شهدت مصر قبل أيام افتتاح المتحف الكبير في احتفال عالمي لاقى صدى واسعا، واستقطب حضورا كثيفا من الزوار المصريين والأجانب على مدى الأيام التالية. وقد بلغ الإقبال ذروته يوم الجمعة الماضي، حيث وصل المتحف إلى أقصى طاقته الاستيعابية، مما دفع إدارته إلى وقف استقبال الزوار مؤقتا، ليتجه كثيرون إلى زيارة الأهرامات كبديل. وسط هذا الزخم، انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي صورة لرجل من صعيد مصر يرتدي جلبابا تقليديا، ترافقه زوجته بزي مصري بسيط وعباءة تقليدية.

## جدل الهوية والاعتزاز بالزي الشعبي

أثارت الإعلامية “سمر فودة” جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي بعد تعليق نشرته عبر صفحتها الشخصية انتقدت فيه السماح بدخول زوار إلى المتحف المصري الكبير وهم يرتدون الجلابيب والعباءات، معتبرة أن “صورة الرجل وزوجته في المتحف بالجلاليب ليست مصر ولا تمثلها، فمصر بلد الأناقة وموضتها تسبق باريس”. كلمات فودة، ابنة المفكر الراحل فرج فودة، قوبلت بموجة من الاستياء بين المتابعين الذين اعتبروا أن الجلباب جزء أصيل من الهوية المصرية، بل وأحد رموزها الثقافية والاجتماعية.

### الدفاع عن الجلباب كجزء من التراث

خلال ساعات، تحوّل الجدل حول “الجلابية” إلى عاصفة على مواقع التواصل، دافع خلالها كثيرون عن الزي الصعيدي والفلاحي باعتباره امتدادا للتراث المصري القديم. وتصدر النقاش رجل صعيدي يُدعى “الحاج رشاد”، صاحب الصورة الشهيرة التي التُقطت له مع زوجته في المتحف، والتي كانت الشرارة الأولى للنقاش. وفي تفاعل لافت، أعلن السفير المصري محمد مرسي عوض، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أنه سيزور المتحف الكبير مرتديا الجلابية المصرية التقليدية، دعما للهوية الوطنية.

## تصاعد الجدل رغم الاعتذار

على الرغم من التوضيح والاعتذار اللذين قدمتهما الإعلامية “سمر فودة” بشأن منشورها المثير للجدل حول الجلباب المصري، فإن الجدل لم يتوقف، بل تصاعد مجددا بعد اعتذارها. فقد اعتبر كثيرون أن تبريرها لم يكن كافيا لإنهاء حالة الغضب الشعبي، خاصة بعدما واصلت التعليق والمناوشة عبر حسابها الشخصي. وزاد التفاعل على مواقع التواصل عقب ظهور الإعلامي عمرو أديب مرتديا “جلابية صعيدية” في برنامجه اليومي “الحكاية”، مؤكدا أن الجلباب جزء من الهوية المصرية الأصيلة.

### تأكيد وزارة الثقافة على أهمية الجلباب

وفي سياق متصل، أصدرت وزارة الثقافة المصرية بيانا أكدت فيه أنه لن يُمنع أي مواطن من دخول المتحف المصري الكبير بالزي التقليدي، مشددة على أن الجلباب جزء من التراث الوطني. ويأتي ذلك ردا على الجدل الذي أثارته فودة في منشورها السابق، حين وصفت حضور الصعايدة والفلاحين بجلابيبهم وزغاريدهم في المتحف بأنه “يشوه المشهد السياحي والثقافي”.

## مبادرة لزيارة المتحف الكبير بالجلباب المصري التقليدي

أطلق محمد مدني العطواني، مستشار شعبة المبدعين العرب للثقافة والتراث الأسواني، مبادرة لدعوة المصريين لزيارة المتحف المصري الكبير مرتدين “الجلابية المصرية التقليدية” بمختلف أشكالها وتصاميمها، باعتبارها رمزا يعبر عن التنوع الثقافي والهوية المصرية الأصيلة. وأوضح العطواني أن المبادرة تهدف إلى تنظيم يوم احتفالي في المتحف الكبير، يشارك فيه المثقفون والفنانون والسفراء وعدد من المصريين من مختلف المحافظات.

### دعم الأكاديميين للمبادرة

من جانبه، أكد الدكتور خالد أبو الليل، أستاذ التراث الشعبي بجامعة القاهرة، أن ظهور الجلابية المصرية بأشكالها المتنوعة داخل المتحف الكبير “يُثري المشهد الثقافي ويدعم دور المتحف في إبراز الهوية المصرية”. وأضاف أن الصور المتداولة للمصريين بزيهم التقليدي إلى جوار تماثيل أجدادهم الفراعنة تُعد أفضل دعاية سياحية لمصر.

وفي الختام، يظهر أن الجدل حول الجلباب المصرية لم يكن سوى فرصة لتعزيز الاعتزاز بالهوية المصرية والتراث الثقافي. ومع استمرار المبادرات لدعم ارتداء الجلباب في الأماكن العامة، يبدو أن المصريين سيواصلون التعبير عن هويتهم الثقافية بكل فخر. الجلباب ليس مجرد زي تقليدي، بل هو رمز للاعتزاز بالتراث والهوية المصرية الأصيلة.

شاركها.
اترك تعليقاً