كشف تقرير لشبكة “إن بي سي نيوز” الأميركية عن انتشار الأمراض الناجمة عن تلوث المياه بشكل واسع بين سكان قطاع غزة، وتشمل المشاكل الشائعة التهابات الجهاز التنفسي، شلل الأطفال، التهاب الكبد، الإسهال والالتهابات الجلدية.
حاولت المنظمات الإنسانية المساعدة في إصلاح البنية التحتية وتركيب خزانات الصرف الصحي وتوزيع المياه النظيفة وأقراص الكلور، لكن وصولها المحدود إلى القطاع دفع السكان إلى استخدام مياه البحر غير المعالجة والملوثة بمياه الصرف الصحي، دون استخدام صابون أو مطهرات.
قدّرت الأمم المتحدة إصابة أكثر من مليون شخص بالتهابات الجهاز التنفسي الحاد في غزة منذ بدء الحرب، وأكثر من نصف مليون فلسطيني بإسهال حاد، وإصابة نحو 100 ألف شخص باليرقان، وفقاً لـ “إن بي سي نيوز”.
كذلك يُشير التقرير إلى تسجيل حوالي 65 ألف حالة طفح جلدي وأكثر من مئة وثلاثة آلاف حالة جرب وقمل.
أزمة مياه حادة في غزة
أكد رئيس بلدية خان يونس علاء البطة في حديث مع “إن بي سي نيوز” أن ما لا يقل عن 30 بئر مياه في جنوب غزة قد دُمر الشهر الماضي، معبّراً عن خشيته من تدمير الآبار الأخرى، مضيفاً: “نحن نعاني من أزمة مياه حادة”.
يعتمد نظام المياه في غزة بشكل كبير على الآبار ومحطات تحلية المياه، إلاّ أن جميع محطات تحلية المياه في غزة و88% من آبار المياه فيها قد دمرت أو تضررت، كما قالت منظمة أوكسفام الدولية للإغاثة الشهر الماضي.
وذكرت المنظمة أن جميع محطات معالجة مياه الصرف الصحي و70% من المضخات قد اختفت.
ونتيجة لذلك، انخفضت كمية المياه المتوفرة في غزة بنسبة 94% منذ بدء الحرب، لتصل إلى أقل من 5 لترات يومياً للشخص الواحد، بحسب تقديرات المنظمة.
إصابات بفيروس شلل الأطفال
تستمر التهديدات الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة في التزايد. فقد تم اكتشاف فيروس شلل الأطفال في مياه الصرف الصحي في غزة، وذلك بعد انخفاض التغطية بالتطعيم ضد شلل الأطفال.
وأكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس الحاجة إلى إمكانية تحرّك العاملين في المجال الصحي والمعدات الطبية بحرية لتنفيذ هذه العمليات المعقدة بأمان وفعالية.
وأشار إلى أن منظمة الصحة العالمية ستقوم بالتنسيق مع وزارة الصحة، منظمة اليونيسف، والأونروا لإرسال أكثر من مليون لقاح ضد شلل الأطفال إلى غزة.
ورأى أن “وقف إطلاق النار، على الأقل لأيام، مطلوب لحماية الأطفال في غزة من شلل الأطفال”.
انتشار التهاب الكبد الوبائي (أ)
يُشير رئيس قسم الأطفال في مستشفى ناصر في خان يونس الدكتور أحمد الفرا لـ “إن بي سي نيوز” إلى أن التهاب الكبد الوبائي (أ) ينتشر على نطاق واسع في قطاع غزة في الوقت الحاضر “بسبب سوء الصرف الصحي وسوء نوعية الطعام وتلوث المياه”.
وكان المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، قد كشف تسجيل ما يقرب من 40 ألف حالة إصابة، مقابل 85 حالة فقط خلال الفترة الزمنية نفسها قبل الحرب.
ووصف الارتفاع بالأرقام بأنه “أمرٌ مخيف”، موضحاً أن نظام إدارة النفايات في غزة المنهار، بالإضافة إلى تراكم أكوام القمامة في حرارة الصيف الحارقة، وتتدفق مياه الصرف الصحي في الشوارع بينما يصطف الناس لساعات للذهاب إلى المراحيض، كلها مجتمعة تشكل أسباباً لانتشار الأمراض.
كما دعا إلى وقف إطلاق النار للتمكن من استعادة أنظمة إدارة النفايات والصرف الصحي، وجلب مستلزمات النظافة التي تشتد الحاجة إليها، والسيطرة على انتشار الأمراض.
من جهته، يشرح نائب الرئيس الأول في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ستيف موريسون، لموقع “إن بي سي نيوز”، أن سبب انتشار الأمراض يعود إلى “عدم وجود تدفق كبير من المياه الصالحة، ونقص الجهود لتحلية المياه، وعدم معالجة مياه الصرف الصحي من التلوث البرازي”.
وأوضح موريسون أن جهود التطعيم تواجه تحديات كبيرة، إذ يجب تخزين الجرعات في درجات حرارة باردة حتى لا تفسد، ومن غير الواضح ما إذا كان هناك عدد كافٍ من مقدمي الرعاية الصحية لإعطائها.
وأضاف: “نحن نعلم أن أفضل طريقة لتطعيم الأطفال عدة مرات هي القيام بذلك في منازلهم. حسناً، هنا لا يوجد أشخاص في منازلهم”.