بقلم:&nbspيورونيوز

نشرت في

أعلنت المستشارة القضائية العسكرية اللواء يفعات تومر يروشالمي،، يوم الجمعة، عن قرارها إنهاء ولايتها في المنصب بعد أربع سنوات على رأس الجهاز القانوني للجيش الإسرائيلي، وثلاثين عاماً من الخدمة العسكرية.

وجاء في رسالة الاستقالة التي قدّمتها إلى رئيس الأركان، الفريق أول إيال زامير، أن القرار يأتي في أعقاب “حملة غير مشروعة وكاذبة” طالت وحدتها وموظفيها، لا سيما بعد فتح تحقيقٍ في حادثة وقعت بقاعدة سدي تيمان.

وأشارت إلى أن الحملة بلغت ذروتها باقتحام جماعي للقاعدة وللمحكمة العسكرية، ورافقتها اتهاماتٌ باطلة بـ”تفضيل الإرهابيين على جنود الجيش”.

ووصفت تومر يروشالمي منصبها بأنه “ذروة مسيرتها”، مؤكدةً أن قيادتها للوحدة استندت دوماً إلى “مسؤولية عميقة”، وسعت من خلالها إلى ضمان التزام العمليات العسكرية بالقانون، حتى في ظلّ “أطول وأكثر الحروب تعقيداً التي عرفها جيلنا”، في إشارةٍ إلى الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر 2023.

وشدّدت على أن هذه الحرب كانت “الأكثر التزاماً بالجانب القانوني في تاريخ الجيش”، مشيرةً إلى أن النشاط القانوني خلالها تحول إلى “جبهة قائمة بذاتها”، ساهمت المستشارية القضائية من خلالها في “ضمان حرية عمل الجيش عبر التزامه بالقانون”.

التحقيق في سدي تيمان

وأكدت تومر يروشالمي أن الجيش الإسرائيلي “جيش أخلاقي والتزامه بالقانون راسخ”، موضحةً أن التحقيق في شبهات ارتكاب مخالفات، حتى في زمن الحرب، “واجب قانوني وأخلاقي لا يضعف الجيش، بل يُعدّ مصدر قوته وضماناً لمتانة بنيته”.

وأشارت إلى أن المعتقلين في سدي تيمان “إرهابيون من أسوأ الأنواع”، وأن “إحضارهم إلى العدالة أمرٌ لا غنى عنه”، لكن ذلك لا يبرر التغاضي عن التحقيق عند وجود “شبهة معقولة بحدوث عنف ضد معتقل”.

وأعربت عن أسفها لأن “الفهم الأساسي بأن هناك تصرّفات لا يجوز ارتكابها حتى ضد أبشع المعتقلين لم يعد مقنعاً للجميع”، لافتةً إلى أن ضباط المستشارية القضائية تعرّضوا لهجمات شخصية وشتائم وتهديدات فعلية “لأنهم حرسوا سيادة القانون داخل الجيش”.

تسريب الفيديو: الاعتراف والمسؤولية

وكانت تومر يروشالمي قد أعلنت استقالتها، بعد أن أقرّت بأنها وافقت على تسريب مقطع فيديو مراقبة من منشأة الاحتجاز في سدي تيمان، يُظهر جنوداً وهم يسيئون إلى معتقل فلسطيني في يوليو 2024.

وأفاد الجيش أنها وُضعت في إجازة منذ بدء تحقيق جنائي أجرته الشرطة مطلع الأسبوع، ومن المقرر أن تُستجوب رسميًّا في الأيام المقبلة.

وجاء في رسالتها: “وافقتُ على نشر مادة إعلامية في محاولة لمواجهة الدعاية الكاذبة الموجّهة ضد سلطات إنفاذ القانون العسكرية”. وأضافت: “أتحمّل المسؤولية الكاملة عن أي مادة نُشرت في وسائل الإعلام من داخل الوحدة”، مشيرةً إلى أن “من هذه المسؤولية تنبع قراري بإنهاء ولايتي كمحامية عسكرية عليا”.

استقالة “صحيحة”

ورحّب وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بالاستقالة، قائلاً: “استقالت المحامية العسكرية العليا، وهذا أمرٌ صحيح. فكل من ينشر افتراءات دموية ضد الجنود ليس مستحقاً لارتداء الزي العسكري”.

وكان كاتس قد أعلن عزمه إقالتها، رغم غموض صلاحيته القانونية في ذلك، مؤكدًا أنها “لن تتمكن من العودة إلى منصبها نظراً لخطورة الشبهات وحساسية الدور الموكول إليها”.

وأفاد الجيش أن رئيس الأركان قبل طلبها بإنهاء ولايتها فوراً، وستُتخذ خطوات لاستقرار جهاز المحاماة العسكرية وحماية الجنود، مضيفاً أن زامير “واثق من أن التحقيق الشامل سيكشف الحقيقة”.

كيف بدأ التحقيق؟

وانطلق التحقيق في تسريب الفيديو من تطوّر غير متوقع خلال فحص روتيني أجراه جهاز الأمن الداخلي (الشاباك). فقد فشل ضابط في مكتب المحامية العسكرية العليا ــ يُعتقد أنه المتحدث باسم الوحدة ــ في اجتياز اختبار كشف الكذب (بوليغراف). وخلال الاختبار، سُئل الضابط عن مقطع الفيديو المسرب من سدي تيمان، ما أثار شكوكاً أولية حول ضلوعه في التسريب.

وبعد اطّلاع رئيس الشاباك الجديد، ديفيد زيني، على نتائج الفحص، قام بإبلاغ رئيس الأركان الفريق أول إيال زامير. وبناءً على ذلك، تواصل زامير مع النائب العام،غالي بهاراف ميارا، التي قرّرت فتح تحقيق جنائي رسمي في القضية.

ويُظهر المقطع المسرب جنوداً يعزلون معتقلاً مستلقياً على بطنه، ثم يحيطونه بدروع شغب لحجب الرؤية أثناء الاعتداء المزعوم. وبعد الحادثة، نُقل المعتقل لتلقي العلاج من إصابات خطيرة.

وكان الادعاء العسكري قد قدّم لائحة اتهام ضد خمسة جنود احتياط بتهمة الاعتداء عليه.

سدي تيمان: منشأة تحت المجهر

وأُنشئت منشأة الاحتجاز في قاعدة سدي تيمان جنوبي إسرائيل لاستيعاب تدفق المعتقلين الفلسطينيين مع استمرار الحرب في قطاع غزة. وردّدت تقارير ادعاءات بحدوث مخالفات واسعة النطاق في الموقع، تشمل استخداماً مفرطاً للقيود الجسدية، والضرب، وإهمال المشكلات الطبية، وعقوبات تعسفية.

ودفع ذلك الجيش إلى فتح عدة تحقيقات. وفي قضية منفصلة هذا العام، حُكم على جندي احتياط خدم في سدي تيمان بالسجن سبعة أشهر بعد اعترافه باعتداء على معتقلين فلسطينيين.

وخلال الحرب، استُخدمت المنشأة لاحتجاز أكثر من 1000 معتقل من غزة يُشتبه بضلوعهم في “أنشطة إرهابية”، بينهم من يُعتقد أنهم شاركوا في هجوم 7 أكتوبر الذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واختطاف 251 آخرين، رغم أن بعض المعتقلين أُلقي القبض عليهم خلال الحملة العسكرية اللاحقة في غزة.

وفي سبتمبر 2024، رفضت المحكمة العليا طلباً بإغلاق المنشأة، لكنها حذّرت الدولة من ضرورة الالتزام بالقانون، مشيرةً إلى أن الظروف فيها تغيّرت بشكل كبير منذ تقديم الالتماس، وأن الضغوط القانونية دفعت الحكومة إلى تقليص عدد المعتقلين فيها.

وختمت تومر يروشالمي رسالتها بتعبيرٍ عن “الفخر الهائل والامتنان العميق” لخدمة مؤسسة نموذجية، ولقيادة المستشارية القضائية في “فترة استثنائية”، موجّهةً شكرها إلى مرؤوسيها “الذين يؤدون واجباتهم بتَفانٍ لا حدود له”، وإلى زملائها في هيئة الأركان، وكذلك إلى رئيس الأركان على “المكانة المهمة التي يمنحها لسيادة القانون داخل الجيش”.

شاركها.
اترك تعليقاً