بقلم:&nbspيورونيوز

نشرت في

اعلان

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن خطط لزيادة إنتاج بلاده من الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى، في إطار سعيه لتعزيز قدرات الردع الدفاعي لتركيا في ظل تصاعد المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران.

وقال أردوغان، عقب اجتماع لمجلس الوزراء يوم الاثنين الماضي، إن بلاده تضع خططاً لرفع مخزونها من الصواريخ إلى مستوى يضمن ردع أي تهديد محتمل، مؤكداً: “بعون الله، سنبلغ في المستقبل القريب قدرة دفاعية تجعل من غير الممكن لأي جهة التفكير في التجرؤ علينا”.

وفي خطاب لاحق، شدد الرئيس التركي على التقدم المحرز في الصناعات الدفاعية المحلية، من الطائرات المسيّرة والمقاتلات، إلى المدرعات والسفن الحربية، لكنه أقرّ بأن هذا التقدم لا يزال بحاجة إلى جهود متواصلة لتحقيق “الردع الكامل”. ويأتي ذلك في ظل إدراك متزايد لأهمية التفوق الجوي في النزاعات الحديثة، كما أشار الباحث أوزغور أونلوهيسارجيكلي من “صندوق مارشال الألماني”، الذي اعتبر أن تركيا -رغم امتلاكها ثاني أكبر جيش في الناتو- ما زالت تعاني من ضعف نسبي في قدرات الدفاع الجوي.

ويُنظر إلى تحركات أردوغان على أنها استجابة مبكرة لاحتمالات اندلاع سباق تسلح جديد في المنطقة، إذ تسعى دول غير منخرطة مباشرة في النزاع إلى تعزيز قدراتها العسكرية تفادياً لمخاطر مستقبلية. ويعتقد مراقبون أن التصعيد بين إسرائيل وإيران قد يدفع القوى الإقليمية، ومنها تركيا، إلى تطوير برامج التسلح الجوّي بشكل متسارع.

ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق على الخطط التركية، غير أن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر ردّ على انتقادات أردوغان، متهماً إياه عبر منصة “إكس” بالسعي لتحقيق “طموحات إمبريالية”، وبأنه حطم الأرقام القياسية في قمع الحريات والمعارضة داخل تركيا.

وقال ساعر إن الحكومة التركية تنخرط في ما أصبح “اللعبة الجارية” في الشرق الأوسط، أي سباق التسلح، معتبراً أن إسرائيل والولايات المتحدة رفعتا سقف التفوق في الحرب الجوية، ما دفع دولاً مثل تركيا لمحاولة سد الفجوة التكنولوجية.

وقد أجرى أردوغان، يوم الجمعة، اتصالاً هاتفياً مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس، ناقش خلاله تطورات الحرب الإيرانية-الإسرائيلية، مشدداً على أن ملف إيران النووي لا يمكن حله إلا عبر التفاوض، بحسب بيان صادر عن الرئاسة التركية.

ورغم توتر العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، لا يرى المحللون والمؤسسات الرسمية في تركيا خطراً مباشراً بانتقال النزاع إلى الأراضي التركية، العضو في حلف شمال الأطلسي. لكن أردوغان لا يخفي قلقه من تداعيات النزاع على بلاده، لا سيما من ناحية أمن الطاقة واحتمالات تدفق اللاجئين من إيران، التي تتشارك مع تركيا حدوداً يبلغ طولها 560 كيلومتراً.

وتعتمد تركيا بشكل كبير على واردات الطاقة من الخارج، بما في ذلك من إيران، ما يجعلها عرضة لتقلبات أسعار النفط الناجمة عن النزاع، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفاقم التضخم وزيادة الضغوط على الاقتصاد التركي الهش.

وكان أردوغان قد كثّف من اتصالاته الدبلوماسية منذ اندلاع النزاع، حيث أجرى سلسلة من المحادثات مع قادة دوليين، بينهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، عارضاً التوسط لاستئناف المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني.

وعلى صعيد العلاقات التركية-الإسرائيلية، ازداد التوتر منذ اندلاع حرب غزة في عام 2023، حيث أصبح أردوغان من أبرز المنتقدين لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقد تعمقت الهوة بين البلدين إثر اتساع النفوذ التركي في سوريا، الأمر الذي أثار قلق إسرائيل، خاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد.

وعلى الرغم من محاولة البلدين إنشاء آلية لخفض التصعيد لتفادي الاشتباك بين قواتهما في سوريا، فإن المشهد ظل محفوفاً بالتوتر. ففي وقت سابق من العام، أعلنت وزارة الخارجية السورية أن طائرات إسرائيلية استهدفت قاعدة جوية سورية كانت تركيا تأمل باستخدامها.

وفي الداخل التركي، صرح دولت بهتشلي، زعيم الحزب القومي المتحالف مع أردوغان، بأن تركيا قد تكون هدفاً محتملاً لإسرائيل، متهماً الأخيرة بمحاولة “تطويق” تركيا استراتيجياً، دون تقديم تفاصيل. لكن محللين اعتبروا تلك التصريحات موجهة للاستهلاك الداخلي وسط تصاعد مشاعر العداء لإسرائيل في الشارع التركي.

وختم المحلل سونر كاجابتاي بالقول: “لا أعتقد أن إسرائيل مهتمة بمهاجمة تركيا، ولا أن تركيا تسعى إلى صدام مباشر مع إسرائيل”، مشيراً إلى أن التوترات الحالية توظَّف سياسياً لتعزيز الدعم الشعبي وتحقيق مكاسب استراتيجية في الإقليم المضطرب.

شاركها.
اترك تعليقاً