في تصعيد خطير، شن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أول هجوم على ضاحية بيروت الجنوبية منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024، حيث استهدف مبنى سكنيا في حي الحدث، وذلك ردا على إطلاق صاروخين من جنوب لبنان باتجاه كريات شمونة شمال الدولة العبرية.
وكان المتحدث العسكري الإسرائيلي أفيخاي أدرعي قد حذر سكان المنطقة عبر منصة “إكس”، داعيا إياهم إلى إخلاء منازلهم فورا قبل الهجوم.
وصباح اليوم الجمعة، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه رصد إطلاق صاروخين من جنوب لبنان باتجاه مدينة كريات شمونة في شمال إسرائيل.
وقال أفيخاي أردعي، في بيان سابق، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت إحدى القذيفتين، بينما سقطت القذيفة الأخرى داخل الأراضي اللبنانية دون أن تُسجل أي إصابات أو أضرار.
وأضاف البيان أن القذيفتين أُطلقتا في الساعة 07:50 صباحًا، مما أدى إلى تفعيل منظومة الإنذار.
وفي مؤتمر مشترك عقد الجمعة في العاصمة الفرنسية باريس، دان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون القصف الإسرائيلي على ضاحية بيروت، معتبرا أنه “لا مبرر له” وأنه “انتهاك واضح لاتفاق وقف إطلاق النار”.
وأكد ماكرون أن “هذه الضربات غير مقبولة”، معلنا أن فرنسا “ستدعم لبنان للحفاظ على سيادته واستقراره”.
وشدد ماكرون على عدم وجود أي معلومات أو أدلة تفيد بقيام “حزب الله” بأي عمل عسكري أو ضربات باتجاه إسرائيل، معتبراً أن الغارات الإسرائيلية، التي وصفها بغير المقبولة، تصب في مصلحة الحزب.
كما أعلن ماكرون التزام باريس بالعمل مع الولايات المتحدة والأمم المتحدة لضمان تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، كاشفًا عن إحراز تقدم في ملف “نزع سلاح حزب الله”.
ودعا الرئيس الفرنسي الجيش الإسرائيلي إلى الانسحاب الكامل من النقاط الخمس التي لا تزال تحتلها إسرائيل في جنوب لبنان، مقترحًا أن تتولى قوات “اليونيفيل” الانتشار فيها.
وأضاف أن فرنسا ملتزمة بالمسار الذي أطلقه الشركاء الأمريكيون بشأن لبنان، وأنها ستقف إلى جانب اللبنانيين لضمان نجاح العهد الجديد. كذلك، شدّد على أهمية أجندة الإصلاح التي يحملها الرئيس عون، معتبرًا أن إصلاح القطاع المصرفي هو نقطة انطلاق أساسية لعملية إعادة الإعمار.
هذا وأكد الرئيس اللبناني جوزيف عون أن الجيش اللبناني لا يزال يحقق في هوية الجهة التي أطلقت الصواريخ على إسرائيل، مشددا على أن قصف الضاحية الجنوبية لبيروت يعد استمرارا للخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار.
وقال خلال لقائه ماكرون إنه يتعين على المجتمع الدولي إرغام إسرائيل على الالتزام بالهدنة.
وأضاف عون أن “هناك قضايا تتطلب تفاوضا مع إسرائيل، لكن انسحابها من النقاط الخمس المحتلة لا يستدعي ذلك”.
من جانبه، وصف رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية بأنه تصعيد خطير، مطالبا بوقف الخروقات الإسرائيلية لترتيبات وقف الأعمال العدائية، والانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة.
وفي سياق متصل، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه لم يحدد بعد الجهة المسؤولة عن إطلاق الصواريخ باتجاه كريات شمونة. وأكد سلام أن الجيش اللبناني وحده هو المسؤول عن حماية الحدود، وأن قرار الحرب والسلم هو حصرا بيد الدولة اللبنانية.
وأعربت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، عن قلقها، مشيرة إلى أن “تكرر تبادل إطلاق النار عبر الخط الأزرق خلال أسبوع يثير قلقا بالغا”.
من جانبه، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينت، إلى استهداف إيران قائلا: “يجب أن نهاجم إيران ردا على إطلاق الصواريخ باتجاه كريات شمونة”.
وكان جيش الدولة العبرية قد شن سلسلة غارات على مناطق مختلفة في جنوب لبنان.
وقد نفى حزب الله مسؤوليته عن إطلاق الصواريخ. وأكد مصدر مسؤول في الحزب التزام التنظيم بـ”اتفاق وقف إطلاق النار”، وأنه لا “علاقة للحزب بالصواريخ التي أطلقت اليوم من جنوب لبنان باتجاه شمال فلسطين المحتلة”.
وأضاف المصدر، أن “هذه الحوادث تأتي في سياق افتعال ذرائع مشبوهة لاستمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان”.
نظراً لهذا للقصف، قرر الحزب إلغاء احتفال يوم القدس المقرر اليوم الجمعة في 28 من آذار.
ورغم سريان الاتفاق، سجلت السلطات اللبنانية 1263 خرقا إسرائيليا أدت إلى مقتل 100 شخص على الأقل وإصابة 331 آخرين، وفق إحصاءات رسمية، مما يسلط الضوء على استمرار التوتر في المنطقة رغم الهدنة.
هذا وحمّل وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الحكومة اللبنانية المسؤولية عن أي هجوم ينطلق من أراضيها. وأشار إلى أن “إذا لم يكن هناك هدوء في كريات شمونة والجليل، فلن يكون هناك هدوء في بيروت”، مضيفًا أن “حكم كريات شمونة كحكم بيروت”.
كما شدد كاتس على أن إسرائيل لن تسمح بتكرار أحداث السابع من أكتوبر، مؤكدًا أنه “سيعمل بكل قوة لضمان أمن سكان الجليل ومواجهة أي تهديدات”.
وكانت الطائرات الإسرائيلية قد شنت غارات مكثفة على عدة مناطق في جنوب لبنان يوم السبت الماضي، وذلك بعد إعلان تل أبيب عن تعرض إحدى المدن الإسرائيلية لهجوم صاروخي من الجانب اللبناني، وهو ما دفع حزب الله إلى نفي علاقته بالهجوم بشكل قاطع.
وفيما يخص انسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني، كان من المفترض أن يتم بحلول 18 فبراير الماضي وفقًا للاتفاقات المبرمة، إلا أن إسرائيل نفذت انسحابًا جزئيًا فقط، مع استمرار تواجدها في خمسة مواقع لبنانية رئيسية ضمن المناطق التي كانت مسرحًا للعمليات العسكرية الأخيرة. كما شرعت في إقامة شريط حدودي يمتد لكيلومترين داخل الأراضي اللبنانية.