نرجس محمدي، الناشطة الإيرانية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، عادت إلى الاعتقال بعد مشاركتها في ذكرى وفاة محامٍ بارز، مما يثير مخاوف جديدة بشأن أوضاع حقوق الإنسان في إيران. هذا الاعتقال، الذي وصفته المؤسسات المدافعة عنها بأنه تم باستخدام “العنف”، يسلط الضوء على استمرار قمع المعارضة والنضال من أجل الحريات الأساسية في البلاد.
إعادة اعتقال نرجس محمدي: تصعيد في قمع الحريات
أعادت السلطات الإيرانية اعتقال نرجس محمدي في مدينة مشهد يوم الجمعة، بعد مشاركتها في مراسم إحياء الذكرى الأسبوعية لوفاة المحامي خسرو علي كردي. وأفادت المؤسسة المدافعة عنها بأن عملية الاعتقال تمت بعنف، مما يعكس تصعيدًا في التضييق على النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان. كانت محمدي تتمتع بإفراج مؤقت منذ ديسمبر 2024، وشوهدت آخر مرة في مقطع فيديو وهي تحضر مراسم التأبين دون ارتداء الحجاب، قبل الإعلان عن اعتقالها.
زوجها، الناشط السياسي تقي رحماني، أكد الاعتقال عبر منصة “إكس”، مشيرًا إلى أن الناشطة سيبيده غوليان وعددًا من المشاركين الآخرين تم اعتقالهم أيضًا. هذا الاعتقال يأتي في سياق متصاعد من القمع السياسي في إيران، حيث تستمر السلطات في استهداف المعارضين والنشطاء.
وفاة خسرو علي كردي: ظلال الشك
توفي المحامي خسرو علي كردي (45 عامًا) في 5 ديسمبر، في ظروف غامضة داخل مكتبه. كان كردي معروفًا بدفاعه عن معتقلين في قضايا مرتبطة باحتجاجات عام 2022، مما أثار شكوكًا واسعة حول ملابسات وفاته. دعت منظمات حقوقية، مثل “منظمة حقوق الإنسان في إيران”، إلى فتح تحقيق مستقل في القضية، مشيرة إلى “شبهات جدية بأن الوفاة ناجمة عن جريمة قتل تورّطت فيها الدولة”. هذه الشكوك تزيد من حدة التوتر وتعمق الشعور بعدم الثقة في المؤسسات الإيرانية.
نضال نرجس محمدي: من السجن إلى مناهضة الإعدام
لم يقتصر نضال نرجس محمدي على دعم المعتقلين السياسيين، بل امتد ليشمل حملات منظمة لإلغاء عقوبة الإعدام في إيران. هذا النشاط موثق منذ سنوات، وعلى الرغم من سجنها المتكرر منذ عام 2010، نجحت في تسريب شهادات وتفاصيل عن انتهاكات داخل السجون. حتى من زنزانتها، استمرت في إنتاج محتوى حقوقي، مما يدل على إصرارها وشجاعتها.
حُكم عليها في قضايا متعددة، أحدثها تهمة “نشر دعاية مناهضة للدولة”، التي تُبقيها رهن الاعتقال. وفي مناسبات عديدة، وبصراحة نادرة، توقعت محمدي “سقوط النظام الديني” الذي يحكم إيران منذ الثورة الإسلامية عام 1979. تصريحاتها الحالية، خارج السجن ودون حجاب، وسط تجمّع علني، تضفي ثقلاً سياسيًا استثنائيًا على مواقفها، خاصةً مع امتلاكها منبرًا دوليًا كحائزة على جائزة نوبل للسلام. حقوق الإنسان في إيران هي محور اهتمامها الدائم.
مركز المدافعين عن حقوق الإنسان: مؤسسة في مواجهة القمع
كانت نرجس محمدي تشغل منصب نائبة رئيس “مركز المدافعين عن حقوق الإنسان”، الذي أُسّس عام 2001 على يد المحامية شيرين عبادي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 2003. غادرت عبادي إيران بعد إعادة انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد في عام 2009، في انتخابات أثارت جدلاً واسعًا وأدت إلى مظاهرات شعبية قمعتها السلطات الإيرانية بوحشية. اليوم، يُصنَّف المركز كـ”كيان محظور” من قبل الأجهزة الأمنية الإيرانية.
منذ اعتقالها الأخير في نوفمبر 2021، لم ترَ محمدي توأميْها، اللذين تسلّما جائزتها من أوسلو قبل عامين نيابةً عنها. هذا الانفصال يزيد من وطأة الاعتقال ويؤكد على التضحيات التي تقدمها في سبيل قضيتها.
جائزة نوبل للسلام: اعتراف دولي بالنضال
مُنحت نرجس محمدي جائزة نوبل للسلام عام 2023 “لشجاعتها في مواجهة قمع النساء ولدفاعها عن حقوق الإنسان”. هذا الاعتراف الدولي يمثل دعمًا قويًا لنضالها ويسلط الضوء على أوضاع حقوق الإنسان في إيران. الناشطة الإيرانية أصبحت رمزًا للمقاومة والأمل في وجه القمع.
في الختام، إعادة اعتقال نرجس محمدي يمثل تطورًا مقلقًا في سياق تدهور أوضاع حقوق الإنسان في إيران. هذا الاعتقال يستدعي تضامنًا دوليًا متزايدًا ودعوات متجددة لإطلاق سراحها وجميع المعتقلين السياسيين في إيران. من الضروري مواصلة الضغط على السلطات الإيرانية لضمان احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. يمكنكم متابعة آخر التطورات حول قضية نرجس محمدي من خلال زيارة مواقع منظمات حقوق الإنسان الموثوقة.















