بقلم:&nbspClara Nabaa&nbsp&&nbspيورونيوز

نشرت في

اعلان

الرجل الذي بنى مجده السياسي على خطاب “الأمن أولاً” يواجه اليوم اختباراً قاسياً بعد أن اضطر، تحت ضغط أمريكي مباشر، إلى قبول خطة الرئيس دونالد ترامب لوقف إطلاق النار مع حركة حماس، رغم تحفظات وعوده السابقة بتحقيق “نصر كامل” على غزة.

ويسعى نتنياهو اليوم إلى استثمار الزخم الشعبي الذي ولّده اتفاق تبادل الرهائن وعودة الأسرى الإسرائيليين، على أمل تحويل الهدنة إلى مكسب سياسي يرمم تماسك ائتلافه الحاكم الذي يعاني انقسامات واضطرابات داخلية.

لكنّ الطريق إلى هذا الاتفاق لم تكن سهلة، فقد وافق على سحب قواته من غزة قبل التوصل إلى أي اتفاق حول نزع سلاح حركة حماس، في خطوة اعتبرها مراقبون تنازلاً سياسياً يهدد صورته.

وعندما سُئل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال اجتماع لمجلس الوزراء عن احتمال أن يفقد نتنياهو منصبه بسبب الاتفاق، أجاب ضاحكاً: “قد يخرج بيبي قليلاً عن المسار، لكن أعتقد أنه أكثر شعبية اليوم مما كان عليه قبل خمسة أيام”. تصريح يعكس المفارقة التي يعيشها نتنياهو بين ارتفاع شعبيته “اللحظي” وبين تهديدات داخلية متزايدة قد تُسرّع نهاية مسيرته السياسية.

في خضم هذا المشهد المربك، يبرز السؤال: هل ينجح نتنياهو في تحويل اتفاق غزة إلى طوق نجاة سياسي، أم يتحوّل إلى عبء يطيح بمستقبله؟ ثمة أربعة سيناريوهات محتملة قد تحدد شكل المرحلة المقبلة في إسرائيل.

1. انتخابات مبكرة ونتنياهو في الصدارة

تتحدث أوساط إسرائيلية عن نية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو استثمار الزخم الشعبي الناتج عن اتفاق غزة للدفع نحو انتخابات داخلية مبكرة في حزب الليكود، تمهيدًا لتثبيت موقعه في المشهد السياسي قبل أي انتخابات عامة.

وكشفت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية أن نتنياهو اتصل مؤخرًا برئيس اللجنة المركزية للحزب، الوزير حاييم كاتس، طالبًا منه عقد اجتماع عاجل للجنة لاتخاذ قرار بشأن إجراء انتخابات تمهيدية لقيادة الحزب خلال أسابيع قليلة.

ووفقاً للصحيفة، كلّف نتنياهو كاتس بدراسة الجوانب التنظيمية والقانونية المطلوبة لفتح العملية الانتخابية بسرعة قياسية، وتفعيل آليات الحزب الداخلية في فترة وجيزة. وقال مصدر رفيع في الليكود إن “نتنياهو يريد استغلال التأييد الشعبي المحيط بصفقة الرهائن، حالما يفوز في الانتخابات التمهيدية، ستصمت جميع الأصوات الأخرى”.

واستنادًا إلى استطلاع أجرته شركة “دايركت بولز” في 20 آب/أغسطس، وشمل 542 مشاركًا فوق 18 عامًا، حافظ حزب الليكود على الصدارة في حال جرت انتخابات، بحصوله على 28 مقعدًا.

في هذه الحالة، لن يتغير المشهد كثيرًا: سيحافظ نتنياهو على زعامته للحزب الحاكم، ويستخدم فوزه الداخلي كذريعة لتأكيد شرعيته والبقاء في السلطة.

2. تصدّعات داخل الحكومة تهدد تماسكها

على الضفة الأخرى، يتصاعد خطر سقوط الحكومة مع تزايد التصدعات داخل الائتلاف الحاكم، فوزراء مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أعلنا صراحة معارضتهما لاتفاق تبادل الرهائن ووقف إطلاق النار، معتبرين أن الصفقة تُضعف موقف إسرائيل في الحرب.

وقال سموتريتش إن الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين يعني “إطلاق سراح الجيل القادم من قادة الإرهاب”، فيما سبق له أن صعّد لهجته تجاه نتنياهو متهمًا إياه بالخداع، ومهددًا بالانسحاب من الحكومة والعمل على إسقاطها، بعدما فقد الثقة بقدرة رئيس الوزراء على قيادة الجيش نحو “الحسم والانتصار في غزة”.

وفي حال قرر سموتريتش وبن غفير الانسحاب من الائتلاف، ستفقد الحكومة أغلبيتها في الكنيست، ما يعني سقوطها تلقائيًا والدفع نحو انتخابات مبكرة. ويشير مراقبون إلى أن الخلافات بين الجانبين قد تكون مؤشراً على اقتراب الحكومة من نهاية الطريق.

3. عودة شبح المحاكمة

يبقى الاحتمال الثالث الأكثر تعقيداً: استئناف محاكمة نتنياهو في ملفات الفساد الثلاثة المعروفة، والتي تتهمه بالرشوة والاحتيال وإساءة الأمانة.

بدأت المحاكمة عام 2020، لكنها تأجلت مرارًا بسبب جائحة كورونا أولاً، ثم بسبب الحرب على غزة. ورغم إنكاره التهم واعتباره القضية “استهدافًا سياسياً لإقصائه”، فإن استئناف المحاكمة بعد انتهاء الحرب قد يضعه في مأزق قضائي حقيقي.

ويرى محللون أن استمرار الضغط القضائي على نتنياهو كفيل بإضعاف موقعه السياسي وتقليص فرصه في أي انتخابات مقبلة، خصوصًا في ظل تعبئة الرأي العام ضد الفساد داخل الطبقة السياسية الإسرائيلية.

4. العفو الرئاسي كملاذ أخير لنتنياهو

يتعلق السيناريو الرابع بإمكانية حصول نتنياهو على عفو رئاسي، وهو احتمال لمّح إليه بعض المقربين من الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ.

يمنح القانون الرئيس صلاحية إصدار العفو أو تخفيف العقوبات بعد الإدانة، لكنه لا يتيح له وقف محاكمة جارية أو إلغائها مسبقاً. إذًا في حال أُدين نتنياهو، يمكنه التقدّم بطلب عفو رسمي يُترك لهرتسوغ البتّ فيه قبولاً أو رفضاً.

وكان ترامب قد أبعد من ذلك، حين دعا علنًا إلى إلغاء محاكمة نتنياهو أو منحه عفوًا فورياً، واصفاً إياه بأنه “بطل” يستحق التكريم لا المحاكمة.

ورغم أن هذه الدعوة لا تحمل أي وزن قانوني داخل إسرائيل، إلا أنها قد تزيد الضغط الشعبي والسياسي باتجاه حلّ يجنّب نتنياهو نهاية سياسية مدوّية.

شاركها.
اترك تعليقاً