غزة تواجه شبح أزمة إنسانية أعمق مع تعليق عمل المنظمات الإغاثية
حذّر الاتحاد الأوروبي من أن الإجراءات الإسرائيلية المحتملة بتعليق عمل عدة منظمات إغاثة في قطاع غزة، اعتبارًا من بداية العام الجديد، من شأنها أن تعيق بشكل كبير وصول المساعدات الحيوية إلى السكان المحتاجين. هذا الخطر يهدد بتفاقم الأوضاع الإنسانية الكارثية التي تعاني منها غزة، خاصة مع استمرار الخلافات حول حجم المساعدات الداخلة وتوزيعها. هذا الإجراء يأتي في ظلّ انتقادات دولية متزايدة حول القيود المفروضة على عمل المنظمات الإنسانية وإمكانية وصولها إلى المستفيدين.
تهديد بتعليق عمل المنظمات الإغاثية: ما هي الأسباب؟
أمهلت السلطات الإسرائيلية المنظمات غير الحكومية حتى نهاية ديسمبر الحالي للتسجيل في إطار جديد، يُزعم أنه يهدف إلى منع عمل “جهات معادية أو داعمة للإرهاب” في الأراضي الفلسطينية. لكن هذه الخطوة تثير قلقًا بالغًا في الأوساط الدولية، حيث يرى الكثيرون أنها محاولة لتقويض عمل هذه المنظمات التي تعتبر شريان الحياة لسكان غزة.
وقد أعلنت السلطات الإسرائيلية عن سحب تراخيص بعض المنظمات التي رفضت تقديم قوائم بأسماء موظفيها الفلسطينيين، بحجة التحقق من عدم وجود صلات لهم بـ“الإرهاب”. وتشير التقارير إلى أن ما يقرب من 15% من المنظمات غير الحكومية العاملة في غزة، أي حوالي 25 منظمة، لم يتم تجديد تصاريح عملها.
منظمات دولية كبرى في دائرة الخطر
تضم قائمة المنظمات التي قد يتوقف عملها أسماء بارزة في مجال العمل الإنساني، مثل المجلس النرويجي للاجئين، و CARE الدولية، ولجنة الإنقاذ الدولية. كما أن هناك فروعًا لمنظمات كبرى أخرى مثل أوكسفام وكاريتاس مهددة بالتعليق. إسرائيل وجهت اتهامًا صريحًا لمنظمة أطباء بلا حدود بعدم الالتزام بالقواعد وتوظيف أشخاص يُزعم أن لهم صلة بفصائل فلسطينية مسلحة.
هذه الاتهامات أثارت جدلاً واسعًا، حيث دافعت المنظمات عن استقلاليتها والتزامها بمبادئ العمل الإنساني. إن تعليق عمل هذه المنظمات يعني خسارة كبيرة للخبرات والموارد، مما سيعقد جهود الإغاثة بشكل أكبر. الأزمة الإنسانية في غزة تتطلب تضافر الجهود الدولية، وليس تقويضها.
تصاعد الخلاف حول إدخال المساعدات لغزة
لا يقتصر الخلاف على تسجيل المنظمات، بل يمتد ليشمل حجم المساعدات المسموح بإدخالها إلى قطاع غزة. إسرائيل تؤكد التزامها بتعهداتها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ في 10 أكتوبر، بينما تشكك الوكالات الإنسانية في دقة هذه الأرقام وتُشدد على أن الاحتياجات الإنسانية لا تزال هائلة.
وتقدر المنظمات أن أكثر من مليوني شخص في غزة يعتمدون حاليًا على المساعدات الإنسانية. في حين ينص اتفاق وقف إطلاق النار على إدخال 600 شاحنة يوميًا، تشير التقديرات الميدانية إلى أن عدد الشاحنات التي تحمل مساعدات حقيقية يتراوح بين 100 و 300 شاحنة فقط. وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق تؤكد إدخال 4200 شاحنة أسبوعيًا، أي ما يعادل حوالي 600 شاحنة يوميًا، وهو ما يثير المزيد من التساؤلات حول طبيعة هذه الشحنات.
الأزمة الإنسانية تتفاقم مع حلول العام الجديد
حتى مع إدخال المساعدات، فإن الأوضاع الإنسانية في غزة تظل حرجة. الأمطار الغزيرة والرياح القوية زادت من معاناة النازحين، حيث غمرت مياه الأمطار خيامهم واقتلعت أخرى. الأطفال هم الفئة الأكثر تضررًا، ويواجهون خطرًا متزايدًا من الأمراض وسوء التغذية.
بالإضافة إلى ذلك، يستمر الجيش الإسرائيلي في قصف مناطق متفرقة من القطاع، مما يعيق جهود الإغاثة ويخلق المزيد من النازحين. هناك نقص حاد في الغذاء والوقود، وتهديد بتوقف الخدمات الطبية الأساسية. القيود المفروضة على الإمدادات الأساسية تزيد من خطورة الأزمة الإنسانية.
ما هو مستقبل المساعدات الإنسانية في غزة؟
إن تعقيد الوضع في غزة يتطلب مقاربة شاملة تركز على تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة مع العمل على إيجاد حلول سياسية مستدامة. من الضروري ضمان وصول المساعدات إلى جميع المحتاجين دون قيود، واحترام استقلالية المنظمات الإنسانية.
يجب على المجتمع الدولي الضغط على جميع الأطراف المعنية للامتثال للقانون الدولي الإنساني وتسهيل عمل المنظمات الإغاثية. كما يجب زيادة حجم المساعدات المقدمة لـغزة لمواجهة الأزمة المتفاقمة. إن مستقبل غزة يعتمد على قدرتنا على توفير الدعم اللازم لسكانها وحماية حقوقهم الأساسية.
هذا الوضع يؤكد على ضرورة إيجاد حلول عاجلة وفعّالة لمعالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، وتجنب السياسات التي قد تؤدي إلى تفاقمها. فالحياة البشرية أمانة ومسؤولية، ولا ينبغي أن تكون رهينة للخلافات السياسية.















