في مجتمعنا، غالبًا ما نغفل عن التحديات اليومية التي يواجهها أفراد من ذوي الإعاقة. الدكتور ضياء رضوان، أحد هؤلاء الأفراد الملهمين، يشاركنا قصته المؤثرة، ويكشف عن جوانب خفية من المعاناة التي يعيشها ذوو الإعاقة في السعودية، وكيف أن بعض الجهود المبذولة قد تأتي بنتائج عكسية. في حديثه لـ “عكاظ”، لخص الدكتور رضوان سنوات من الألم والإحباط، مسلطًا الضوء على المفارقات العجيبة التي يشهدها في الأماكن المخصصة لهم.
تحديات الاندماج: من الأمل إلى اليأس
لطالما دعا الدكتور رضوان إلى دمج ذوي الإعاقة مع الأصحاء، بهدف نشر الوعي وتثقيف المجتمع حول كيفية التعامل مع الحالات الخاصة. ومع ذلك، يجد نفسه اليوم معارضًا لهذا الاندماج، بعد أن فقد الأمل في تحقيق تغيير حقيقي. “حجم المعاناة التي نعانيها لا يصدق”، يقول رضوان، مضيفًا أنه يفضل أن يترك المجال للمجتمع ليشهد بنفسه هذه المعاناة من خلال مراقبة الأماكن المخصصة لذوي الإعاقة.
حديقة الإرادة: نافذة على الواقع المرير
تعتبر حديقة الإرادة في جدة، وهي حديقة عامة مخصصة لذوي الإعاقة، بمثابة مثال حي على هذه المفارقات. على الرغم من أن الحديقة توفر ألعابًا وخدمات مصممة خصيصًا لذوي الإعاقة، إلا أن تواجد الأصحاء فيها أصبح عبئًا عليهم. يوضح الدكتور رضوان أن الممرات المخصصة لفاقدي البصر، والتي لا تتوفر إلا في حديقتين في جدة، غالبًا ما تكون مليئة بالقاذورات التي يتركها الزوار الأصحاء، بل إن البعض منهم لا يدركون حتى أنها مخصصة للعمي.
استغلال المرافق المخصصة: إهانة مستمرة
لا تقتصر المعاناة على حديقة الإرادة، بل تمتد لتشمل المواقف المخصصة لذوي الإعاقة. يشتكي الدكتور رضوان من أن هذه المواقف غالبًا ما تكون مشغولة بمركبات الأصحاء، حتى في الحديقة المخصصة لهم. ويؤكد أنهم يتقدمون ببلاغات كثيرة، ولكن بعضها يتم تجاهله، مما اضطرهم إلى إنشاء سلاسل خاصة بهم للتصدي لهذه المخالفات.
الإهمال والتخريب: رياضة محرمة
يتحدث علي الميزان، وهو أحد ذوي الإعاقة، عن تجربة مؤلمة في ملعب كرة السلة المخصص لهم. يقول الميزان إن الملعب تم إغلاقه عدة مرات بسبب الإهمال والتخريب من قبل الأصحاء الذين سمحوا لهم بمشاركتهم اللعب. بالإضافة إلى ذلك، يتعرضون لكلام جارح وتخريب للملعب. ويستشهد الميزان بموقف لأحد أولياء الأمور الذي قال إن الملعب ملك للحكومة ولا داعي للاستحواذ عليه من قبل ذوي الإعاقة، على الرغم من أن الملعب مخصص لهم بموجب اللوحات الإرشادية.
ضعف النظافة والتربية: أسباب متجذرة
يضيف الميزان أنهم اضطروا إلى إغلاق دورات المياه وإعطاء المفاتيح للمسؤول بسبب إهمال النظافة وعدم الاهتمام، مشيرًا إلى أن السبب يعود إلى ضعف التربية وانعدام الثقافة. ويرفض الميزان الحديث عن الحلول، لكنه يطمح إلى وجود جهة تنظيمية تفرض غرامات على المتجاوزين، معتبرًا أنها الطريقة الصحيحة لفرض احترام حقوق ذوي الإعاقة.
طاقات مهدرة بسبب الإهمال
يشير الشاب محمد الغامدي، وهو أيضًا من ذوي الإعاقة، إلى أن الإهمال والتعدي على حقوقهم يمنعهم من تطوير مواهبهم وقدراتهم. ويقول إنهم أصبحوا يركزون على المطالبة بحقوقهم وتوعية المجتمع بالطريقة المناسبة للتعامل مع ذوي الإعاقة.
نظرة المجتمع: شفقة أم احترام؟
غالبًا ما ننظر إلى ذوي الإعاقة بعين الشفقة، ولكننا لا نترجم هذا الشعور إلى أفعال ملموسة. جهلنا بمتطلباتهم يزيد من معاناتهم، بدءًا من الدوائر الحكومية التي لا توفر احتياجاتهم، وصولًا إلى الأماكن العامة التي لا تتناسب مع إعاقتهم. وحتى عندما نحاول مساعدتهم، قد نفعل ذلك بجهل، مما يزيد من صعوباتهم.
في الختام، قصة الدكتور ضياء رضوان وغيره من ذوي الإعاقة هي دعوة صادقة للمجتمع لإعادة النظر في تعامله مع هذه الفئة الغالية. يجب علينا أن نتحلى بالوعي والاحترام، وأن نوفر لهم جميع الاحتياجات التي تمكنهم من العيش بكرامة واستغلال طاقاتهم وقدراتهم. إن تغييرًا حقيقيًا يتطلب تضافر الجهود من جميع أفراد المجتمع، وفرض قوانين صارمة تضمن حقوقهم وتحمي كرامتهم. دعونا نتحول من مجتمع يكتفي بالشفقة إلى مجتمع يقدم الدعم والتمكين لذوي الإعاقة.












