تأثير المشي اليومي على صحة الدماغ

أظهرت دراسة جديدة أن المشي لأكثر من 5 آلاف خطوة يوميا قد يساعد في إبطاء التراجع الإدراكي ويحدّ من تراكم البروتينات المرتبطة بمرض ألزهايمر. قام باحثون من جامعة هارفارد بتحليل بيانات 294 شخصا تتراوح أعمارهم بين 50 و90 عاما، لديهم تراكم لبروتيني الأميلويد وتاو في الدماغ –وهما مرتبطان ارتباطا وثيقا بمرض ألزهايمر– لكن من دون أن تظهر عليهم أعراض الخرف بعد.

تعزيز تدفق الدم والأكسجين إلى الدماغ

يوضح الدكتور ستيفن ألدَر، استشاري الأعصاب في مركز “ريكوغنشن هيلث”، أن المشي يساعد على زيادة تدفق الدم وتزويد الدماغ بالأكسجين، وهو أمر ضروري للحفاظ على كفاءة عمل الجهاز العصبي. يقول ألدر إن “المشي يرفع معدل ضربات القلب ويُحسّن أداء الجهاز الدوري، مما يضمن إيصال الدم الغني بالأكسجين إلى جميع أجزاء الجسم، بما في ذلك الدماغ”. هذه الدورة الدموية المحسنة تسهم في تغذية الخلايا العصبية وإزالة الفضلات الأيضية، كما تحفز إفراز نواقل عصبية مهمة، مثل الدوبامين والسيروتونين، مما يرفع مستوى التركيز والمزاج والانتباه.

تأثير المشي على صحة الأوعية الدموية

ويضيف ألدَر أن الانتظام في المشي يقوّي الأوعية الدموية الدماغية على المدى الطويل، ويقلل من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية أو الخرف، مما يجعل المشي استثمارا فعليا في صحة الدماغ. المشي اليومي يحافظ على مرونة الأوعية الدموية ويقلل من خطر تصلب الشرايين، مما يساهم في الحفاظ على صحة الدماغ.

تعزيز القدرات الإدراكية

المشي السريع اليومي لا ينعش الجسد فحسب، بل يحفز القدرات الذهنية أيضا. يقول ألدَر إن المشي، خاصة بوتيرة معتدلة إلى سريعة، يزيد إنتاج عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ (BDNF)، وهو بروتين أساسي لنمو الخلايا العصبية وبقائها وتعزيز التواصل فيما بينها.

تأثير المشي في الهواء الطلق

كما يشير الطبيب إلى أن المشي في الهواء الطلق وبين الطبيعة يمنح فائدة إضافية، إذ إن الجمع بين الحركة والهواء النقي والمناظر الطبيعية ينشط نصفي الدماغ معا، مما يعزز التفكير الإبداعي والقدرة على إيجاد الحلول. ويساعد المشي الخارجي أيضا على تحسين جودة النوم، من خلال تنظيم الهرمونات وتقليل التوتر، وهو ما ينعكس إيجابا على الأداء الذهني في اليوم التالي.

تحسين المزاج وتقليل التوتر

إلى جانب فوائده الإدراكية، يتمتّع المشي بتأثير نفسي عميق، إذ يساعد على تحسين المزاج وتنظيم التوتر. يشرح ألدَر أن “الحركة الإيقاعية للمشي تُحفّز الاسترخاء من خلال خفض مستويات الكورتيزول –وهو هرمون التوتر– وتنشيط الجهاز العصبي اللاودي، المسؤول عن تهدئة الجسم طبيعيا”.

تأثير المشي على الهرمونات

ويضيف أن المشي المنتظم يُحفز إنتاج الإندورفينات والسيروتونين، مما يولد إحساسا طبيعيا بالسعادة والراحة النفسية ويُخفف من القلق والاكتئاب. كما يوضح ألدَر أن المشي في الهواء الطلق يُضاعف من هذه الفوائد، لأن التعرض للضوء الطبيعي والمساحات الخضراء يساعد على تنظيم إيقاع الساعة البيولوجية وتحفيز إفراز الدوبامين، وهو الهرمون الذي يعزز الدافعية والتوازن العاطفي.

خلاصة

في الختام، يمكن القول إن المشي اليومي له تأثير إيجابي كبير على صحة الدماغ. من خلال تعزيز تدفق الدم والأكسجين إلى الدماغ، وتحفيز القدرات الإدراكية، وتحسين المزاج وتقليل التوتر، يمكن للمشي أن يساهم في الحفاظ على صحة الدماغ وتأخير ظهور أعراض الخرف. لذلك، من المهم تضمين المشي اليومي في روتيننا اليومي للحفاظ على صحة الدماغ والجسم.

شاركها.
اترك تعليقاً