التصوير العشوائي في المناسبات العامة: انتهاك للخصوصية أم توثيق للحظة عابرة؟

في زمنٍ تقود فيه الهواتف الذكية السلوك اليومي، لم تعد كاميرات الهواتف أداةً للتوثيق فحسب، بل غدت نافذةً يتسلل منها البعض لاصطياد خصوصيات الآخرين دون أدب الإذن. أصبحت المجالس العامة، والمناسبات العائلية، وحتى اللقاءات العفوية معُرضة لعدساتٍ لا تعرف التردد عن تصوير الآخرين والنشر، متجاهلين أن ما يفعلونه قد يُعتبر هواية الصيد لا التوثيق.

التطفّل الرقمي: ظاهرة تثير الانزعاج الاجتماعي

التطفّل الرقمي لم يعد مجرد تجاوز فردي، بل غدا ظاهرة تثير الانزعاج الاجتماعي الواضح. عبر عنها عدد من الأسماء المعروفة، منهم الكابتن “ماجد عبدالله”، الذي ظهر في مقطع فيديو يبدي فيه استياءه من شخص اعتقد أنه يتكلم معه دون توثيق، ليتفاجأ بنشر تفاصيل ما دار بينهم دون إذن. كذلك الشاعر “سفر الدغيلبي”، الذي أبدى امتعاضه من التصوير المفاجئ دون إذن في مقطع متداول.

عواقب التصوير العشوائي

أظهرت مقاطع مصورة ظهور رواد مجالس ومناسبات في أوضاع محرجة، تارة وهم يمضغون الطعام وأخرى ترصد “فلتان ألسنتهم” وقد تم تصويرهم دون علمهم. أكد أحد الحضور أن البعض يمنعونه من التصوير العشوائي وعليه الاستئذان أولاً. يبرز هنا أن هذا التصرف لا يُعدّ انتهاكًا للخصوصية فحسب، بل يمكن أن يؤدي إلى عواقب قانونية.

العقوبات القانونية للتصوير دون إذن

ينص البند 19 من لائحة الذوق العام على أن تصوير الأشخاص بشكل مباشر دون استئذانهم عقوبته الغرامة ألف ريال، وعند تكرر المخالفة تكون الغرامة ألفي ريال مع إلغاء الصور. كما نص نظام الجرائم المعلوماتية على أن المساس بالحياة الخاصة أو ما في حكمها والتشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم يعد جريمة معلوماتية تستوجب السجن الذي قد يصل لعام وغرامة تصل لنصف مليون ريال.

أهمية احترام الخصوصية في التصوير

يؤكد المتخصص في الإعلام والاتصال الأكاديمي “رضا الحربي” أن ظاهرة التصوير العشوائي في المجالس والمناسبات الاجتماعية تفتقر لأبسط قواعد الذوق الاجتماعي والوعي الإعلامي. من الناحية الأخلاقية، لا يجوز لأي شخص تصوير مناسبة ما لم يكن له دور تنظيمي أو صلة مباشرة بصاحب المناسبة، والاستئذان المسبق من أصحاب الشأن ضرورة لضمان احترام خصوصية الحضور.

تأثير التصوير العشوائي على الأفراد والمجتمع

تؤكد الأخصائية الاجتماعية “آمال عبدالقادر” أن الخصوصية من القيم الاجتماعية المهمة، وأن التصوير دون إذن يعد انتهاكًا مباشرًا لخصوصية الآخرين. يمكن أن يؤثر هذا التصرف على الكبار والأطفال على حد سواء، حيث قد يشعر الأفراد بالإحراج أو الإحباط نتيجة نشر صورهم دون علمهم. تدعو “عبدالقادر” إلى ضرورة توعية المجتمع بخطورة هذه الممارسات، خاصة مع سهولة النشر الواسع في منصات التواصل الاجتماعي، والتأكيد على أهمية الاستئذان واحترام مشاعر الآخرين.

قواعد اتيكيت التصوير

يضع خبراء في اتيكيت التصوير قواعد عامة يجب الاقتداء بها، من بينها طلب الإذن دائمًا قبل التصوير، واحترام الخصوصية والثقافات المحلية، وتجنب التصوير في الأماكن الحساسة أو العسكرية، واحترام رغبات الآخرين إذا رفض أحدهم التصوير.

الخلاصة

التصوير العشوائي في المناسبات العامة ليس مجرد توثيق للحظة عابرة، بل يمكن أن يكون انتهاكًا للخصوصية ويسبب إزعاجًا اجتماعيًا. من الضروري احترام خصوصية الأفراد والالتزام بالقواعد القانونية والاجتماعية للتصوير. يجب على الأفراد أن يكونوا واعين بعواقب أفعالهم وأن يتحلوا بالاحترام والتفكير في العواقب قبل نشر أي محتوى. بهذه الطريقة، يمكننا تعزيز ثقافة احترام الخصوصية وتشجيع سلوكيات إيجابية في المجتمع.

شاركها.
اترك تعليقاً