بقلم:&nbspيورونيوز

نشرت في

يتجه الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة هذا الأسبوع ليصبح الأطول في تاريخ البلاد، دون أي مؤشرات على انفراج قريب، بينما يواجه ملايين الأمريكيين خطر فقدان المساعدات الغذائية وانتهاء الدعم الصحي.

وقد تناول الرئيس دونالد ترامب هذه القضية في حديثه لبرنامج “60 دقيقة” على شبكة “سي بي إس”، قائلاً إنه “لن يخضع لابتزاز الديمقراطيين” الذين يطالبون بالتفاوض لتمديد العمل بقانون الرعاية الميسرة (Affordable Care Act) الذي ينتهي مع نهاية العام.

واشترط الزعيم الجمهوري أن يصوت الديمقراطيون على إعادة فتح الحكومة قبل أن يبدأ التفاوض معهم، مؤكداً موقف حزبه في الكونغرس، وأضاف أن قانون الرعاية الميسرة (المعروف باسم Obamacare) “سيء”، مشيراً إلى أنه في حال صوت الديمقراطيون لإعادة فتح الحكومة، “فسنعمل على إصلاح نظام الرعاية الصحية الحالي السيء”.

وكان الديمقراطيون قد صوتوا في مجلس الشيوخ 13 مرة ضد إعادة فتح الحكومة، مُصرين على ضرورة تفاوض ترامب والجمهوريين معهم أولاً.

واعتبر الرئيس أن الديمقراطيين “ضلوا طريقهم”، متوقعاً أن يستسلموا في النهاية للجمهوريين، وأضاف: “أعتقد أنهم مضطرون لذلك، وإذا لم يصوتوا، فهذه مشكلتهم”.

ترامب يدعو لإلغاء الاعتراضات

على الرغم من الضغوط المتزايدة من الديمقراطيين للدخول في مفاوضات، أبدى الرئيس ترامب اهتماماً ضئيلاً بهذا المسار، ودعا فور عودته من آسيا إلى إلغاء ما يُعرف بـ”الاعتراضات” أو “الفيلباستر” في مجلس الشيوخ – وهي الآلية البرلمانية التي تسمح للأقلية بعرقلة التشريعات.

وفي المقابلة، قال إنه: “يجب على الجمهوريين أن يكونوا أكثر صرامة. إذا ألغينا الاعتراضات، يمكننا فعل ما نريد تمامًا”.

ورغم تأكيد البيت الأبيض على أن ترامب ناقش هذه الفكرة مباشرة مع زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ جون ثيون ورئيس مجلس النواب مايك جونسون، بقي موقفهما متحفظًا. وبرر جونسون تمسك الجمهوريين التقليديين بهذه الآلية بأنها “تحميهم من أسوأ دوافع الحزب الديمقراطي” عند وجودهم في موقع الأقلية.

ويرى المراقبون أن تركيز ترامب على قضية الاعتراضات يمثل مصدر إلهاء لثيون وعدد من الجمهوريين، الذين يرفضون تغيير موقفهم رغم تفاقم تداعيات الإغلاق.

على ماذا يعول الحزبان؟

وكان ثيون قد أوضح خلال جلسة أنه: “نحتاج إلى خمسة ديمقراطيين يمتلكون الشجاعة ليقولوا إننا نهتم بحياة الشعب الأمريكي أكثر من اكتساب النفوذ السياسي”، في إشارة إلى الأصوات المتبقية لتمرير المشروع.

في المقابل، يؤكد الديمقراطيون أن الأسواق التي أنشأها قانون الرعاية الصحية تعمل بكفاءة، مع تسجيل أعداد قياسية من الأمريكيين في منظومة التغطية الصحية، لكنهم يصرون على تمديد الدعم المالي الذي بدأ خلال جائحة كوفيد-19 لحماية المواطنين من ارتفاع الأقساط اعتبارًا من مطلع يناير.

ةفي هذا السياق، قال زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر: “نريد الجلوس مع جون ثيون، ومع رئيس مجلس النواب مايك جونسون، ومع ترامب، والتفاوض لإيجاد حل لأزمة الرعاية الصحية الرهيبة هذه”.

السخرية من الديمقراطيين

وخلال فترة الإغلاق، قضى الرئيس معظم وقته في السخرية من الديمقراطيين، فنشر مقاطع فيديو لقائد الديمقراطيين في مجلس النواب، حكيم جيفريز، وهو يرتدي قبعة مكسيكية، وأنشأ البيت الأبيض صفحة ساخرة تشبه منصة MySpace، مخصصة للديمقراطيين، للسخرية من وسائل التواصل الاجتماعي في مطلع الألفية.

وعلق السيناتور الديمقراطي مارك وارنر قائلاً: “الجمهوريون لا يستطيعون المضي قدمًا في أي شيء دون موافقة ترامب”.

تبعات الإغلاق على المجتمع الأمريكي

يُعتقد أن الإغلاق الحكومي سيستمر ليصبح الأطول في تاريخ البلاد. فخلال ولايته الأولى، انتهى الإغلاق الذي استمر 35 يومًا من ديسمبر 2018 إلى يناير 2019 عندما تراجع ترامب عن مطالبته بجدار حدودي، وسط تأخيرات متزايدة في المطارات وتأجيل رواتب مئات الآلاف من العاملين الفيدراليين.

وقد حذر وزير النقل شون دافي من أن: “العديد من المطارات شهدت بالفعل تأخيرات، وستزداد سوءًا”. وأضاف: “الكثير من العمال يواجهون قرارًا صعبًا: هل أضع الطعام على طاولة أطفالي، أم أدفع ثمن الوقود للسيارة، أم أدفع الإيجار، أم أذهب للعمل دون أجر؟”

ومع زيادة تأخيرات الرحلات الجوية، أعلنت إدارة الطوارئ في نيويورك يوم الأحد أن مطار نيوارك يشهد تأخيرًا أرضيًا بسبب “نقص في العاملين في برج المراقبة”، وتم تقييد الوصول إلى المطار. وأضافت: “متوسط التأخير حوالي ساعتين، وبعض الرحلات تتجاوز ثلاث ساعات”.

في غضون ذلك، يظل مصير 42 مليون مواطن أمريكي يعتمدون على برنامج المساعدات الغذائية الاتحادية (SNAP) معلقاً في مهب الريح، حيث تهدد أزمة الإغلاق الحكومي بقطع هذه المساعدات الحيوية عنهم.

وقد حاولت وزارة الزراعة حجز 8 مليارات دولار مخصصة للبرنامج بدءاً من يوم السبت، في خطوة كانت ستمنع صرف المساعدات للمستفيدين. إلا أن قاضيين اتحاديين أصدرا أمراً طارئاً للإدارة بالتراجع عن هذا القرار والاستمرار في تمويل البرنامج.

من جهته، شن زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب، حكيم جيفريز، هجوماً حاداً على إدارة ترامب والجمهوريين، متهماً إياها بمحاولة “تحويل الجوع إلى سلاح” للضغط على الديمقراطيين. وأكد جيفريز أن الإدارة تستطيع تمويل أولويات أخرى، لكنها تتلاعب بحياة الملايين من الفقراء من خلال تعطيل صرف مساعدات SNAP، متحدية بذلك أوامر المحكمة.

ورداً على هذه الاتهامات، قال وزير الخزانة سكوت بيسنت: “أفضل طريقة لضمان استمرار صرف مساعدات SNAP هي أن يتجاوز خمسة ديمقراطيين الانقسام الحزبي ويصوتوا لإعادة فتح الحكومة”، منسجماً بذلك مع الرواية الجمهورية التي تضع مسؤولية إنهاء الأزمة على عاتق الديمقراطيين.

شاركها.
اترك تعليقاً