انفجار موسكو: تطورات التحقيق وتصاعد المخاوف الأمنية
شهدت العاصمة الروسية موسكو، ليلة الثلاثاء الأربعاء الموافق 24 ديسمبر 2025، انفجارًا أسفر عن مقتل اثنين من ضباط شرطة المرور وشخص يُشتبه به، مما أثار حالة من التأهب الأمني العالي. يأتي هذا الحادث بعد أيام قليلة من اغتيال جنرال روسي رفيع المستوى، مما يثير تساؤلات حول تصاعد العنف والتهديدات الأمنية في البلاد. يركز التحقيق حاليًا على تحديد دوافع الجناة والجهات المسؤولة عن هذا العمل الإجرامي، مع ترجيح فرضيات تشير إلى تورط أطراف خارجية.
تفاصيل الحادث وملابساته الأولية
أفادت لجنة التحقيق الروسية بأن الانفجار وقع أثناء محاولة الشرطيين إيقاف شخص مشبوه بالقرب من سيارة شرطة في شارع يليتسكايا جنوب موسكو. وذكرت اللجنة أن العبوة الناسفة انفجرت لحظة اقتراب الضباط، مما أدى إلى مقتلهم على الفور بالإضافة إلى المشتبه به.
فرق التحقيق تعمل حاليًا على جمع الأدلة من موقع الحادث، وفحص تسجيلات كاميرات المراقبة، وإجراء التحاليل الجنائية اللازمة، بما في ذلك تحديد نوع المتفجرات المستخدمة. وقد فرضت السلطات الروسية طوقًا أمنيًا مشددًا في محيط المنطقة، وسط تقارير من شهود عيان عن سماع دوي انفجار قوي.
وحددت مديرية المرور الحكومية في موسكو هوية القتيلين من الشرطة وهما الملازمان إيليا كليمانوف وماكسيم غوربونوف، اللذان كانا يؤديان واجبهما في ذلك الوقت. كليمانوف انضم إلى الشرطة في أكتوبر 2023، بينما التحق غوربونوف بالخدمة في فبراير 2022، تاركًا وراءه زوجة وابنة رضيعة.
صلة الانفجار باغتيال الجنرال سارفاروف
يأتي هذا الحادث بعد أيام قليلة من اغتيال الفريق أول فانيل سارفاروف، رئيس قسم التدريب العملياتي في هيئة الأركان العامة للقوات الروسية، في 22 ديسمبر الجاري. قُتل سارفاروف عندما انفجرت عبوة ناسفة زرعت أسفل سيارته في شارع ياسينيفا، وهو شارع قريب من موقع انفجار الأربعاء.
الممثلة الرسمية للجنة التحقيق الروسية، سفيتلانا بتشينكو، أكدت أن التحقيق جارٍ في “نقل المتفجرات” وأن إحدى الفرضيات التي يتم التحقق منها تشير إلى أن القنبلة زرعتها أجهزة خاصة أوكرانية. حتى الآن، لم تصدر كييف أي تعليق رسمي على الحادث.
من هو الجنرال سارفاروف وأهمية منصبه؟
كان الجنرال سارفاروف (56 عامًا) ضابطًا مخضرمًا يتمتع بخبرة قتالية واسعة، اكتسبها خلال ما وصفته وسائل الإعلام الروسية بـ”عمليات مكافحة الإرهاب في جنوب روسيا” في أواخر التسعينيات ومطلع الألفية. في عام 2016، عُين لقيادة الإدارة المسؤولة عن تدريب كبار الضباط في التمارين والفعاليات الخاصة بهيئة الأركان العامة. كما شارك سابقًا في الانتشار الروسي في سوريا.
وبالنظر إلى منصبه ومسؤولياته، يُعتبر اغتيال سارفاروف ضربة قوية للقدرات التدريبية للجيش الروسي، خاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية في أوكرانيا.
تصاعد العنف واستهداف المسؤولين الروس
يشكل هذان الحادثان، الانفجار الأخير واغتيال الجنرال سارفاروف، جزءًا من سلسلة عمليات استهداف للمسؤولين الروس منذ بدء الحرب في أوكرانيا في فبراير 2022. وقد قُتل عدد من الجنرالات والمسؤولين المحليين والشخصيات العامة المؤيدة للحرب في تفجيرات داخل الأراضي الروسية وفي المناطق الأوكرانية الخاضعة للسيطرة الروسية.
في ديسمبر 2024، أعلنت أجهزة الأمن الأوكرانية مسؤوليتها عن اغتيال إيغور كيريلوف، قائد قوات الدفاع الإشعاعي والكيميائي والبيولوجي في الجيش الروسي، في موسكو. كما قُتلت الناشطة السياسية داريا دوغينا في عام 2022 في انفجار استهدف سيارتها بالقرب من موسكو.
هذه الحوادث المتكررة أثارت موجة من الغضب والدعوات إلى الرد القوي من قبل المسؤولين والشخصيات الروسية المؤيدة للحرب. ويرى البعض أن هذه العمليات تهدف إلى زعزعة الاستقرار في روسيا وتقويض جهودها العسكرية في أوكرانيا.
المخاوف الأمنية وتداعياتها المحتملة
يثير تصاعد العنف واستهداف المسؤولين الروس مخاوف أمنية متزايدة في البلاد. وتشير التطورات الأخيرة إلى أن الأراضي الروسية أصبحت أكثر عرضة للعمليات التخريبية والهجمات الإرهابية.
من المرجح أن تتخذ السلطات الروسية إجراءات أمنية مشددة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك زيادة المراقبة وتفتيش المركبات وتعزيز الأمن في المواقع الحيوية. كما قد يؤدي ذلك إلى تشديد القيود على الحريات المدنية وزيادة القمع السياسي.
بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي هذا التصعيد إلى مزيد من التوتر في العلاقات بين روسيا وأوكرانيا، وزيادة خطر التصعيد العسكري. من الضروري أن تعمل جميع الأطراف المعنية على تخفيف التوتر والتوصل إلى حل سلمي للأزمة في أوكرانيا.
في الختام، يمثل الانفجار الأخير في موسكو تطورًا مقلقًا يشير إلى تصاعد العنف والتهديدات الأمنية في روسيا. يتطلب هذا الوضع إجراء تحقيق شامل لتحديد المسؤولين وتقديمهم إلى العدالة، واتخاذ تدابير أمنية فعالة لحماية المواطنين والمواقع الحيوية. كما يتطلب جهودًا دبلوماسية مكثفة لتهدئة التوتر والتوصل إلى حل سلمي للأزمة في أوكرانيا.















