تفوقت الإمارات عالمياً في السباق نحو استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال 2023، وحافظت الدولة على مكانتها في جذب مشاريع الاستثمار الأجنبي الجديدة، التي نمت 28 %، مقارنة مع 2022، مسجلة ثاني أعلى زيادة بعدد المشاريع الجديدة على المستوى العالمي، بعد تصدر الولايات المتحدة، وفقاً لمنظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد».

وقادت الإمارات دول منطقة غربي آسيا في ازدهار تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث ارتفعت في غربي آسيا 2%، مدفوعة بما تملكه الدولة من مقومات جذب عالمية، من بنية تحتية متطورة، ومنظومة تشريعية عززت من تدفق الاستثمار المباشر، وكذلك نظام تأشيرات يعد الأفضل عالميا، فضلاً عن موقع الدولة الجغرافي، الذي جعل من الإمارات محط أنظار العالم في التجارة والخدمات اللوجستية والطاقة.

تشريعات جديدة

وأصدرت الإمارات باقة من التشريعات والقوانين المحفزة للأعمال والداعمة للشركات، بما يرسخ جاذبيتها للتدفقات للاستثمارات الأجنبية، مع خطط مبكرة لتنويع الاقتصاد بعيداً عن الطاقة، ما أطلق العديد من الفرص الواعدة في القطاعات المختلفة.

وعلى مدى الـ 15 عاماً الماضية أجرت الإمارات العديد من التعديلات على قوانين الشركات والاستثمار، بهدف توفير منظومة تشريعية متطورة ومبتكرة قادرة على جذب مختلف رؤوس الأموال الأجنبية، وتضمنت أبرز تعديلات قانون الاستثمار إمكانية التملك الكامل للشركات

100 % للمستثمرين الأجانب، وفي كافة المناطق الحرة البالغ عددها 40 منطقة بالدولة، كما فتحت الدولة مجالات الاستثمار في غالبية الأنشطة الاقتصادية أمام الأجانب؛ فيما استثنى القانون عدداً محدوداً من الأنشطة ذات الأثر الاستراتيجي.

كما يمكن تملك كافة الأشكال القانونية للشركات، مثل الشركات المساهمة العامة، والمساهمة الخاصة، وذات المسؤولية المحدودة، وشركات التوصية البسيطة، والتضامن، ومن بين التعديلات الجوهرية عدم اشتراط وجود وكيل مواطن، وسيطرة المستثمرين على مجالس الشركات المساهمة، كما لا يشترط القانون حداً أدنى لرأس المال.

ووفقاً للقانون الاتحادي 32 لسنة 2021 بشأن الشركات التجارية تسمح الإمارات للمستثمرين الأجانب بتملك كافة الأشكال القانونية للشركات التجارية، ولا يشترط قانون الشركات التجارية بأن يكون رئيس مجلس الإدارة أو غالبية أعضاء مجلس الإدارة من المواطنين، ما يمنح الأجانب الحق في السيطرة الكاملة على حصصهم في الشركات، ما لم ينص أي مرسوم أو قرار على خلاف ذلك، ما يرسخ مبدأ تنافسياً مهماً وهو عدم تقييد جنسية أعضاء مجلس الإدارة كشرط لأن يكونوا أعضاء في مجالس إدارات الشركات المساهمة، وترك تنظيم هذا الأمر لما يقرره مساهمو الشركة.

تغيير جذري

وحملت مواد القانون الاتحادي 32 لسنة 2021 بشأن الشركات التجارية، الذي دخل حيز التنفيذ في يناير 2022، العديد من التغييرات والتحديثات الجوهرية وغير المسبوقة، والتي وصفها مستثمرون ورجال قانون بمثابة تغير جذري في القواعد، ودفعة قوية لترسيخ انفتاح مناخ الأعمال في الدولة، بما يدعم تنافسية الاقتصاد الوطني وديناميكية بيئة الأعمال، وتوفير بيئة استثمارية حيوية ومتطورة، تمكن المستثمرين من تنفيذ مشروعات حيوية للاقتصاد وزيادة استقطاب الشركات الأجنبية وتحفيز الاستثمارات المحلية، وجذب الاستثمارات الخارجية إلى القطاعات الاقتصادية بالدولة.

ضريبة تنافسية

وتفرض الإمارات ضريبة دخل تنافسية على الشركات تبلغ 9% على الشركات، التي تدر ربحاً يتجاوز 365 ألف درهم (100 ألف دولار) سنوياً، وتعتبر النسبة ضمن الأقل عالمياً، بحسب وزارة الاقتصاد، كذلك، استحدثت الإمارات إقامة ذهبية للمستثمرين، وسهولة التعاقد مع العمالة المهنية، وتعرفة جمركية منخفضة، إلى جانب الحوافز للقطاع الصناعي.

حوافز استثمارية

ورسخت الإمارات جاذبيتها للاستثمار الأجنبي المباشر، خلال السنوات القليلة الماضية، عبر إضافة العديد من المزايا والحوافز الاستثمارية، التي أسهمت في تعزيز مكانة الدولة في خريطة الاستثمار العالمية وتبوؤها مراتب متقدمة، ضمن أفضل وجهات عالمية جاذبة للاستثمار الأجنبي.

وشجع التنافس العالمي الإمارات على تقديم أكبر قدر من التسهيلات للمستثمرين الأجانب، ما يصب في صالح المستثمرين الأجانب داخل الدولة. وأصبحت الإمارات مركزاً تجارياً أساسياً عالمياً، كذلك وجد أثرياء العالم في الإمارات وجهة للاستثمار واستئناف أنشطة الأعمال في بيئة مستقرة، تقع في قلب العالم وقريبة من أسواق آسيا وأوروبا وأفريقيا.

صدارة إماراتية

وسجلت الاستثمارات الأجنبية في الإمارات ثاني أعلى زيادة بعدد المشاريع الجديدة على المستوى العالمي 2023، كما تسهم بشكل مباشر في دعم الاقتصاد المحلي للدولة خاصة بعد أن حققت نجاحاً ملحوظاً في تنفيذ مشاريع عملاقة في قطاعات العقارات والبنوك والصناعة والتجارة والتكنولوجيا والنفط والغاز والبنية التحتية داخل الدولة، لا سيما دبي.

ووفق بيانات «فايننشال تايمز – إف دي آي ماركتس» حول أسواق الاستثمار الأجنبي المباشر حققت دبي إنجازاً عالمياً مهماً باحتفاظها بمكانتها كأفضل وجهة عالمية لاستقطاب مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر الجديدة، حيث استقطبت 511 من هذه المشاريع في النصف الأول من 2023، لتواصل دبي نجاحها بإرساء معايير جديدة للأداء في استقطاب الاستثمارات في العالم، متفوقة على سنغافورة صاحبة المركز الثاني بواقع 325 مشروعاً.

وخلال النصف الأول من 2023، بلغت حصة دبي من استقطاب هذه المشاريع الجديدة عالمياً 6.58%، أي أعلى بنحو 3.83% عن النتائج المسجلة في الفترة نفسها من 2022.

وبحسب بيانات الاستثمار الأجنبي في دائرة الاقتصاد والسياحة واصلت دبي استقطاب مشاريع الاستثمارات الأجنبية المباشرة القائمة على التكنولوجيا المتوسطة وعالية الجودة، وتلك القائمة على التقنيات البسيطة بالنصف الأول العام الماضي، والتي وصلت إلى 63%،و37% على التوالي بشكلٍ مشابه لمعدلاتها المسجلة العام 2022.

وتُظهر البيانات أن النسبة الأكبر من مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في دبي تعتمد على التكنولوجيا المتوسطة وعالية الجودة.

وتتمتع الإمارات ببيئة أعمال مثالية للمستثمرين ورواد الأعمال، كما توفر مرافق البنية التحتية الممتازة، مدعومة بالخبرات المهنية والخدمات الشخصية، التي تعطي الدولة ميزة تنافسية على دول أخرى، وتحتل الدولة المرتبة 16 على مستوى العالم في سهولة ممارسة الأعمال، وفقاً لتقرير البنك الدولي 2020.

44 منطقة حرة

وتقدم الإمارات للمستثمرين أكثر من 44 منطقة حرة واستثمارية متعددة التخصصات، وتتسم هذه المدن ببنيتها التحتية عالية الكفاءة وبخدماتها المتنوعة والمتميزة، التي تسهل سير أعمال الشركات، ما يوفر الوقت والجهد على المستثمرين، ويسمح فيها لغير الإماراتيين بالملكية الكاملة للمشاريع وبنسبة 100%.

وفي 2024 حلت الإمارات في المركز 22 عالمياً، والأول عربياً وإقليمياً على مؤشر الحرية الاقتصادية، الذي تصدره مؤسسة «هيرتاج فاونديشن».

جاذبية اقتصادية

وأكد رؤساء شركات استثمارية أجنبية عاملة بالدولة أن الإمارات من أكثر الوجهات المفضلة للمستثمرين، لا سيما دبي، حيث توفر بيئة أعمال مثالية للعيش والاستثمار، خاصة في ظل توفر الأمن والأمان والاستقرار، ما يعزز الجاذبية الاقتصادية للدولة.

 

نماذج مبتكرة

وقال علي شبدار، المدير الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لشركة «زوهو»، وهي شركة تكنولوجيا عالمية مقرها دبي: «نؤمن بأن النهج الذي تتبعه القيادة الرشيدة بالإمارات يسهم في تعزيز التطور الاقتصادي للدولة ونموها من خلال زيادة الاستثمارات الأجنبية وتعزيز الابتكار وتشجيع ريادة الأعمال».

وأضاف علي شبدار: «تعتبر دبي سباقة في تبني نماذج عمل مبتكرة في إطار أجندتها الوطنية للتحول إلى اقتصاد تنافسي قائم على المعرفة، وقد اتخذت الإمارة العديد من الخطوات على مر السنين لدفع عجلة تطور القدرات التكنولوجية واقتصادها المعرفي، إلى جانب العديد من المبادرات لتحويل المدينة إلى أذكى مدينة في العالم، وقد أسهم تنويع مصادر الدخل والاهتمام بالتقنيات الذكية وتطبيق السياسات المالية الرشيدة في استقطاب مزيد من الاستثمارات لتصبح الإمارة وجهة لكبرى الشركات العالمية، مما عزز من مكانة الإمارة وقوتها الاقتصادية».

 

رؤية استراتيجية

وقال بهارات باتيا، الرئيس التنفيذي لشركة «كوناريس» للصلب، أكبر منتج للحديد ضمن القطاع الخاص في الإمارات: «تتبنى القيادة الرشيدة بالدولة رؤية استراتيجية جديرة بالثناء قائمة على النمو الاقتصادي، حيث تتماشى هذه الاستراتيجية مع أهدافنا المتمثلة في تعزيز قطاع الصلب والتصنيع بالدولة، كما أن تركيز الحكومة على تطوير البنية التحتية يُعد بمثابة محفز إيجابي لصناعتنا، بما يسهم في تعزيز حجم الطلب على منتجات الصلب في الدولة، ويؤدي إلى خلق فرص كثيرة لنا للتوسع العالمي».

وأكد أن التزام الدولة بتعزيز الابتكار والتكنولوجيا ودعم الاستدامة يواكب مساعينا لتعزيز عمليات إنتاج الصلب المستدام.

وأضاف بهارات باتيا أنه بشكل عام فإننا ننظر إلى استراتيجية النمو، التي تعتمدها الحكومة باعتبارها خطوة بناءة نحو تحصين أسس المشهد الصناعي والاقتصادي في الدولة، كما أنها تسهم في تشجيع كبرى الشركات حول العالم على اتخاذ دبي مقراً لها، وتحفيز الاستثمارات الواردة بما ينعكس إيجاباً على زيادة وتيرة المشاريع الإنشائية، ويصب في مصلحة جميع الأطراف المعنية ضمن مختلف القطاعات، بما في ذلك صناعة الحديد الصلب في الإمارة.

 

نهج شامل

وأفاد عبد الجبار بي بي، العضو المنتدب لمجموعة «هوتباك»، المتخصصة في حلول تعبئة وتغليف المواد الغذائية ومقرها دبي، بأن البيئة التشريعية لدبي والإمارات عموماً تضع أساساً قوياً للمرونة الاقتصادية والنمو، مع التركيز بشكل ملحوظ على الصناعة والتصنيع، وتعد زيادة الإنفاق الرأسمالي، لا سيما في مشاريع البنية التحتية المتعلقة بالسكك الحديدية والطرق والخدمات اللوجستية خطوة إيجابية ومشجعة للشركات ضمن القطاع الصناعي الخاص.

وأضاف أن النهج الشامل الذي تتبعه الحكومة الإماراتية يسهم في تعزيز الابتكار والتكنولوجيا، كما أن التركيز على الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC) كمبادرة استراتيجية يبشر بتحويل ديناميكيات التجارة وتعزيز التنمية الاقتصادية، من خلال تعزيز الترابط والاتصال بين الإمارات والعالم، وبشكل عام، تعكس رؤية القيادة الرشيدة الالتزام بتحقيق التقدم من خلال دعم القطاعات الحيوية مثل الصناعة للوصول إلى مستقبل اقتصادي مستدام ومزدهر للدولة».

استراتيجية طويلة

وقال الدكتور مصطفى الجزيري، المدير التنفيذي في منطقة الخليج العربي والشرق الأدنى وباكستان لشركة «هيتاشي إنرجي»: «تتبنى دبي استراتيجية نمو طويلة الأمد تسهم في تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والارتقاء بالبيئة التشريعية الجاذبة، التي تتمتع بها دبي، بما يتيح للشركات الأجنبية كافة ضمن القطاع الخاص تعزيز التعاون مع العملاء والشركاء لتمكين مستقبل مستدام للطاقة للأجيال الحالية والمستقبلية».

وتابع: «تسهم اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة، التي تبرمها الدولة في زيادة الإنتاجية الإجمالية لاقتصاد دبي وتعزيز حجم الصادرات ورفع الطلب على مشاريع التنمية المستدامة، وبث أجواء التفاؤل في السوق، بما يمهد لمرحلة جديدة من الازدهار لاقتصاد دبي والدولة عامة».

وأضاف الدكتور مصطفى الجزيري: «البيئة التشريعية الداعمة للحكومة تسهم في تمكين الشركات من التكيف والازدهار في وجه التحديات العالمية العديدة، وتشجيعها على مواصلة زخم النمو في السنوات المقبلة».

وأكد أن الدولة تتبنى نهجاً مبتكراً في التعامل مع الذكاء الاصطناعي، وغيرها من التقنيات الناشئة، بهدف تسريع التحول الرقمي وتعزيز الاستدامة ووضعها في صلب عمليات الحكومات من أجل المساهمة في خلق مستقبل أكثر إشراقاً وتعزيز فرص الأعمال.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.