بقلم:&nbspيورونيوز

نشرت في

اعلان

كان يوم ثلاثاء من عام 2001، عندما استولى انتحاريون على أربع طائرات ركاب أميركية كانت تحلق فوق شرق الولايات المتحدة، واستعملوها لضرب مبانٍ في نيويورك وواشنطن، فأصابت برجي مركز التجارة العالمي، وأسفرت عن اندلاع حرائق في المباني، حوصر على إثرها أشخاص في الطوابق العليا، لينهار بعدها البرجان المكونان من 110 طوابق في سحب ضخمة من الغبار.

وقد دمرت إحدى الطائرات الجهة الغربية من البنتاغون، مقر القيادة العسكرية الأميركية قرب العاصمة واشنطن، كما تحطمت أخرى في حقل بولاية بنسلفانيا بعد أن قاوم الركاب الخاطفين، الذين يُرجّح أنهم كانوا ينوون استهداف مبنى الكابيتول.

عدد الضحايا

أسفرت الهجمات عن مقتل 2,977 شخصًا، بين ركاب وموظفين في المراكز التجارية والبنتاغون ورجال الإنقاذ، وكان من بين الضحايا مواطنون من 77 دولة مختلفة.

الجهة المسؤولة عن الهجوم والعقل المدبر

تبنت “القاعدة”، بقيادة أسامة بن لادن، الهجوم، وقالت إنه يأتي بسبب دور الولايات المتحدة وحلفائها في تأجيج النزاعات في العالم الإسلامي. ويُعتقد أن الإسلامي خالد شيخ محمد كان العقل المدبر للحدث الذي وُصف بأنه “أضخم هجوم إرهابي تتعرض له الولايات المتحدة في تاريخها”، وساعد في تجنيد الطيارين، الذين تدرب بعضهم في الولايات المتحدة.

الفريق المنفذ كان مكونًا من 19 شخصًا، موزعين على ثلاث فرق، بينهم 15 شخصًا من السعودية مثل بن لادن، واثنان من الإمارات، وواحد من مصر، وواحد من لبنان.

“الحرب على الإرهاب” وغزو أفغانستان

بعد أقل من شهر على الهجوم الصادم، أعلن الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش الابن “الحرب على الإرهاب”، وهو مفهوم يُعتقد أنه من أهم مفاعيل هذا اليوم، حيث يقول بعض المراقبين إنه كان حجر الأساس لتفعيل عقيدة وقائية تقوم على مبدأ منح الولايات المتحدة الحق في تأمين نفسها ضد البلدان “التي قد تؤوي أو تقدم المساعدة للجماعات الإرهابية”.

أنتج 11 سبتمبر عقيدة سياسية كرست فكرة “الضربة الأولى الاستباقية“، وشكلت تحولًا جوهريًا في مفهوم الأمن القومي، حيث أصبح يُنظر إلى مواجهة التهديدات المحتملة قبل ظهورها كطريق وحيد لضمان السلامة.

ويعتقد بعض منتقدي واشنطن أن هذه العقيدة كانت تُستعمل لتبرير إسقاط أنظمة بدعوى دعمها “الإرهاب”، ومنح صلاحيات لأجهزة المخابرات والجواسيس، وحرية الحركة للطائرات بدون طيار في العالم.

الرئيس بوش الابن أعلن عن غزو أفغانستان بحجة إيجاد بن لادن، الذي لم يُعثر عليه إلا بعد عشر سنوات من اليوم المظلم، لكن واشنطن استطاعت في عملياتها اعتقال خالد شيخ محمد في باكستان عام 2003، حيث أمضى ثلاث سنوات في سجون سرية لوكالة المخابرات الأميركية، قبل نقله إلى قاعدة غوانتانامو البحرية في كوبا، حيث ما زال محتجزًا حتى اليوم.

ومن المتوقع في يناير 2025 أن يعترف هو واثنان من المتهمين الآخرين بارتكابهم الهجمات مقابل تجنب حكم الإعدام، لكن محكمة الاستئناف الفيدرالية أوقفت الإجراءات ورفضت اتفاق الاعتراف في يوليو، ولم يتضح بعد ما سيحدث لاحقًا في القضية.

تعزيز الأمن وإجراءات الطيران وإعادة الإعمار

بعد أحداث 11 سبتمبر، شددت إجراءات الطيران حول العالم، حيث تم إنشاء إدارة أمن النقل (TSA) في الولايات المتحدة لتعزيز الأمن في المطارات وعلى الطائرات.

وقد استغرقت عملية تنظيف موقع انهيار برجي مركز التجارة العالمي أكثر من ثمانية أشهر، ثم أُنشئ فيه لاحقًا نصب تذكاري ومتحف، وتم بناء مبانٍ جديدة بتصميم مختلف، أبرزها برج واحد مركز التجارة العالمي (برج الحرية) بارتفاع 541 مترًا، أعلى من البرج الشمالي الأصلي الذي كان يبلغ 417 مترًا. أما إعادة الإعمار في البنتاغون فاستغرقت أقل من عام، وعاد الموظفون إلى مكاتبهم في أغسطس 2002.

الأثر الاجتماعي والثقافي لأحداث 11 سبتمبر

غير أن تصليح الأبراج وتشديد الأمن لم تكن وحدها ما أنتج عنه هذا اليوم، الذي أحدث تحولات اجتماعية وسياسية واقتصادية هامة، وأصبح يُنظر إليه بصفته مشروعًا متعدد الأوجه.

فعلى المستوى الثقافي، يُعتقد أنه أثر بشكل كبير على تشكيل الصورة النمطية للعربي المسلم لدى الغرب، فشكل حالة سرعان ما أصبحت محط دراسة ثقافية وسياسية.

إذ غالبًا ما أصبحت النساء المسلمات في هوليوود تُقدَّم على أنهن محجبات، مضطهدات، ويحتجن إلى الإنقاذ، أما الرجال فيُوصفون بالعدوانية والتطرف والغوغائية، وهذا أدى إلى تأجيج الكراهية ضد المسلمين والخوف منهم، أو ما أصبح يُعرف بالإسلاموفوبيا.

أما على المستوى السياسي، فيعتقد محللون أن أحداث أيلول كانت النهاية الحقيقية للحرب الباردة وبداية الصراع بين الغرب والعالم الإسلامي، بينما يرفض آخرون هذه القراءة، معتبرين أن الصراع بين الولايات المتحدة وبعض الدول كان محدودًا، بل ساهم في تشكيل تحالفات واصطفافات في المنطقة بين دول “تدعم الإرهاب” و”أخرى تحتاج للتحالف مع واشنطن لرفع التهمة عن نفسها”.

الغزو الأميركي للعراق وظهور داعش

في تشرين الأول/أكتوبر 2002، صوّت الكونغرس الأميركي لصالح تفويض استخدام القوة العسكرية ضد العراق، استنادًا إلى مزاعم امتلاك نظام صدام حسين برامج لتطوير أسلحة دمار شامل.

وقد انطلقت عام 2003 حرب الخليج الثالثة، أو الغزو الأمريكي للعراق، الذي شاركت فيه المملكة المتحدة وأستراليا وبولندا ضد صدام حسين، وأسفر عن سقوط النظام السياسي للأخير، ومقتل وجرح أكثر من مليون شخص، وتأسيس وجود عسكري أمريكي ضخم في البلاد، وتدمير البنى التحتية والاقتصادية بفعل الفوضى والاقتتال، وعدم استقرار سياسي نشر العنف الطائفي بين الشيعة والسنة والأكراد، ما أدى إلى حروب أهلية، فضلًا عن تغذية نواة الخلايا المتطرفة التي ساهمت في خلق “داعش”، التي اشتقت من تنظيم القاعدة، والذي كان لها تأثير ضخم في عدة دول، ليس آخرها سوريا.

شاركها.
اترك تعليقاً