توقفت أقدام الشباب عن الرقص على أنغام «بربس» تلك الرقصة المحلية التي أطلقها مجموعة من نجوم «اليوتيوب»، ليطلقوا أيديهم هذه المرة من أجل رقصة الـ«داب» والتي جاءت للتعبير عن الفرح أيضا. هذه الظاهرة الجديدة أثارت تساؤلات حول تأثير الثقافة العالمية على التقاليد المحلية، وتعبير الشباب عن هويتهم من خلال الرقص والموسيقى.
رقصة الداب: من أمريكا إلى العالم العربي
ولدت رقصة الـ«داب» في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم انتقلت إلى أوروبا، لتجد انتشاراً واسعاً في العالم العربي. تتميز هذه الرقصة بحركة بسيطة تتضمن خفض الرأس ورفع اليد في الوقت ذاته، وهي حركة تشبه ردة الفعل عند العطس. لم تكن هذه الرقصة مجرد موضة عابرة، بل أصبحت وسيلة للتعبير عن الفرح والاحتفال، خاصة بين الشباب.
أصل رقصة الداب وتطورها
بدأت رقصة الداب في الانتشار بشكل ملحوظ في عام 2015، بفضل مجموعة «ميغوس» الموسيقية، التي حققت نجاحاً كبيراً بأغانيها المصاحبة لهذه الرقصة. يعتقد الخبراء أن شبكات التواصل الاجتماعي لعبت دوراً كبيراً في انتشارها السريع، حيث يميل المستخدمون إلى البحث عن كل ما هو جديد وجذاب. على عكس رقصة «بربس» المحلية، التي صدرناها للعالم، فإن رقصة الـ«داب» هي استيراد لثقافة عالمية.
تعبير عن الطاقة الشبابية والحرية
يعتبر الجيل الجديد أن الرقص والموسيقى هما وسيلة للتعبير عن طاقاتهم المكبوتة، والتعبير عن مشاعرهم بحرية. فالرقص ليس مجرد حركة جسدية، بل هو لغة عالمية تتجاوز الحواجز اللغوية والثقافية. رقصة الداب، على وجه الخصوص، أصبحت رمزاً للتعبير عن السعادة والانتصار، سواء في الملاعب الرياضية أو في الحياة اليومية.
الرقص والرياضة: علاقة وثيقة
لاقت رقصة الـ«داب» رواجاً كبيراً في الأوساط الرياضية، حيث قام العديد من اللاعبين بتأديتها بعد تسجيل الأهداف أو تحقيق الفوز. يعود ذلك إلى انتشار الرقصة على شبكات التواصل الاجتماعي، وتأثيرها على الشباب الرياضيين. يعتبر البعض أن هذه الرقصة هي مجرد وسيلة للاحتفال، بينما يراها آخرون طريقة للتعبير عن الثقة بالنفس والسيطرة على المشاعر.
آراء الشباب حول رقصة الداب
يرى الشباب أن الرقص جزء طبيعي من التعبير عن الفرح والحرية، وأنه حق مشروع للجميع. الشاب راكان السويدي يقول: “لقد جذبتني رقصة الـ«داب» عندما رآيتها لأول مرة مع أحد اللاعبين المحليين، وبحثت عنها في الإنترنت لأعرف مصدرها. لا أرى أي عيب في أدائها أمام الناس، فالرقص تعبير عن السعادة.”
أما علي الغامدي، فيقول: “كنت على دراية بالرقصة قبل أن تصل إلى السعودية، وشاهدتها لأول مرة في مباراة أوروبية. أعجبتني حركاتها الجميلة، وأرى أنها تعبير عن الفرح.”
ويضيف هيثم الحناوي: “نواجه الكثير من الانتقادات بسبب رقصاتنا، ولكننا لا نرى أي عيب في ذلك. الـ«داب» هي مجرد حركات خفيفة تعبر عن الفوز أو الانتصار.”
وجهات نظر مختلفة حول الظاهرة
في المقابل، تنتقد بعض الآراء قيام الشباب بالتقليد الأعمى لكل ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي. أفنان العييدي تقول: “يجب على الشباب عدم الانقياد وراء كل ظاهرة تنتشر على الإنترنت، وتجنب التصرفات الطائشة.”
بينما ترى رهف الغامدي أنه لا يجب إعطاء هذه الظواهر أكبر من حجمها، وأن الرقص هو تعبير عن الفرح ولا يخل بالآداب العامة. وتؤيدها سهير عبدالله، قائلة: “في كل عام تظهر رقصة جديدة وتنتشر لفترة قصيرة، وهذا أمر طبيعي.”
رقصة الداب تتجاوز الحدود: أمثلة عالمية
لم تقتصر رقصة الـداب على عالم الرياضة والشباب، بل تجاوزت ذلك إلى عالم السياسة والفن. فقد فاجأت هيلاري كلينتون متابعيها بالرقص على طريقة الـ«داب» خلال حملتها الانتخابية، بينما شارك رئيس الوزراء الكندي جوستان ترودو مجموعة من الأطفال الرقص على نفس الإيقاع. هذه الأمثلة تظهر أن الرقصة أصبحت ظاهرة عالمية، تتجاوز الحدود الثقافية والسياسية.
استخدام الرقصة في التعليم
حتى في مجال التعليم، وجدت رقصة الـ«داب» طريقها. فقد استخدمت معلمة رياضيات فرنسية رقصة لاعب كرة القدم بول بوغبا لتفسير نظرية فيثاغورس لطلابها، مما يدل على قدرة الرقصة على جذب الانتباه وتحفيز الإبداع.
مستقبل رقصة الداب
على الرغم من أن رقصة الـ«داب» قد تكون مجرد موضة عابرة، إلا أنها تركت بصمة واضحة في عالم الرقص والموسيقى. فقد أثبتت أن الرقص هو وسيلة قوية للتعبير عن المشاعر، والتواصل مع الآخرين، والتعبير عن الهوية. رقصة الداب هي مجرد مثال واحد على كيفية تأثير الثقافة العالمية على الشباب، وكيف يستخدمون الرقص والموسيقى للتعبير عن أنفسهم. من المؤكد أننا سنشهد ظهور رقصات جديدة في المستقبل، ولكن رقصة الـ«داب» ستبقى في الذاكرة كرمز للتعبير عن الفرح والحرية.












