بقلم: يورونيوز
نشرت في
أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن المسيحيين في نيجيريا يواجهون تهديداً وجودياً، مُعلناً تصنيف الدولة الواقعة في غرب إفريقيا في قائمة الدول المثيرة للقلق في مجال الحريات الدينية وهي قائمة تضم حاليا دولا مثل باكستان وأفغانستان والصين وتفتح الطريق أمام فرض واشنطن عقوبات على الدولة المصنّفة ضمنها.
وجاء الإعلان، الجمعة، عبر منشور لترامب على حسابه بمنصة “ترُوث سوشيال”، قال فيه إن “آلاف المسيحيين يُقتلون” وأن “الجماعات الإسلامية المتطرفة مسؤولة عن هذه المذبحة الجماعية” وفق تعبيره.
وتابع الرئيس الأمريكي قائلا: “لا يمكن للولايات المتحدة أن تقف مكتوفة الأيدي بينما تجري هذه الفظائع في نيجيريا وبلدان أخرى عديدة. نحن مستعدّون وراغبون وقادرون على إنقاذ مجتمعاتنا المسيحية العظيمة في جميع أنحاء العالم!”
وتأتي الخطوة وذلك تحت ضغط من مشرّعين أمريكيين.
وبحسب وكالة “أسوشيتد برس”، فإن قانون الحرية الدينية الدولية لعام 1998 يمنح الرئيس سلطة اتخاذ هذا التصنيف، لكن الممارسة المتبعة تقضي بأن يستند القرار إلى توصيات من لجنة الولايات المتحدة للحرية الدينية الدولية — وهي هيئة حزبية مشتركة أنشأها الكونغرس — إضافةً إلى تقييمات فنية من خبراء في وزارة الخارجية.
إلا أن ترامب تجاوز هذه الآلية المعتادة، وأصدر قراره دون انتظار تلك التوصيات، مُعلنًا في المنشور نفسه أنه وجّه طلبًا إلى لجنة مخصصة في مجلس النواب والنائبين الجمهوريين رايلي مور وتوم كول للتحقيق فوراً في المسألة ورفع النتائج إليه مباشرةً.
الحكومة النيجيرية تنفي والخبراء يحذّرون
من جانبها، نفت الحكومة النيجيرية بشكل قاطع الادعاءات المتعلقة بوجود اضطهاد ممنهج ضد المسيحيين.
ويوضح خبراء لـ ” أسوشيتد برس” أن العنف في نيجيريا لا يمكن اختزاله في بُعد ديني فقط، بل ينبع من صراعات معقّدة تتعلّق بالموارد، خصوصاً بين مزارعين – أغلبهم مسيحيون– ورعاة – جلّهم مسلمون – على المياه والأراضي الخصبة.
كما يشير تحليل البيانات الأمنية إلى أن الغالبية العظمى من ضحايا الجماعات المسلحة، مثل “بوكو حرام”، هم من المدنيين المسلمين في شمال البلاد، حيث تتركّز أغلب الهجمات منذ أكثر من عقد.
دعم جمهوري وسياق انتخابي داخلي
وقد لاقت الخطوة دعماً من أعضاء بارزين في الحزب الجمهوري. إذ أيد النائب رايلي مور هذا التصنيف، مؤكداً أنه دعا إليه منذ خطابه الأول في أبريل، ومشيراً إلى نيته “التأكد من أن نيجيريا تحظى بالاهتمام الدولي والضغط والمساءلة التي تحتاجها بشكل عاجل”.
كما رحّب السناتور تيد كروز بالخطوة، ووصفها بأنها “حاسمة لمحاسبة المسؤولين النيجيريين”، مُشيراً إلى مشروع قانون يعتزم تقديمه يهدف إلى مواجهة تطبيق قوانين الشريعة في نيجيريا.
ويأتي الإعلان في سياق سعي ترامب لتعزيز شعبيته بين اليمين المسيحي الأمريكي. فمنذ عودته إلى منصبه في يناير، أطلق مبادرات من بينها إنشاء فرقة عمل داخل الحكومة الفدرالية تتمثل مهمتها في مكافحة “التحيّز ضد المسيحيين”، وإصدار مذكرة تسمح للموظفين الفيدراليين بالتبشير في أماكن العمل.
عقوبات محتملة
وبالرغم أن هذا التصنيف لا يؤدي لفرض عقوبات بشكل تلقائي، فإنه يُعدّ خطوة أولى قد تمهّد لإجراءات لاحقة، من بينها حظر المساعدات غير الإنسانية.
وكان ترامب قد أعلن، في وقتٍ سابق من الأسبوع، عن تحديد سقف قبول اللاجئين للسنة المالية 2026 عند 7500 لاجئ فقط وهو أدنى مستوى في تاريخ برنامج اللاجئين الأمريكي. وخصصت الإدارة معظم هذه الحصص “للأفريكانِر من جنوب أفريقيا” و”ضحايا آخرين للتمييز غير القانوني أو الظالم”، في خطوة انتقدها مراقبون باعتبارها لا تستند إلى المعايير الدولية للاجئ، التي تُعرّف وضعه على أساس خوفٍ مُبرَّر من اضطهاد ممنهج.
تجدر الإشارة إلى أن نيجيريا سبق أن وُضعت على قائمة واشنطن “للدول المثيرة للقلق” عام 2020 بسبب “انتهاكات ممنهجة للحرية الدينية” لكن دون التركيز على الهجمات ضد المسيحيين تحديداً. وقد رُفع اسم أبوجا من القائمة في 2023 في خطوة رُبطت بتحسين العلاقات الثنائية قبيل زيارة وزير الخارجية الأمريكي حينها أنتوني بلينكن.
ويقدّر عدد سكان نيجيريا ب 239 مليون نسمة بحسب إحصاء 2025 وهو البلد الإفريقي الأكبر من حيث الكثافة السكانية. حيث يشكل المسلمون نسبة 52% من إجمالي المواطنين أي بما يقدر ب 97 مليونا. أما عدد المسيحيين فيبلغ أكثر من 74 مليون نسمة.















