أثارت صورة لرجل يعاني من السمنة أثناء جلوسه في مقعد طائرة نقاشا واسعا عبر منصات التواصل الاجتماعي، بعد أن أُعيد نشرها مؤخرا من قبل العديد من المستخدمين والمؤثرين. وقد سلطت الصورة الضوء على قضايا متشابكة تتعلق بالسمنة، وحقوق المسافرين، والتصميم الشامل في وسائل النقل، إلى جانب جدل أوسع حول ما إذا كان ينبغي فرض رسوم على المسافرين حسب وزنهم.

وتُظهر الصورة المسافر وهو يجلس بصعوبة في مقعده القريب من الممر، حيث بدا أن حجم جسده يتجاوز حدود المقعد التقليدي، الأمر الذي يُحتمل أن يكون مصدر انزعاج له وللركاب المجاورين. وقد أعادت الصورة إلى الواجهة نقاشا قديما حول مدى ملاءمة مقاعد الطائرات لمختلف الأجسام، ومدى عدالة السياسات المطبّقة على الركاب الذين يحتاجون إلى مساحة إضافية.

الصورة التي أثارت الجدل

الصورة المثيرة للجدل نُشرت في البداية عبر صفحة كريستوفر إليوت، وهو ناشط في الدفاع عن حقوق المستهلك يقيم في العاصمة الأميركية واشنطن، ويدير منظمة غير ربحية تُعنى بالسفر العادل. كما أعادت فرقة الهيب هوب الأميركية “بريتي ريكي”، ومقرها ميامي، نشر الصورة، التي تُظهر الراكب أثناء صعوده إلى طائرة في رحلة بين هلسنكي وكوبنهاغن العام الماضي.

وكانت شركة طيران “ساموا” أول من طبّق ما أطلقت عليه “ضريبة الوزن” في عام 2013، حيث دُفع سعر التذكرة بناء على الوزن الإجمالي للمسافر مع أمتعته. ورغم أنها خطوة غير مسبوقة، فإن الفكرة لم تلقَ قبولا واسعا، وسرعان ما تلاشت بسبب الجدل الأخلاقي والاجتماعي المحيط بها.

لكن الفكرة لم تختف تماما. ففي فبراير/شباط 2024، أطلقت شركة “فين إير” الفنلندية مبادرة جديدة أكثر مرونة، تمثلت في قياس أوزان الركاب وأمتعتهم المحمولة طواعية في مطار هلسنكي، بهدف تحديث حسابات توازن الحمولة حتى عام 2030. وقد تمت العملية بشكل مجهول المصدر، دون ربط مباشر بين الوزن والهوية، وأكدت الشركة أن المشاركة في البرنامج كانت اختيارية.

ويدور على شبكات التواصل الاجتماعي وفي الفضاء الإعلامي سؤال عمّا إذا كان على الركاب أن يدفعوا حسب أوزانهم، فقد أظهرت دراسة استقصائية حديثة شملت 1012 أميركيا بالغا آراء متباينة بشأن 3 نماذج محتملة:

  • تذاكر بسعر ثابت بحد أقصى للأمتعة
  • رسوم إضافية لمن يتجاوزون 160 رطلا (72.5 كيلوغراما)
  • نظام تسعير قائم على وزن الجسم

وأظهرت النتائج أن الركاب ذوي الأوزان الخفيفة كانوا أكثر تقبّلا لفكرة الرسوم بناء على الوزن، فيما فضّل أصحاب الأوزان المرتفعة النظام الحالي، وإن أبدى البعض منهم انفتاحا على النقاش بشرط أن يكون التطبيق إنسانيا وعادلا.

لكن هذا التوجه لا يزال يُقابل برفض واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يعتبره كثيرون تمييزا صريحا ضد أصحاب الأجسام الكبيرة.

جايلين تشاني، إحدى أبرز الناشطات في هذا الملف، أثارت الجدل بعد أن أطلقت عريضة تطالب بتعديل تصميم مقاعد الطائرات لتناسب المسافرين من ذوي الأوزان الزائدة، مؤكدة أن المشكلة ليست في الأجساد بل في السياسات، “فجسدي ليس هو المشكلة، بل النظام هو المشكلة. عندما أُجبر على شراء مقعدين أو أجلس في مساحة غير مصممة لي، فهذه ليست رفاهية، بل مسألة كرامة إنسانية”.

وكانت تشاني قد واجهت انتقادات واسعة في يونيو/حزيران 2023، عندما طالبت بأن تُفرض رسوم على المسافرين مقابل المقاعد الإضافية التي يضطر أصحاب الأجسام الكبيرة لشرائها. لكنها ردت آنذاك في حديث لشبكة “سي إن إن” الأميركية قائلة، “نحن ندفع أجرتين لنحصل على تجربة سفر واحدة. في الواقع، تجاربنا أكثر صعوبة، ومع ذلك يُعاملنا النظام وكأننا عبء”.

أخيرا، بينما تطالب جهات عدة بتبني تصميمات أكثر شمولا تأخذ في الحسبان التنوع البشري، تخشى شركات الطيران من الكلفة العالية لأي تغييرات كبيرة، في وقت تواجه فيه الصناعة أزمات تشغيلية واقتصادية متكررة.

شاركها.
اترك تعليقاً

2025 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.