بقلم: یورونیوز فارسی
نشرت في
نشرت منصة “الدبلوماسية الحديثة” الأوروبية تقريرًا تحليليًا تناول مستقبل الشرق الأوسط في ظل تصاعد التنافس العسكري بين الصين والولايات المتحدة، مشيرة إلى مساعٍ صينية متصاعدة لإنهاء الهيمنة الأميركية في المنطقة.
وبحسب التقرير، فإن الهدف الاستراتيجي للدوائر الأمنية والعسكرية في الصين يتمثل في إعداد خطة شاملة تهدف إلى القضاء على القواعد العسكرية الأميركية، التي تعتبرها بكين عائقًا أمام مصالحها الحيوية، ولا سيما تنفيذ “مبادرة الحزام والطريق”.
وفي هذا الإطار، يرجح التقرير أن تسعى الصين، عبر أدوات الضغط السياسي وبمؤازرة حليفتها الوثيقة إيران، إلى العمل على طرد القوات الأميركية من الشرق الأوسط.
وأشارت إلى أن طهران نفذت على مدى الأعوام الماضية عدة هجمات استهدفت التواجد العسكري الأميركي، بدعم غير مباشر من الصين وروسيا، لافتة إلى الدور الذي لعبته قاعدة الإمام علي العسكرية في مدينة البوكمال السورية في هذا السياق.
الدور المصري ومخاوف تل أبيب
كما تراهن الصين على الدور المحوري للجيش المصري في دعم أهدافها. فمصر، التي لا تستضيف قواعد عسكرية أميركية على أراضيها، تُعدّ البوابة الرئيسية إلى القارة الإفريقية، ما يمنحها أهمية استراتيجية خاصة في الحسابات الصينية.
وفي هذا السياق، من المحتمل أن تسعى الصين، بالتعاون مع مصر، إلى تحييد القيادة الأميركية في إفريقيا (USAFRICOM)، وهي القيادة التي تتولى إدارة العلاقات العسكرية مع 53 دولة إفريقية باستثناء مصر.
وأكدت المنصة أن التحالف العسكري بين الصين وإيران ومصر يتابع عن كثب تحركات الجيش الأميركي والقاعدة العسكرية الأميركية في إسرائيل.
وتزعم الصين أن واشنطن استخدمت تلك القاعدة لمراقبة التمرين العسكري المشترك بين القوات الصينية والمصرية، والذي حمل اسم “نسر الحضارة” وأجري في نيسان/أبريل 2025.
وقد أثار هذا التمرين قلقًا بالغًا في إسرائيل والولايات المتحدة، حيث اعتُبر بمثابة رسالة تهديد من بكين، مفادها أن الصين مستعدة لحماية مصر وحلفائها من أي تدخل عسكري مباشر أو غير مباشر من قبل واشنطن وتل أبيب.
كما أشار التقرير إلى أن الصين، وبدعم من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والمؤسسة العسكرية في بلاده، تواجه ضغوطًا متزايدة من الولايات المتحدة وإسرائيل فيما يخص قضية التهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء.
وقد أثارت الزيادة الملحوظة في الوجود العسكري المصري في صحراء سيناء، بالتزامن مع التدريبات العسكرية المشتركة مع الصين، قلقًا في تل أبيب، التي اعتبرت تلك التحركات انتهاكًا لاتفاقية كامب ديفيد.
قواعد عسكرية صينية في المتوسط والخليج
وفي رد على الخطوات العسكرية الأميركية التي تستهدف تطويق نفوذها، تعمل الصين على توسيع انتشارها العسكري ليشمل ما هو خارج كوكب الأرض، وتسعى لتأسيس قواعد بحرية وعسكرية في مناطق عدة تشمل البحر الأبيض المتوسط، البحر الأحمر، والخليج العربي، بهدف حماية مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية المنتشرة ضمن “مبادرة الحزام والطريق”.
وأكد التقرير أن هذه الخطط لا تقتصر على منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل تمتد لتشمل أميركا اللاتينية، إفريقيا، وجنوب شرق آسيا. إذ تسعى بكين إلى أن يكون لهذا الوجود بعدٌ دفاعي واستراتيجي يمكّنها من التدخل السريع في الأزمات وتنفيذ عمليات واسعة النطاق في المناطق البعيدة عن حدودها.
ورغم أن الصين لم تعلن رسميًا نيتها ترحيل القواعد الأميركية من المنطقة، إلا أنها تتبع سياسة التمدد التدريجي من خلال المناورات العسكرية، صفقات الأسلحة، التدريبات المشتركة، والنشر المؤقت للقوات البحرية، في مؤشر واضح على رغبتها في تقليص النفوذ العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، بالتعاون مع إيران.
وفي سياق موازٍ، واصلت طهران بدورها تنفيذ هجمات ضد قواعد أميركية في العراق وقطر، بدعم غير مباشر من بكين. وقد سبق أن هدد مسؤولون عسكريون إيرانيون، قبل الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على إيران، باستهداف القاعدة الأميركية البريطانية المشتركة في جزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي في حال أقدمت واشنطن على أي غزو عسكري.
وتؤكد الصين دعمها غير المباشر للتحركات الإيرانية، وتستعد لتنفيذ خطة عسكرية شاملة لإنهاء الهيمنة العسكرية الأميركية في الخليج والشرق الأوسط، ضمن مسار استراتيجي هدفه كسر النفوذ الأميركي في دول المنطقة، وتوسيع الحضور الجيوسياسي والاقتصادي الصيني على حساب النفوذ الغربي التقليدي.