في خضم سعي المملكة العربية السعودية نحو تطوير منظومتها التعليمية ورفع مستوى مخرجات الجامعات، شهدت جلسة مجلس الشورى العادية العاشرة من أعمال السنة الثانية للدورة التاسعة نقاشاً مستفيضاً حول تقرير جامعة شقراء. وقد تخلل هذا النقاش توجيه انتقادات بناءة من قبل عدد من أعضاء المجلس، بهدف الارتقاء بأداء الجامعة وتحقيق أهدافها الاستراتيجية. يركز هذا المقال على أبرز النقاط التي أثيرت خلال الجلسة، والتوصيات المقدمة لتحسين جودة التعليم والبحث العلمي في جامعة شقراء.

انتقادات مجلس الشورى لجامعة شقراء: نظرة على نقاط الضعف

أظهرت مناقشات أعضاء مجلس الشورى رؤى متعمقة حول التحديات التي تواجه جامعة شقراء في مسيرتها نحو التميز. لم تقتصر الانتقادات على جانب واحد، بل شملت جوانب متعددة تتعلق بمواءمة الخريجين مع احتياجات سوق العمل، والاعتماد الأكاديمي، والبنية التحتية، والتحول الرقمي، ودعم البحث العلمي.

مواءمة الخريجين وسوق العمل

أكدت الدكتورة لبنى العجمي، عضو المجلس، على أهمية تضمين الجوانب المتعلقة بمواءمة الخريجين في الخطط الاستراتيجية للجامعة. هذا يعني ضرورة العمل على تطوير المناهج الدراسية لتلبية متطلبات سوق العمل المتغيرة، وتوفير فرص التدريب العملي للطلاب، وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص. فالخريج المؤهل هو الذي يمتلك المهارات والمعرفة اللازمة للمساهمة بفاعلية في التنمية الوطنية.

تطوير البنية التحتية والمرافق الجامعية

من جانبه، طالب عبدالله آل طاوي، عضو المجلس، جامعة شقراء بتطوير وتحديث المرافق التعليمية بشكل مستمر. فالبيئة الجامعية الحديثة والمتكاملة تلعب دوراً حاسماً في تحفيز الطلاب وأعضاء هيئة التدريس على الإبداع والابتكار. كما أشارت الدكتورة عائشة عريشي إلى الحاجة الماسة لمواجهة تحدي البنية التحتية، خاصةً عدم وجود مستشفى جامعي أو منشآت ترفيهية ورياضية، وهو ما يعيق تحقيق أهداف الجامعة المستقبلية نحو الاستقلال الإداري والأكاديمي والمالي.

تحديث المناهج وتعزيز البحث العلمي: محاور أساسية للتطوير

لم يقتصر الأمر على البنية التحتية، بل امتدت الانتقادات لتشمل المناهج الدراسية وأهمية مواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية. كما شدد أعضاء المجلس على ضرورة دعم البحث العلمي وتوفير الإمكانات اللازمة للباحثين.

دمج التقنيات الحديثة في المناهج الدراسية

أكد طارق فقيه، عضو المجلس، على أهمية تحديث مناهج علوم المختبرات لتشمل التقنيات الحديثة مثل التشخيص الجزيئي والوراثة الطبية والذكاء الاصطناعي في التحاليل المخبرية. هذه التقنيات أصبحت ضرورية لتأهيل الخريجين لمواكبة التطورات المتسارعة في مجال الرعاية الصحية، وزيادة قدرتهم التنافسية في سوق العمل. جامعة شقراء مطالبة بالاستثمار في هذه المجالات وتوفير التدريب اللازم للطلاب وأعضاء هيئة التدريس.

دعم الأبحاث العلمية وتوفير الإمكانات

أشار الدكتور عبدالله الوقداني، عضو المجلس، إلى أهمية زيادة الدعم للأبحاث العلمية في جامعة شقراء. فالبحث العلمي هو المحرك الأساسي للابتكار والتنمية، ويتطلب توفير التمويل الكافي والتطبيقات الحاسوبية والبرمجيات الهندسية المتطورة، خاصةً في كليتي الهندسة والحاسب الآلي. يجب على الجامعة تشجيع الباحثين على تقديم مقترحات بحثية مبتكرة، وتوفير الدعم اللازم لتنفيذها ونشر نتائجها.

مواءمة الجامعة مع التصنيفات العالمية

شدد الدكتور باسم السيد، عضو المجلس، على أهمية مواءمة توجه جامعة شقراء مع تصنيف نماذج الجامعات العالمية. فالجامعات التي تتبنى نماذج واضحة ومحددة تحقق نتائج أفضل في التصنيفات العالمية، وتتمتع بسمعة طيبة على المستوى الدولي. يجب على الجامعة تحديد نقاط قوتها والتركيز عليها، وتطوير المجالات التي تحتاج إلى تحسين، بما يتناسب مع إمكاناتها ومواردها.

قرارات المجلس الأخرى

بالإضافة إلى مناقشة تقرير جامعة شقراء، وافق المجلس على عدد من مشاريع الأنظمة الهامة، بما في ذلك مشروع نظام الأصناف النباتية الجديدة، ومشروع نظام التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة، ومشروع نظام التصاميم، ومشروع نظام براءات الاختراع ونماذج المنفعة. هذه الأنظمة تهدف إلى حماية حقوق الملكية الفكرية وتشجيع الابتكار في مختلف المجالات.

الخلاصة والتوصيات

تُظهر مناقشات مجلس الشورى حول جامعة شقراء حرصاً كبيراً على تطوير التعليم العالي في المملكة. الانتقادات التي وجهها أعضاء المجلس كانت بناءة وتهدف إلى الارتقاء بأداء الجامعة وتحقيق أهدافها الاستراتيجية. من الضروري أن تأخذ الجامعة هذه الانتقادات على محمل الجد، وأن تعمل على تنفيذ التوصيات المقدمة، بما في ذلك مواءمة الخريجين مع سوق العمل، وتطوير البنية التحتية والمرافق الجامعية، وتحديث المناهج الدراسية، وتعزيز البحث العلمي، ومواءمة الجامعة مع التصنيفات العالمية. إن الاستثمار في التعليم العالي هو استثمار في مستقبل المملكة، وجامعة شقراء لديها دور هام تلعبه في تحقيق هذا الهدف. نتمنى أن تشهد الجامعة تطوراً ملحوظاً في الفترة القادمة، وأن تصبح منارة للعلم والمعرفة في المنطقة.

شاركها.
اترك تعليقاً