في نفس اليوم الذي بدأ فيه وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل في جنوب لبنان، شنت الفصائل المسلحة في سوريا هجوما واسعاً ومباغتاً، امتد لأكثر من 100 كلم، بحسب القوات الحكومية، مما أثار تساؤلات واسعة، وطرح نظريات تحاول تفسير ما حدث.

اعلان

يظهر الهجوم الواسع النطاق الذي أطلقته الفصائل المسلحة في سوريا أنه كان منسقاً ومعداً له على نطاق واسع منذ وقت طويل، وذلك بعد سنوات طويلة تراجعت فيها حدة القتال في الحرب الأهلية في سوريا.

ما يعرف حتى الآن

بدأت الفصائل بقيادة “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة) عملية سمتها “ردع العدوان”، الأربعاء الماضي، وخلال أيام وصلت إلى وسط مدينة حلب، ذات الأهمية الاستراتيجية.

وقالت هذه الفصائل إن العملية تهدف لتسديد “ضربة استباقية لقوات النظام السوري”.

وكانت روسيا وتركيا اتفقتا في مطلع عام 2020 على ترسيم ما عرف حينها بـ”خطوط التماس” في محافظة إدلب، وتمثل هذه العملية أول اختراق لتلك العملية.

“دور قسد”

الخريطة السورية معقدة إلى حد بعيد، وظهر ذلك في الهجوم الحالي، إذ سيطرت “قسد” على مطار حلب ومناطق أخرى بعد انسحاب القوات الحكومية منه.

و”قسد” ليست متحالفة مع النظام ولا تتخذه عدواً، لكنه تنظر بريبة شديدة للفصائل القريبة من تركيا وسبق أن خاضت معها معارك ضارية وتخشى أن تكون إحدى ضحايا العملية الجديدة.

عملية تخدم مصلحة تركيا

انطلق مسلحو الفصائل السورية من محافظة إدلب الملاصقة لتركيا، وفي المحافظة نفسها توجد قوات تركية.

رسمياً، ذكرت وزارة الدفاع التركية أنها “تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك”.

لكن من غير المرجح أن تكون الفصائل تحركت بهذا الحجم من دون تنسيق مع تركيا، خاصة أن الهجوم كان بأسلحة متطورة وطائرات مسيرة.

وتخدم العملية المصالح التركية، إذ إن أحد أهداف المعارضة هو “إبعاد نفوذ النظام والمليشيات عن مناطق سيطرة المعارضة بشمال غربي سوريا، والحد من استهدافهم المتكرر لتلك المناطق بالقصف المدفعي والصاروخي”.

وذكرت وسائل إعلام سورية معارضة أن الهدف هو “توسيع المنطقة الآمنة لاحتضان أكبر عدد من السوريين الراغبين بالعودة إلى بلادهم”، وهو الأمر الذي طالما ردده الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إذ قال إنه يريد العودة الطوعية للاجئين السوريين في تركيا إلى بلادهم.

ويكرر المرصد السوري لحقوق الإنسان رواية مفادها أنه لم يجر أي قتال في المدينة، مشيرا إلى أن القوات الحكومية انسحبت منها، واعتبر أن كل ما يجري في سوريا يتعلق بالوجود الإيراني هناك، وقال إن “تسليم حلب من قبل النظام ربما يدل على رسم جديد للمنطقة.

أهمية سوريا لحزب الله

أوقف حزب الله القتال ضد إسرائيل، الأربعاء، بعد اتفاق وقف إطلاق نار تفاوض بالنيابة عنه، رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري.

وقاتل الحزب لسنوات في سوريا ما قال إنها “منظمات تكفيرية”.

وتمثل سوريا بالنسبة إليه خط الإمداد الذي تمر منه الأسلحة والصواريخ القادمة من إيران، وفي حال سيطرت على سوريا جهة معارضة له، فإن هذا الخط سينقطع.

اعلان

وفي ظل ما يحدث، تساءل كثيرون عن سر اندلاع المعارك في اليوم الذي أوقف فيه حزب الله المعارك مع إسرائيل بعد 14 شهراً من القتال.

وربما يضطر الحزب للعودة إلى القتال في سوريا مجددا، دون أن يأخذ فرصة لالتقاط أنفاسه بعد الحرب الأخيرة مع إسرائيل.

“الأسد يلعب بالنار”

خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء الماضي، ليعلن أمام الإسرائيليين قبوله وقف إطلاق النار مع حزب الله.

وفي خطابه، لم ينس نتنياهو الإشارة إلى الرئيس السوري، بشار الأسد، وقال في كلمته “الأسد يلعب بالنار”.

اعلان

ولم تمض ساعات على تلك الكلمة، حتى أطلقت الفصائل السورية الهجوم المنسق ضد قوات الأسد في شمالي سوريا، وهو الأمر الذي أثار تساؤلات كثيرة.

وعقد نتنياهو اجتماعاً أمنياً خاصاً بالتطورات في الشمال السوري، وهو أمر غير معتاد بالنسبة إلى أمر كهذا، وفق وسائل إعلام إسرائيلية.

ونقلت عن مصادر قولها “إن الأمر يمثل فرصة للتغيير”، وبحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي فإن الهجوم سيشغل الإيرانيين وحزب الله عن الدولة العبرية.

وكتب الصحفي الإسرائيلي المعروف رون بن يشاي في صحيفة “يديعوت أحرونوت” ربما تكون هناك علاقة وثيقة بين الهجوم المفاجئ الذي شنه المتمردون السنة في سوريا على حلب ووقف إطلاق النار في لبنان.

اعلان

وكتب الصحفي الإسرائيلي المعروف رون بن يشاي في صحيفة “يديعوت أحرونوت” ربما تكون هناك علاقة وثيقة بين الهجوم المفاجئ الذي شنه المتمردون السنة في سوريا على حلب ووقف إطلاق النار في لبنان.

ويقول إن الدعم العسكري الروسي يقتصر على القصف الجوي، غير أن حسم المعارك على الأرض يحتاج إلى قوات برية، وهو ما توفره القوات الإيرانية، لكن هذه القوات تعرضت لهجمات إسرائيلية مكثفة منذ فتح حزب الله جبهة على الحدود الشمالية لإسرائيل.

واعتبر أن الضربات الجوية الإسرائيلية ساعدت الفصائل المسلحة على التحرر من ضغوط القوات الإيرانية.

الدور الأمريكي

ونقل موقع “أكسيوس” الإخباري الأمريكي، أن واشنطن غير متورطة في هجوم حلب، لا بل إنها تفاجأت به.

اعلان

لكن البعض يرد بأن للولايات المتحدة قوات على الأرض في سوريا وحلفاء هم القوات الكردية “قسد”، وربما كانت على علم بما سيحدث في الشمال السوري، على الأقل عبر حلفائهم الأتراك.

وتتنشر القوات الأمريكية في شرق سوريا خاصة في محافظة دير الزور.

وقادت الولايات المتحدة تحالفا استمر سنوات لمحاربة تنظيم داعش، ومن غير المرجح أن تسمح بعودة الفوضى على نطاق واسع بما يسمح بعودة التنظيم.

لكن قتالاً مسيطراً عليها قد يستنزف القوات الروسية التي ستهب لنجدة الأسد، علماً بأنها مشغولة في حرب أوكرانيا حالياً.

اعلان
شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.