بقلم:&nbspيورونيوز

نشرت في

اعلان

تشهد محافظة السويداء توتراً أمنياً حاداً بعد اندلاع اشتباكات دامية بين قوات الجيش السوري الجديد المؤلف من فصائل إسلامية وبعض المجموعات المحلية، في ظل تصعيد نتج عن اختطافات متبادلة بين بعض العشائر البدوية ومجموعة من أبناء الطائفة الدرزية.

ما بدأ كقضية خطف تحول بسرعة إلى أزمة شاملة، استغلتها السلطات الحالية في دمشق لتبرير عملية عسكرية واسعة النطاق، أدت إلى دخول قوات النظام إلى محيط المحافظة وإحداث حالة من الاستياء والتخوف لدى الأهالي.

وانفجرت الأوضاع بعد أن قامت مجموعة من البدو باختطاف تاجر درزي، مما دفع بعض المسلحين من الطائفة الدرزية إلى الرد باختطاف عدد من أفراد القبائل البدوية للمطالبة بإطلاق سراحه.

هذا التصعيد المتبادل سرعان ما تحول إلى مواجهات مسلحة، أعقبتها حملة عسكرية واسعة شنها الجيش السوري على عدة قرى غرب السويداء، والقريبة من درعا حيث تم إحراق منازل وقتل عدد من الشباب المحليين وفقاً لشهادات الأهالي.

رفض للتدخل واتهامات بالتطهير الطائفي

عبر أهالي السويداء عن رفضهم للتدخل العسكري، مشيرين إلى أن “السلطات في دمشق تستغل الحدث لتضخيمه وتوجيه اتهامات طائفية لأهالي المنطقة” وفق تعبيرهم.

وقال عامر ليورونيوز، أحد سكان بلدة مسقط رأس الزعيم التاريخي سلطان باشا الأطرش: “نحن لا نخاف من الأرتال العسكرية، لكننا نخاف من تكرار مجازر الساحل. نلاحظ مستوى كبيراً من الطائفية والحقد في الخطاب الذي يعتمده مقاتلو السلطة عبر الفيديوهات المنتشرة”.

وأكدت مواطنة أخرى تُدعى منار من المدينة نفسها، أنها فقدت ابن عمها في المواجهات الأخيرة، مشيرة إلى أن جثته سُحلت بعد قتله، ولا يعلم أحد مكان دفنه.

وأضافت: “كل ما نطلبه هو أن تتوقف الحملة علينا، نحن عزل. وإن كان هناك من يحمل السلاح فهو خوفاً من تكرار ما حدث مع باقي الأقليات”.

من جانبه، وجه شيخ محلي انتقاداً حاداً للسلطات، قائلاً: “لانعرف كيف سيحمونا ولماذا يحمونا من أنفسنا؟ هل يقصدون أنهم يحموننا من البدو؟ من يملك العتاد الثقيل نحن أم البدو والفصائل؟ ومن يملك المسيرات التي تضربنا؟ لا، هذا الكلام فقط ذرائع لقتلنا لأننا لم ننصع لمطالبهم لنكون عبيداً لهم”.

وأضاف الشيخ نفسه أن هذه العملية العسكرية “ليست إلا ذريعة لتغطية عدم الإجابة عن أسئلة تتعلق بنتائج التحقيق في مجازر الساحل”.

وفي أخر تحديث للعمليات العسكرية، سيطرت قوات الجيش السوري على قرية المزرعة الواقعة على بعد 10 كيلومترات فقط من مركز مدينة السويداء، وسط إجراءات صارمة تشمل نصب الحواجز ووضع خطط لإغلاق مداخل القرى ومنع أي عنصر غير رسمي من الدخول، وذلك تحت ذريعة حماية المدنيين.

وبحسب المصادر الرسمية، فإن قوات الجيش السوري الجديد تمكنت من السيطرة على عدد من القرى المحيطة بالسويداء، ووصلت مشارف المدينة وحاوطتها من كل الجهات.

ضربات جوية إسرائيلية وتحذير مباشر للنظام السوري

وسط هذا التصعيد، دخلت إسرائيل على الخط بشكل مباشر، حيث أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الإثنين أن الضربات الجوية التي نفذها الجيش الإسرائيلي في جنوب سوريا كانت “رسالة واضحة وتحذيراً للنظام السوري”، داعياً إياه إلى “التوقف عن أي استهداف أو اعتداء على الطائفة الدرزية في سوريا”.

وقال كاتس عبر حسابه الرسمي على منصة إكس: “الضربات الإسرائيلية كانت رسالة وتحذيراً واضحاً للنظام السوري، لن نسمح بالإساءة للدروز في سوريا، إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي”.

من جانبه، أكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن الضربات استهدفت دبابات كانت تتحرك نحو منطقة السويداء، مشيراً إلى أن وجود مثل هذه الوسائل العسكرية في الجنوب السوري قد يشكل “تهديداً أمنياً مباشراً على دولة إسرائيل”.

وشدد أدرعي على أن الجيش الإسرائيلي “لن يسمح بوجود أي تهديد عسكري في منطقة جنوب سوريا وسيواصل التحرك ضد أي خطر محتمل، ويتابع التطورات الميدانية عن كثب”.

على الصعيد الدولي، أبدت السفارة الألمانية في دمشق قلقها البالغ إزاء التصعيد في السويداء، ودعت جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، ومنع إشعال المواجهات وحماية المدنيين في جميع الأوقات، مؤكدة على أهمية بذل جهود نحو المصالحة الوطنية.

في السياق عينه، أوضح المتحدث باسم الداخلية السورية أن الحكومة اضطرت للتدخل ضد ما وصفها بـ”العصابات المنفلتة” بهدف الحفاظ على السلم الأهلي، وخاصة بعد الهجمات التي طالت قوات الجيش والداخلية. كما أكد أن “أغلب المكون الدرزي يرفض دعوات الاستقواء بالخارج”، وأن “الكثير من الشخصيات الدرزية الوطنية تقف ضد العدوان الإسرائيلي وتقسيم سوريا”.

في المقابل، قالت وزارة الدفاع السورية أن التدخل لفض النزاع في السويداء جاء لحماية المدنيين وإيقاف الاشتباكات بعد 48 ساعة دامية، وأشار إلى أنه لا تراجع عن سحب السلاح من المجموعات الخارجة عن القانون وبسط الأمن وسيطرة الدولة على كامل المحافظة، مع الترحيب بأي مبادرة تهدف لترسيخ السلم الأهلي وتحقيق المصالحة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version