سوريا الجديدة: رؤية الرئيس الشرع لمستقبل إقليمي مستقر وعلاقات دولية مُستعادة

أكد الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، في مشاركته بمنتدى الدوحة 2025، أن إسرائيل تسعى لتصدير الأزمات وتبرير جرائمها في غزة بالمخاوف الأمنية، بينما تعمل سوريا على ترسيخ الاستقرار الإقليمي. وتأتي تصريحاته في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات عميقة، وتتطلع فيه سوريا إلى استعادة دورها الإقليمي والدولي. هذا المقال يستعرض أبرز ما جاء في حديث الرئيس الشرع، مع التركيز على رؤيته للمستقبل، والعلاقات الدولية، والوضع الداخلي، والانتخابات القادمة.

استعادة الاستقرار الإقليمي ومواجهة السياسات الإسرائيلية

أشار الرئيس الشرع إلى أن سوريا واجهت عدواناً إسرائيلياً شديداً بعد التحرير، حيث تعرضت لأكثر من ألف غارة و400 توغل في أراضيها، وصولاً إلى المجزرة الأخيرة في بلدة بيت جن بريف دمشق. وأضاف أن سوريا تعمل مع الدول الفاعلة للضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي المحتلة بعد الثامن من ديسمبر 2024، مؤكداً على دعم دولي واسع لهذا المطلب. كما شدد على التزام إسرائيل باتفاق فض الاشتباك عام 1974، متسائلاً عن مستقبل المنطقة منزوعة السلاح في حال غياب الجيش السوري.

وفيما يتعلق بالمفاوضات الجارية مع إسرائيل، أوضح الشرع أن الولايات المتحدة منخرطة فيها، وأن جميع الدول تدعم مطلب سوريا بالانسحاب إلى ما قبل الثامن من ديسمبر. وتساءل: “أي اتفاق يجب أن يضمن مصالح سوريا، فهي من تتعرض للهجمات الإسرائيلية؟”. هذا التأكيد على حماية المصالح السورية يمثل جوهر السياسة السورية الجديدة في التعامل مع التحديات الإقليمية.

إعادة بناء سوريا وعلاقاتها الدولية

استعرض الرئيس الشرع مسيرة سوريا بعد سقوط النظام السابق، مؤكداً أن البلاد مرت بمراحل خطيرة وعزلة كبيرة وحصاراً اقتصادياً خانقاً على مدى 60 عاماً. وأشار إلى أن سياسات النظام السابق دفعت أغلب الأطراف الدولية إلى الانكفاء عن سوريا. ولكن، بعد التحرير، استعادت سوريا الكثير من علاقاتها الدولية، وأصبح العالم ينفتح عليها للاستفادة من موقعها وتأثيرها الإقليمي في إرساء الاستقرار.

وأضاف: “سوريا تحولت من منطقة مصدّرة للأزمات إلى منطقة يمكن أن تكون نموذجاً للاستقرار الإقليمي”. هذا التحول يمثل نقطة تحول رئيسية في الوضع السياسي في سوريا، ويفتح الباب أمام فرص جديدة للتعاون الإقليمي والدولي.

الوضع الداخلي: عفو وصفح ومستقبل واعد

تحدث الرئيس الشرع عن الوضع الداخلي، مؤكداً أن الناس لا يشعرون بالخوف في سوريا، وأن الملايين يحتفلون بإسقاط النظام السابق. وأشار إلى أن سوريا تعيش في أفضل ظروفها اليوم، وأن النظام السابق ورث البلاد نزاعات كثيرة واستخدم الطوائف ضد بعضها البعض. ولكن، منذ بداية معركة ردع العدوان، غلّبوا حالة العفو والصفح من أجل مستقبل مستدام وآمن للشعب السوري.

وأضاف أن سوريا انتقلت من نظام حكم إلى آخر لا يشبهه، وأنها تسير بمسار إيجابي نحو الاستقرار والنمو الاقتصادي رغم بعض الإشكاليات. هذا التركيز على العفو والصفح يمثل أساساً لـ المصالحة الوطنية في سوريا، ويساهم في بناء مستقبل أكثر إشراقاً.

رفض الاتهامات بالإرهاب وتأكيد حقوق المرأة

رد الرئيس الشرع على الأسئلة المتعلقة بماضيه، رافضاً وصفه بالإرهابي، ومتسائلاً عن تعريف الإرهاب. وأوضح أن الأحكام المسيسة بالإرهاب تُطلق على أشخاص دون أدلة كافية، وأن الإرهابي هو من يقتل الأبرياء والأطفال. وأشار إلى أن عدد الضحايا في غزة يقارب 60 ألف بريء، بينما قضى أكثر من مليون إنسان في سوريا خلال 14 عاماً، وهناك أكثر من 250 ألف مفقود.

وأكد أنه لم يؤذِ مدنيين على الإطلاق، وأنه قاتل بشرف في جبهات متعددة. وأشار إلى أن الواقع قد كذب كل هذه المقولات، وأن مجلس الأمن أجمع على رفع وصفه بالإرهابي.

وفيما يتعلق بحقوق المرأة، أكد الشرع أن المرأة تتمتع بكامل الصلاحيات، وأنها مُمكّنة وحقوقها محفوظة، وأنهم يعملون على مشاركتها في الحكومة وفي مجلس النواب ومجلس الشعب.

مستقبل الانتخابات والعملية السياسية

تحدث الرئيس الشرع عن مسار العملية السياسية، موضحاً أنه بعد تحرير دمشق، أُعلن عن مؤتمر وطني شامل انبثق عنه إعلان دستوري مؤقت. وأشار إلى أن الإعلان أعطى صلاحية للرئيس الحالي للاستمرار لمدة 5 سنوات، ثم تبدأ الانتخابات، وخلال هذه السنوات ستُسن القوانين ويكتب الدستور ويعرض على الشعب ليكون المرجعية الأساسية لتنظيم الحكم.

وأضاف: “بعد 5 سنوات سنتوجه لإجراء الانتخابات. وقد مضى منها سنة وبقيت 4 سنوات”. وأكد أن سوريا تحتاج إلى إعداد البنية التحتية القانونية والدستورية قبل إجراء انتخابات تمثيلية حقيقية.

في الختام، يمثل حديث الرئيس الشرع في منتدى الدوحة 2025 رؤية متفائلة لمستقبل سوريا، ترتكز على الاستقرار الإقليمي، والعلاقات الدولية المُستعادة، والمصالحة الوطنية، وحماية حقوق الإنسان. هذه الرؤية تتطلب جهوداً متواصلة وتعاوناً إقليمياً ودولياً، ولكنها تمثل خطوة مهمة نحو بناء سوريا الجديدة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version