تزال تحت وطأة عقوبة الاتحاد الدولي لكرة القدم، وهي نجم المتلوي والنادي الصفاقسي والنجم الساحلي ومستقبل سليمان والنادي البنزرتي واتحاد بن قردان، ممنوعة من قيد لاعبين جدد خلال “الميركاتو” الجاري حتى تسوية ديونها.

وفي حين وقّعت بعض فرق الدوري صفقات لا تزال بانتظار رفع العقوبة مثل الإفريقي ونجم المتلوي، اختارت أندية أخرى الانتظار مثل النادي البنزرتي الذي قرر التعويل على لاعبي الموسم الماضي، بسبب الأزمة المالية وعقوبة الفيفا، وفق ما أكده المدرب سفيان الحيدوسي للجزيرة نت.

صورة عدد 6 ـ سفيان الحيدوسي مدرب النادي البنزرتي ـ المصدر صفحة البنزرتي على منصة فيسبوك

وأفاد الحيدوسي بأنه “لا يمكن أن نزيد الوضع تعقيدا من الناحية المالية، الجميع يعلم أن جل أندية الدوري ترزح تحت وطأة الديون الثقيلة، مما تسبب في سيل من العقوبات ضدها، هذا الوضع يقتضي مراجعة سياسة التعاقدات وإعادة الاعتبار لتكوين الشبان ودور الأكاديميات في صنع وتخريج المواهب الكروية دون تكاليف باهظة”.

وقال المدرب للجزيرة نت إن “التعاقدات المكلفة جدا هي العامل الأول وراء عقوبة منع الأندية من التعاقدات، علينا مراجعة سياسة التعاقدات برمّتها، بالنسبة لنا سننتظر رفع العقوبة بعد خلاص الديون وقد نتعاقد مع لاعبين اثنين أو 3 على أقصى تقدير”.

وينطلق الدوري التونسي لموسم 2025-2026 في التاسع من أغسطس/آب المقبل بمشاركة 16 ناديا، في حين سيتم إجراء مسابقة كأس السوبر قبل ذلك بأسبوع.

شاركها.
اترك تعليقاً