في تطورات مقلقة تشهدها المنطقة، اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية رواندا بانتهاك اتفاق السلام الموقع مع جمهورية الكونغو الديمقراطية، مما يهدد الاستقرار الهش في شرق الكونغو. هذه الاتهامات تأتي في أعقاب تقدم قوات مدعومة من كيغالي في المنطقة، وتثير مخاوف جدية بشأن مستقبل العملية السلمية. يركز هذا المقال على تفاصيل هذه الاتهامات، والتحذيرات الأمريكية، والتداعيات الميدانية المحتملة، مع تسليط الضوء على أهمية النزاع الكونغو رواندا وتأثيره على المنطقة.

اتهامات أمريكية مباشرة لرواندا بانتهاك اتفاق واشنطن

أعرب وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عن قلقه الشديد إزاء تصرفات رواندا في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، واصفاً إياها بأنها “انتهاك واضح” لاتفاق السلام الذي رعته الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر. وأكد روبيو أن واشنطن ستتخذ إجراءات لضمان التزام رواندا بالاتفاق، مشدداً على أهمية الوفاء بالوعود المقدمة للرئيس الكونغولي.

هذا التصريح القوي يأتي بعد اتهامات مماثلة وجهها السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة، مايك وولتز، لرواندا بدعمها حركة ام23 المسلحة، واتهامها بدفع المنطقة نحو حرب شاملة. وتعتبر هذه الاتهامات تصعيداً دبلوماسياً كبيراً، خاصة وأن اتفاق واشنطن كان يهدف إلى تهدئة التوترات المتصاعدة بين البلدين.

تحذيرات في مجلس الأمن وتصعيد اللهجة

خلال اجتماع لمجلس الأمن، حذر السفير وولتز من أن رواندا، بدلاً من المساهمة في السلام، تعمل على تقويض الاستقرار في المنطقة. وأشار إلى أن تجدد أعمال العنف يثير قلقاً بالغاً وخيبة أمل كبيرة لدى الولايات المتحدة، خاصةً فيما يتعلق بمستوى تدخل رواندا في الأحداث الجارية بشرق الكونغو.

تفاصيل الدعم الرواندي لحركة ام23

قدم وولتز تفصيلاً دقيقاً حول طبيعة الدعم الذي تتلقاه حركة ام23 من رواندا، مؤكداً أن قوات الدفاع الرواندية تقدم دعماً مادياً ولوجستياً، بالإضافة إلى التدريب العسكري لمقاتلي الحركة. وأشار إلى أن عدد الجنود الروانديين المشاركين في القتال يتراوح بين 5000 و 7000 جندي منذ بداية شهر ديسمبر، مع توقعات بزيادة هذا العدد في ظل الهجوم المستمر.

بالإضافة إلى ذلك، اتهم وولتز رواندا بنشر منظومات صواريخ أرض جو وأسلحة ثقيلة ومتطورة في إقليمي شمال وجنوب كيفو لدعم حركة ام23. كما أشار إلى معلومات موثوقة حول تصاعد استخدام المسيرات الانتحارية ونيران المدفعية من قبل الحركة والقوات الرواندية، بما في ذلك تنفيذ ضربات داخل الأراضي البوروندية، مما يوسع نطاق التوتر الإقليمي.

التطورات الميدانية وسيطرة ام23 على الحدود

على الأرض، حققت حركة ام23، بدعم من رواندا، تقدماً ملحوظاً، حيث سيطرت على مدينتي غوما وبوكافو في وقت سابق من هذا العام. وفي مطلع شهر ديسمبر، أطلقت الحركة هجوماً جديداً في إقليم جنوب كيفو، بالقرب من الحدود مع بوروندي.

تمكن مقاتلو ام23 من السيطرة على مدينة أوفيرا، وهي مدينة ذات كثافة سكانية عالية، مما منحهم السيطرة على المعابر الحدودية البرية بين الكونغو وبوروندي. هذه السيطرة أدت إلى قطع خطوط الإمداد العسكرية التي كانت بوجومبورا (بوروندي) تقدمها لحكومة كينشاسا (الكونغو)، مما يزيد من الضغوط على الحكومة الكونغولية. هذا الوضع يفاقم من الأزمة الإنسانية في المنطقة، حيث يواجه المدنيون صعوبات كبيرة في الحصول على الغذاء والرعاية الصحية.

مخاوف متزايدة من تصعيد النزاع

إن الاتهامات الموجهة لرواندا بانتهاك اتفاق السلام تمثل تطوراً خطيراً في النزاع الكونغو رواندا. فقد أثار هذا الأمر مخاوف متزايدة من احتمال تصعيد النزاع إلى حرب إقليمية شاملة، خاصةً مع تورط دول أخرى في الأزمة.

من الضروري أن تتخذ الولايات المتحدة، والأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي خطوات حاسمة للضغط على رواندا للالتزام باتفاق السلام، ووقف دعمها لحركة ام23. كما يجب على المجتمع الدولي تقديم المساعدة الإنسانية اللازمة للمدنيين المتضررين من النزاع، والعمل على إيجاد حلول سياسية مستدامة للأزمة.

الخلاصة: الحاجة إلى حل سياسي شامل

إن الوضع في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية يتطلب اهتماماً فورياً من المجتمع الدولي. فالانتهاكات المتكررة لاتفاق السلام، والدعم المستمر لحركة ام23، يهددان بتقويض أي جهود لتحقيق الاستقرار في المنطقة. يجب على جميع الأطراف المعنية العمل معاً لإيجاد حل سياسي شامل يضمن احترام سيادة الكونغو، وحماية حقوق الإنسان، وتحقيق السلام الدائم. إن تجاهل هذه الأزمة قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المنطقة بأكملها. نحث القراء على متابعة التطورات المتعلقة بهذا الموضوع، والتعبير عن دعمهم للجهود الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار في الكونغو.

شاركها.
اترك تعليقاً