تشهد عمليات الدمج والاستحواذ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا انتعاشاً ملحوظاً، تبرز فيه كل من الإمارات والسعودية ومصر كلاعبين رئيسيين، ورغم التحديات الاقتصادية العالمية، مثل تباطؤ النمو وارتفاع أسعار الفائدة والتوترات الجيوسياسية والتضخم، فإن أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تظهر مرونة ونمواً في قطاع الدمج والاستحواذ.

وأكد بنك ستاندرد تشارترد أن الإمارات تعتبر محركاً رئيساً لنمو عمليات الدمج والاستحواذ في المنطقة، حيث استحوذت على الحصة الأكبر من الصفقات خلال العام الماضي، والنصف الأول من العام الجاري، متوقعاً أن تواصل دبي وأبوظبي طرح الأصول الاستراتيجية المملوكة للدولة للاستثمار، لتسريع نشاط سوق الأوراق المالية، وجذب رؤوس أموال جديدة من القطاع الخاص.

وقال محمد سلامة الرئيس التنفيذي الإقليمي للخدمات المصرفية للشركات التجارية والمؤسسات المالية والحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ستاندرد تشارترد، في تصريحات لـ «البيان»، «إنه بينما بدأ الربع الأول من عام 2023 بنشاط بطيء إلى حد ما، ارتفعت قيمة عمليات الدمج والاستحواذ الصادرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال الربع الثاني من العام، ليشكل عدد الصفقات المعلن عنها في المنطقة خلال النصف الأول من العام، ثاني أكبر عدد من الصفقات منذ أن بدأت مؤسسة ريفينيتيف في الاحتفاظ بالسجلات في عام 1980، فيما تعتبر صفقات الدمج والاستحواذ في الإمارات والسعودية، هي الأكبر في المنطقة».

الفرص العالمية

وأفاد سلامة «لقد قامت أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخاصة اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، بزيادة احتياطاتها في ظل ارتفاع إيرادات النفط والغاز، وهي على وشك أن تشهد المزيد من أنشطة الدمج والاستحواذ، لا سيما في دول الإمارات والسعودية ومصر، والتي شهدت معدلات نمو مرتفعة خلال العام الماضي». وتابع «ومن المرجح أن تنخفض مساهمة قطاع النفط والغاز (بالنظر إلى تخفيضات إنتاج أوبك +)، في نمو الناتج المحلي خلال عام 2023، ومع ذلك نتوقع استمرار الزخم في القطاعات غير النفطية، وذلك وفقاً لأحدث التوقعات العالمية لستاندرد تشارترد، ومع تدفق رأس المال، تتطلع صناديق الثروة السيادية في الإمارات والسعودية وقطر والكويت، إلى الفرص العالمية، مستفيدة من الشركات الكبرى ذات القيمة المنخفضة.

محركات النمو

وقال سلامة أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تستعد لارتفاع ملحوظ في أنشطة الدمج والاستحواذ بمعدلات نمو تفوق المعدل العالمي، مع وجود مجموعة من العوامل التي تدفع هذه الزيادة المتوقعة، أهمها:

– النمو الاقتصادي والمرونة: أظهرت أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخاصة اقتصادات الخليج، نمواً اقتصادياً ملحوظاً، ففي عام 2022، شهدت كل من الإمارات والسعودية ومصر نمواً كبيراً، والجدير بالذكر، أن اقتصادات هذه الدول تمتاز بالمرونة التي تساعد في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، الأمر الذي يجعل من المنطقة وجهة جذابة للاستثمار وعمليات الدمج والاستحواذ. ومن المتوقع أن تكون الصورة الاقتصادية الكلية لعام 2023 إيجابية، فقد نما اقتصاد السعودية بنسبة 1.1 % في الربع الثاني من عام 2023، مدعوماً بالأنشطة غير النفطية، بينما ارتفع الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في أبوظبي بنسبة 6.1 % في الربع الأول، وشهدت دبي ارتفاعاً بنسبة 2.8 % خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، وفقاً لأحدث البيانات الحكومية المتاحة.

وبعد تجاوز نمو الاقتصاد العالمي في عام 2022، من المتوقع أن تتوسع اقتصادات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بنسبة 2.5 % في عام 2023، و3.2 % في عام 2024، وفقاً لصندوق النقد الدولي.

– طفرة في السلع الأساسية: استفادت اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخاصة دول الخليج، من ارتفاع إيرادات النفط والغاز، حيث حافظ برميل النفط على سعر يتعدى 75 دولاراً للبرميل لفترة طويلة.

– تغييرات هيكلية لتحفيز تدفق عمليات الدمج والاستحواذ: لقد أدت مبادرات التنويع الاقتصادي والاستثمارات الكبيرة في بناء قطاعات جديدة، مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة والتجارة الإلكترونية، وتحديث الموانئ والخدمات اللوجستية والرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية، إلى نمو اقتصادي شامل في المنطقة، هذا بالإضافة إلى تطبيق أنظمة الضريبة المضافة، ومبادرات الحوكمة التي وصلت للمستويات العالمية، الأمر الذي يخلق فرصاً عديدة لقطاع الدمج والاستحواذ.

– الخصخصة: إن المحرك الرئيس لنشاط الدمج والاستحواذ في اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هو التركيز على الخصخصة داخل دول منطقة التعاون الخليجي، فقد تم إعداد العديد من الشركات المملوكة للدولة للإدراج العام، أو المهتمة بتأمين حصص من القطاع الخاص والشركات العالمية.

ولا بد أن يؤدي إطلاق قطاعات جديدة، بما في ذلك الطاقة المتجددة، والتجارة الإلكترونية، والتصنيع عالي التقنية، والخدمات اللوجستية، إلى وصول فاعلين جدد، وتتطلع الحكومات أيضاً إلى تسليم زمام عدد من الكيانات المملوكة للدولة للقطاع الخاص على نموذج التملك والتشغيل.

والجدير بالذكر، أن السعودية قد عرضت 140 مشروعاً للاستثمار ومبيعات الأصول والشراكات في 17 قطاعاً، بما في ذلك الرعاية الصحية والطيران، وهناك 300 مشروع آخر قيد التقييم، وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تواصل دبي وأبوظبي طرح الأصول الاستراتيجية المملوكة للدولة للاستثمار لتسريع نشاط سوق الأوراق المالية، وجذب رؤوس أموال جديدة من القطاع الخاص.

– رؤية استراتيجية بعيدة المدى: تبحث الهيئات الحكومية الكبرى في المنطقة عن استثمارات استراتيجية، تتضمن الدمج العمودي، وجذب المعرفة لتوطين القطاعات الاقتصادية.

5 تريليونات دولار

وقال سلامة إن حجم ثروة الصناديق السيادية وصناديق التقاعد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يقدر بحوالي 5 تريليونات دولار، تُستثمر داخل المنطقة وعلى مستوى العالم في جميع فئات الأصول، بما في ذلك الأسهم العامة والدخل الثابت والملكية الخاصة والعقارات والبنية التحتية.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.