اعلان

وبينما ترى بعض الأوساط أن هذه الخطوة تعكس توجهًا أكثر شمولية وانفتاحًا يتماشى مع المعايير الدولية، يعتبرها آخرون تهديدًا للقيم التقليدية اللبنانية، في وقت تتصاعد فيه النقاشات العالمية حول الهوية الجندرية.

بين المعايير الدولية والخصوصية اللبنانية

وانتشر على منصات التواصل الاجتماعي ملصق يتضمن صورة وزيرة التربية ريما كرامي، مع ادعاءات بأن الوزارة أدرجت “هوية جندرية ثالثة” ضمن استبيانها، ما أثار موجة من الانتقادات بين السياسيين والمجتمع اللبناني.

وخلال جلسة لجنة التربية النيابية يوم الأربعاء، أكدت الوزيرة أن الاستبيان لم يضف تصنيفًا جديدًا، وإنما اقتصر على توفير خيار “أفضل عدم الإجابة”، وهو معيار معتمد عالميًا في الاستبيانات الأكاديمية والتربوية، مما يتيح للطلاب حرية عدم الإفصاح عن معلوماتهم الشخصية.

إلا أن البعض يرى في هذه الخطوة تجاوزًا للخطوط الحمراء في نظام تعليمي لطالما اتسم بمحافظته، خاصة في ظل الانقسامات السياسية والطائفية التي تؤثر بشدة على السياسات التربوية في البلاد.

هل يتجه لبنان نحو تغيير في النظام التعليمي؟

توقيت إصدار هذا الاستبيان لم يأتِ بمعزل عن السياق الدولي، حيث تتزايد الضغوط على الأنظمة التعليمية لاعتماد سياسات أكثر شمولية تحترم التنوع الجندري. ففي حين أن دولًا أوروبية عدة تتبنى نهجًا أكثر ليبرالية في هذا الشأن، يبقى المجتمع اللبناني أكثر تحفظًا تجاه أي تغييرات قد تؤثر على المناهج الدراسية أو سياسات التعليم.

كما أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخير، الذي أعاد تصنيف الجنس على أساس ثنائي فقط، يؤكد أن هذه القضية لا تزال تثير انقسامًا عالميًا، الأمر الذي يجعل لبنان في مواجهة تحديات مماثلة، خاصة مع الضغوط المتزايدة من التيارات المحافظة لمنع أي تغييرات في المناهج أو القوانين التربوية.

جلسة نيابية ساخنة تكشف حجم الانقسام

وتصاعد الجدل أكثر داخل البرلمان اللبناني، حيث شهدت لجنة التربية النيابية نقاشًا حادًا بين الوزيرة وأعضاء اللجنة، وعلى رأسهم النائب إدغار طرابلسي، الذي اعتبر أن هذا التعديل “يتجاوز الأعراف التربوية اللبنانية”.

وعلى الرغم من طابع الجلسة الرسمي، لم تخلُ من بعض المواقف اللافتة، حيث ردّت الوزيرة على سؤال حول عدم إجابة هاتفها الشخصي بقولها: “هاتفي الشخصي يظل شخصيًا، أما الهاتف في المكتب فهو متاح لتحديد أي موعد رسمي”.

بينما تنقسم الآراء بين مؤيد لمزيد من الحريات الفردية ورافض لأي مساس بالمنظومة التعليمية التقليدية، فإن لبنان يجد نفسه، مرة أخرى، أمام اختبار صعب بين التحديث والحفاظ على الهوية المجتمعية.

شاركها.
اترك تعليقاً

2025 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.