لا تقتصر مفاهيم وأسس القيادة الفذة وفنون الحكم المتفرد في عرف وفكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على السياقات والأطر التقليدية المعهودة، فسموّه قائد وشاعر حصيف مجيد مسكون بقيم الفروسية وجواهر المعاني، ترتوي إبداعاته ورؤاه القيادية والأدبية من معين عقل راجح وذهن متنوّر.

وتغتذي من روح حكمته ودرره المعرفية، ومن ذهب الثقافة والأصالة اللتين يتميز بهما شخصه الكريم. إذ كيف لا يفعل سموه وهو الفارس الأمين والشاعر المتفرد المتيم بمجتمعه والمشغول بمسائله وبحكاياته..

وكذا الكاتب والمبدع البارع الموقن أنه ضمير أمته والمسؤول عن الارتقاء بمستويات ثقافة مجتمعه، لرفد مسارات نمائه المستدام ونشر قيم الخير والجمال والمحبة والعطاء والتسامح والتعايش، ذلك بموازاة بلوغ أرفع منازل الريادة والنجاح في شتى حقول الحياة.

هكذا، وفي ضوء هذه الرؤية، صاغ فارس العرب قصة فرادة دبي.. وهكذا صنع حكاية تميزها وصدارتها، حيث عرف مبكراً أن زاد المعرفة خير ذخر لبلوغ آفاق لا سابق لها، فعمد إلى نشر أنوارها بكل ما استطاع من جهد وإمكانات، إذ أطلق المبادرات الثقافية والفكرية والإبداعية المتنوعة، واحدة تلو الأخرى، كي تكون رافعات خلاقة لمشوار النهوض بمجتمعه وبأمته.

وقد تُوجت جهود سموه في السياق، بوافر الحصاد المتميز وبتأهيل خامات أجيال موهوبة متمكنة ثقافياً وتحوز مهارات نوعية، إلى جانب تمهيد دروب لقاء وحوار الحضارات وتناغمها على أرض دبي وفي دولة الإمارات، بوجه مثالي، ناجع ومؤثر. وبطبيعة الحال، اقتدى وتمسك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في مسارات عمله الفكري والثقافي في الصدد، بمناهج تطوير وتحسين متجددة، مرماها التكيف مع المتغيرات ومواكبة المستجدات والتأسيس لبيئات عمل ثقافي وإبداعي يحصن ريادة دبي.

ويكرس تفوقها في حقول العمل والإبداع كافة لتبقى جوهرة المبدعين الأثيرة والواحة الفكرية المفضلة في أصقاع المعمورة. وبناء على هذا التوجه والاعتبارات، واصل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، إطلاق المبادرات وإصدار القرارات والمراسيم، كي يجعل الإبداع والتمكين المعرفي والفكري، صيغة ودستور حياة راسخين في دبي، وأيضاً في الإمارات وعالمنا العربي أجمع.

وهو ما يتجلى في مجاميع مشروعات فكرية وقرائية وإبداعية شكلت محاور خصبة لإطلاق أنوار المعارف في المعمورة، وأسهمت قبل ذلك، في تعزيز منزلة دبي الرفيعة بوصفها وجهة عالمية للإبداع والمبدعين، والنبع الذي يلهم المثقفين والفنانين.. والواحة التي توجّه وتقود قصص الإبداع في عالمنا.

أديب متنور ديدنه التسامح

لا يغادره الشغف بروح القصيد والتعلق بجواهر المعاني، وكذا بصنوف المعارف وثمار الفكر. تلك هي العناوين الأبرز لشخص قائد مثقف وملهم هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، فارس الكلمة وسيد الفِعال وحامي القيم وذخر الإبداع، وصديق الكتّاب والناصر للثقافة ولأهليهما.

هكذا هو سموه.. وهكذا يحبذ ويريد أن يكون.. فأمجاد الشعر وفروسية الفعال وتميز الإنجازات والتمسك بالأصالة وصون جذوة الخير وترسيخ التعايش وتعزيز لقاء الثقافات، ديدنه وهاجسه الذي لم يحد عنه يوماً، والذي ترجمه أيضاً، بموازاة أعماله وممارساته ومشروعاته الحياتية، عبر قصائد عذبة حافلة بالدرر تحكي رفعة مناقب سموه، وتسرد فرادة أمجاد قادة الإمارات وأبنائها، كما أنها تعرض بصورها الجاذبة الرقيقة، قصص المكان وسيره ومفرداته.

ومن بين دواوينه الشعرية: ديوان «زايد»، خيلي الأولى، 40 قصيدة من الصحراء. وأما على صعيد الإصدارات الثقافية والفكرية فأغنى سموه المكتبة العربية بباقة مؤلفات غاية في التميز والقيمة المضمونية، أثرت وتثري الحراك الثقافي المحلي العربي وتلهم الناس، وتقدم دروساً نيرة للجميع في حقول فنون القيادة وسبل النجاح والتميز والإنجاز والريادة، ومن بينها: «رؤيتي»، «قصتي.. 50 قصة في خمسين عاماً»، «ومضات من فكر»، «سباق الأقوياء»، «تأملات في السعادة والإيجابية»، «رؤى فلسفية في الفكر والقيادة».

ونتبين أيضاً، أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، شديد الحرص على لقاء المثقفين والمفكرين والكتاب والفنانين، من الإمارات ومن العالم العربي ومن شتى أصقاع المعمورة، بهدف الحوار معهم وبحث المسائل الثقافية والفكرية المتنوعة.

وكذا الاطلاع على حاجياتهم وسبل دعم الكلمة والإبداع ليؤديا دوريهما المجتمعي والإنساني بجدارة. ومن الأمثلة البارزة في الخصوص، لقاؤه في 2013، بمكتب سموه في أبراج الإمارات، الكاتب الصحفي والمفكّر المصري الراحل، محمد حسنين هيكل. إضافة إلى لقائه في 2011، نخبة من الكتّاب والأدباء العالميين المبدعين المشاركين في مهرجان طيران الإمارات للآداب في دورته الثالثة، في «دبي فيستيفال سيتي».

ولا يغيب عن الذهن أيضاً في الصدد، ذلك الحوار الفكري الشهير بين صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد والروائي العالمي، البرازيلي، باولو كويلو، عبر رسائل فكرية تبادلها سموه مع كويلو، تمحورت حول المعرفة والقراءة والكتاب، اتفقا خلالها على أن الكتاب هو الدواء لمعالجة أزمات المجتمعات، وأن صناعة المستقبل لا يمكن أن تتم إلا تحت ظلال الكتاب. وقد هنأ كويلو سموه في رسالته، بالإنجاز المعرفي النوعي المتمثل بـ«تحدي القراءة العربي».

مناهل ثرة للريادة الثقافية والإبداعية

رسمت دبي في مسيرة نهضتها، منذ بدايات انطلاق مشروعها الحضاري والإنمائي في القرن الفائت، من ملامح ريادتها في اجتراح المبادرات الإبداعية والتنويرية المعرفية التي ارتوت واغتنت في محطاتها ومراحلها المفصلية من مخزون جواهر الفكر المتنور والذخر المعرفي لدى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد.

حيث واكبت صنوف هذه المبادرات بأشكالها، سياقات ومشروعات التطوير والتنمية الاقتصادية والمجتمعية والصناعية الشاملة في الإمارة. وبطبيعة الأمر، استمر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ينمي ويطور مضامين مبادراته الثقافية والإبداعية لتبقى محاكية ومتناغمة مع روح العصر، ولتكون مكينة حصينة وفاعلة في تدعيم قيمة دبي ورسوخها حاضرة عالمية مبدعة رائدة تهواها الأفئدة جميعاً، وتروم الإقامة بها، والاستقاء من تجاربها ومناهلها الإبداعية والمعرفية.

وفي هذا السياق، كان لإصدار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عام 2008، قانون إنشاء هيئة الثقافة والفنون في دبي، كبير الأثر في مأسسة وتجويد منطلقات ومحتوى العمل الثقافي والبناء على ما تحقق بأنساق عمل عصري ممنهج خلاق، ذلك غاية تقوية بنيان مكانة دبي الإبداعية، وجعل مستويات الحراك الثقافي فيها محكومة بمعايير وخريطة طريق وعمل، مبتكرة مثمرة.

وقد أفلحت «دبي للثقافة» بقيادة سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، عضو مجلس دبي، في تلقف رؤية سموه تلك، فترجمت مفاعيلها ببرامج اشتغال نوعية أصبحت تبدع في ضوئها، وطبقاً لمحددات قانون إنشائها، في قيادة وإقرار وتجويد مستويات البرامج والفعاليات والأنشطة الثقافية والتراثية والفنية.

وكذا في رسم سياسات العمل الثقافي ونشر أعطار الإبداع وتكريسه دستور حياة وعمل وتوجه في دبي. وبالطبع، تبرهن النتائج المحققة طوال السنوات السابقة، الأهلية الكبيرة والجدارة النوعية للهيئة.

ذلك إسهامها المؤثر في مساعي ومشروع تقوية وتحصين مكانة دبي بيتاً وواحة لجميع المبدعين في عالمنا من خلال منظومات عمل مدروس لديها ومن بينها: الإقامات طويلة الأجل «الإقامة الذهبية»، موسم دبي الفني الذي يضم تحت مظلته فعاليات كثيرة، من أبرزها:

آرت دبي، الحدث الفني العالمي الرائد في الشرق الأوسط، الذي يحتضن قصص الإبداع العالمية، ويحفز المواهب، ويرسخ لعب الفنون في حياة المجتمعات أدواراً إيجابية بناءة. وقد بات المعرض المنصة العالمية الرائدة للفن والفنانين المشاركين من منطقة الشرق الأوسط والجنوب العالمي. ولا شك أن «آرت دبي» يستمد قدرته على التقدم والريادة الدائمة، من أسس وعوامل عديدة، جوهرها دعم ومتابعة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد وزياراته لفعالياته.

وقد كان لـ«آرت دبي» كبير الأثر خلال العام 2023 في تقوية مكون الاقتصاد الإبداعي للإمارة، حيث وفرت عائدات نسخة المعرض للعام 2023، والتي عُقدت في الفترة 1-5 مارس الماضي، 142.9 مليون درهم، بمشاركة ما يتعدى الـ100 صالة من أكثر من 40 دولة وست قارات. كذلك تنظم دبي للثقافة مجموعة مشروعات إبداعية مهمة، أخرى، من أهمها: «سكة للفنون والتصميم»، «ملتقى تعبير الأدبي»، مهرجان دبي لمسرح الشباب، مهرجان دبي لموسيقى الشباب، مهرجان المرموم.. فيلم في الصحراء.

كما عزز ورفد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، منظومات العمل الثقافي والإبداعي في دبي، بمجموعة مؤسسات ومبادرات نوعية، تشارك بدورها بالنهوض بمسؤوليات العمل المعرفي والثقافي وفق صور ومعايير فريدة، مشكلة نقاط إلهام وإبداع نيرة، وعلى رأسها مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، والتي انطلقت في مايو 2007م.

وأعيدت هيكلة إدارتها في الذكرى السادسة لتأسيسها، حيث إنها أطلقت في مايو 2013 العديد من المبادرات المعرفية النوعية المجدية في خطط وتوجهات عملها المنصبة على تمكين الأجيال المستقبلية وإثراء مهاراتها لابتكار حلول مستدامة؛ ومن بين أبرز هذه المبادرات والمشروعات:

جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، والتي أُنشئت بموجب مرسوم أصدره صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في عام 2015، بهدف تشجيع المعنيين والعاملين في مجال المعرفة وتحفيزهم على الإبداع والابتكار في تطوير مسارات نقل ونشر وإنماء المعرفة حول العالم. ومن بين المشروعات الإبداعية الإضافية للمؤسسة: تحدي الأمية، بالعربي، برنامج دبي الدولي للكتابة.

وأيضاً، لم يغفل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، في مشروعاته ورؤاه الثقافية والإبداعية، عن مواصلة رفد ندوة الثقافة والعلوم، بكل صنوف الدعم والإلهام والتمكين، لتبقى حاضرة في دورها تعكس جواهر الأصالة في مسيرة دبي المعرفية والثقافية والإبداعية، ولتستمر بيتاً خلاقاً لجميع المبدعين. كما حرص باني نهضة دبي، على جعل مناهل الثقافة والإبداع في دبي واسعة متنوعة الأشكال والسياقات والتخصصات.. فانبثقت مجموعة مبادرات ومؤسسات متنوعة، رائدة، ومن بينها مؤسسة الإمارات للآداب.

والتي تمثل جسراً حيوياً للقاء وتقارب الثقافات، إذ رأت النور رسمياً في 2013 بموجب مرسوم أصدره صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. ويتمثل أبرز فعالياتها، بمهرجان طيران الإمارات للآداب، الذي يجمع، سنوياً، في واحات دبي الفكر والإبداع، أدباء العالم المبرزين، ليتناقشوا ويتحاوروا ويقدموا المنفعة والمعرفة والنصيحة للقراء، ويطرحوا أهم الآراء النافعة والمثمرة في مشوار رفاه وسعادة وسلام البشرية..

بموازاة تقوية ركائز تواصل الثقافات وتعايش الدول ونشر السلام والمحبة. وهناك أيضاً، مجموعة مؤسسات ومراكز متنوعة، رفد سموه بها مكونات العمل الإبداعي في دبي، ومنها: حي دبي للتصميم الذي أطلقه سموه في يونيو 2013، وغدا حالياً، وجهة عالمية مؤثرة في سياقات تعزيز الصناعات الإبداعية والابتكار في مجالات التصميم المستدام الخلاق.

اقتصاد دبي الإبداعي.. جواهر وقصص

أدرك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، منذ وقت بعيد مضى، أهمية التركيز على مسارات الاقتصاد الإبداعي وجعله ركيزة أساسية لاستقرار المجتمع ونمائه، بجانب دوره في رفد مكون غنى الحراك الثقافي وإحكام أهمية العمل الإبداعي في مسارات التقدم المجتمعي، وتوفير الحياة الهانئة المستقرة للمبدعين.

وانطلاقاً من بعد نظر سموه في الشأن، حرص، مبكراً، على توفير المناخات المثالية في دبي لإطلاق مناخات وخطط العمل المتخصصة بحقول الاقتصاد الإبداعي بوجه يسهم في صوغ أمثل البيئات المحفزة المثمرة في تكوين مفهوم جديد لريادة الأعمال الإبداعية في المنطقة، وقد ترجم وتوّج سموه خلاصات اهتماماته وحرصه ومساعيه في السياق، بإطلاق استراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي، في سنة 2021، والتي تستهدف مضاعفة إسهام القطاع الإبداعي في الناتج المحلي الإجمالي لإمارة دبي، من 2.6 % في نهاية 2020 إلى 5 % بحلول عام 2025.

وتتضمن هذه الاستراتيجية المبتكرة تهيئة البيئة التشريعية والاستثمارية اللازمة لنمو وازدهار القطاع الإبداعي في دبي، وزيادة جاذبية الإمارة للمبدعين والمستثمرين ورواد الأعمال.. بما يسهم في تحويل دبي إلى عاصمة عالمية للاقتصاد الإبداعي.

وقد رفد وقوّى سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، هذه التوجهات، وفي ضوء رؤى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، إذ أطلق سموه في 2012، مشروع منطقة القوز الإبداعية، الذي يمثل مجمعاً إبداعياً متكاملاً يلبي متطلبات المبدعين ورواد الأعمال من أرجاء العالم كافة، الراغبين في الاستثمار في مجالات الاقتصاد الإبداعي المختلفة.

تعزيز أدوار الفنون في حياة المجتمع

إن الدارس والمتأمل لطبيعة توجيهات ومشروعات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، في حقول وفضاءات الإبداع والثقافة، ليجد ويتبين بجلاء مدى تركيز سموه على تقوية دور الفن في تنمية المجتمع وقيمته بوصفه عماد التقدم، وتعزيز القيم الإيجابية والتأسيس لكل ما فيه الخير والمنفعة والفائدة للناس.

وبناء على تلك الاعتبارات، دأب سموه على توفير بيئات مثالية لتنهض مجاميع وأنواع الفن التشكيلي والمفاهيمي، ومعها سياقاتها التقليدية والرقمية جميعاً، بمسؤوليات نشر قيم الخير والمحبة وإغناء مسارات الارتقاء بفكر وذائقة ووعي أفراد المجتمع وبناء أعمدة مستقبل واعد حافل بصنوف التطوير والجمال والقيم ونشر السلام والخير وتعضيد جهود تقارب الشعوب.

ونجد براهين ذلك في كافة ثمار مشروعات سموه التي يعزز معها مكانة الفن في المجتمع، والتي من بين أبرزها مبادرة جعل وتحويل دبي متحفاً مفتوحاً يرفل بصنوف الإبداع الفني المتفرد، حيث أطلق في 2014 مبادرة «دبي تتحدث إليك»..

موجهاً بأن تكون إمارة دبي متحفاً مفتوحاً يبهر العالم، ويبرز التجربة الإنسانية الملهمة التي تقف وراء الإنجازات العديدة المتحققة فيها. وتعتمد فكرة «دبي تتحدث إليك» على تعاون مجموعة من أهم شركات التطوير العقاري الكبرى في دبي، مع عدد من الفنانين والمصممين التشكيليين، ومنحهم حق استخدام باقة من المواقع المتميزة في محيط مشروعاتها العقارية الأبرز في دبي، لتحتضن الأعمال الفنية المتميزة، من رسوم وجداريات ومنحوتات وأعمال تشكيلية عصرية، متنوعة، تعكس روح دبي بكل ما تتفرد به من قيم الجمال والحداثة والإبداع والإلهام والتقارب الفكري والتعايش الإنساني.

وقد مثلت المبادرة باكورة مشروعات «براند دبي» التابع للمكتب الإعلامي لحكومة دبي، إذ إنها أنتجت وتنتج مجموعات روائع فنية، تشكيلية ومفاهيمية ونحتية، تزدان بها واجهات وصروح ومطارح عديدة في الإمارة.

تمكين المبدعات وتحفيزهن

إن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، قائد وشاعر متنور منفتح يعي جيداً دور وقيمة المرأة في حياة المجتمعات وفي الإسهام القوي بمسيرة الإبداع والتطور والعمل الثقافي؛ لذا فإنه لم يدخر أي طاقات وجهود في سبيل دعمها وتمكينها، إلا أن اللافت في الميدان، تركيز سموه البنيوي العميق على الاهتمام بالمبدعات بوصفهن روح المشروع التنموي الإبداعي ونبض الحراك الثقافي المجتمعي الخلاق.. منطلقاً سموه في هذه القناعات التي ترجمها فعالاً ملتزمة، من أصالة القيم التي تربى عليها، ومن بعد رؤيته الاستراتيجية، ومن نظرته الاستشرافية، ومن معين تحصيله الثقافي الثر.

وهو ما أنتج في نهاية المطاف، حضوراً نوعياً ومحورياً للمبدعات والمثقفات الإماراتيات خاصة، وللمرأة بوجه عام، في مسارات الاشتغال الثقافي والإبداعي، إذ يسارع سموه إلى تحفيز ودعم الأديبات والفنانات والشاعرات ورفدهن بأشكال التشجيع، على الدوام، مسجلاً أيضاً إعجابه بالمشروعات والإبداعات المتميزة لديهن.

ومن أمثلة ذلك، إيلاؤه الشاعرة الراحلة عوشة بنت خليفة السويدي، التي أطلق عليها سموه مسمى «فتاة العرب»، كبير الاهتمام، ومواصلته تشجيعها، بجانب الإشادة بإبداعها ودبجه قصائد وردود شعرية متميزة، رداً على مجموعة من قصائدها. كما كرمها عام 1989 وقلّدها وسام إمارة الشعر في عالم الشعر الشعبي. وحين وفاتها، نعاها سموه، وقال في تدوينة عبر حسابه في موقع (إكس): «فقد الوطن رمزاً كبيراً في الأدب والحكمة والشعر.. عوشة بنت خليفة السويدي (فتاة العرب)».

وأضاف: «تركت خلفها كنوزاً من الأدب والشعر ستظل تحكي سيرتها وتحمل ذكراها خالدة في صفحات الوطن». كما أننا نجد مثالاً آخر مهماً يعكس اعتناء صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، في المواظبة على دعم وتشجيع المبدعات اللواتي يقدمن مشروعات وأعمالاً عالية المنزلة مجدية في تقدم ونماء المجتمع، وكذا في صون موروثه، ويتجسد نموذج ذلك في إشادة سموه بمبادرة الدكتورة رفيعة غباش، مؤسسة متحف المرأة في دبي.

حيث بادر، يرافقه سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، إلى زيارة «متحف المرأة» في منطقة الأسواق الشعبية في منطقة الراس بدبي، في شهر ديسمبر من العام 2012، وكتب سموه في سجل الشرف مدشناً «ذاكرة المكان» بكلمة جاء فيها: «لقد أسعدني هذا العمل الوطني الجبار الذي يعكس قدرة بنت الإمارات على الإبداع في شتى مجالات العمل الوطني.

جهد عظيم وإنجاز رائع للدكتورة رفيعة غباش لتعريف بنت الإمارات خاصة، والزوار والسياح عموماً، بتاريخ المرأة الإماراتية المشرف الذي نعتز به حاضراً ومستقبلاً.. إن إحياء تاريخ المرأة هو إحياء لذاكرة شعبنا وهو جزء مهم من تاريخ هذا الشعب. نحن ندعم هذا العمل الخلاق، والله يوفق الجميع لما فيه رفعة وطننا».

الأصالة والهوية .. فخر وحرص

لم يغب أو يخفت، يوماً، وهج حرص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على صون قيم الهوية والأصالة، ذلك جنباً إلى جنب بموازاة تركيزه على المشروعات والرؤى الإبداعية العصرية. ويتبدى ذلك بوضوح في نماذج مبادرات ومشروعات، مستدامة، على رأسها الاعتناء في حماية اللغة العربية.

حيث أطلق سموه جائزة متخصصة «جائزة محمد بن راشد للغة العربية» للنهوض بلغة الضاد ونشرها واستخدامها في الحياة العامة وتسهيل تعلمها وتعليمها. كما أن سموه شديد الاهتمام بتكريس قيمة الموروث وإعلاء قيمة ومكانة المواقع التراثية والأثرية التاريخية كونها تروي وتعرف بغنى تراث دبي وعراقتها، إذ يوجه على الدوام بضرورة صونها وتكثيف البحث ومشروعات التنقيب الأثري، ويقوم بزيارات وجولات مستمرة عليها، ومثلت زيارته في 2020، موقع جميرا الأثري، أحد براهين اهتمامه وحرصه في الصدد.

وقد اكتشف سموه في العام 2002، موقع ساروق الحديد الذي يقع في صحراء الربع الخالي الكبرى إلى الجنوب من إمارة دبي، ويضم آلاف القطع الذهبية والبرونزية والحديدية.. وبقايا الحيوانات والجرار الفخارية.. وغيرها. وافتتح سموه في 2016، متحفاً مخصصاً للموقع «متحف ساروق الحديد»، في منطقة الشندغة في بر دبي.

كما افتتح في العام 2023، مشروع «متحف الشندغة» في دبي بعد إنجاز عملياته التطويرية، إذ يعد أكبر متحف تراثي في الإمارات، ويضم 22 جناحاً تحتضن أكثر من 80 بيتاً تاريخياً متنوعاً يعبر كل منها عن تطور دبي ودولة الإمارات.

ووجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، بتحويل منطقة الشندغة على مساحة 310 آلاف متر مربع، متحفاً مفتوحاً، يعرض قصة دبي الملهمة للعالم، ويسرد إنجازاتها الفريدة بما لها من أبعاد إنسانية وحضارية، مؤكداً سموه أن الحفاظ على موروثنا الثقافي والتاريخي نهج دائم، يعكس التزامنا الراسخ بإبراز قيم الهوية الوطنية والأبعاد الحضارية والإنسانية التي جسّدها أهل الإمارات منذ القِدَم.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.