في أعقاب الجدل الذي أثارته جريدة الوقائع العراقية، عقد مجلس الوزراء العراقي جلسته الاعتيادية الخمسين برئاسة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لمناقشة تداعيات قرار تجميد أموال الكيانات المرتبطة بالإرهاب، وتحديد المسؤوليات عن الخطأ الذي شاب عملية النشر. هذه القضية، المتعلقة بـ تجميد أموال الإرهابيين، أثارت ردود فعل واسعة داخل العراق وخارجه، وتستدعي فهمًا دقيقًا للتفاصيل والتطورات.
قرار تجميد أموال الإرهابيين: تفاصيل الجدل وتداعياته
بدأت القصة بنشر قرار في جريدة الوقائع العراقية يقضي بإدراج حزب الله والحوثيين ضمن قائمة الكيانات الخاضعة لتجميد الأصول بموجب قرار لجنة تجميد أموال الإرهابيين رقم 61 لسنة 2025. هذا الإدراج أثار عاصفة من الانتقادات والجدل، مما دفع الحكومة العراقية إلى التراجع عنه سريعًا وتعديل النص، وشطب اسمي الحزبين المذكورين من القائمة.
“خطأ” في النشر والتحقيق العاجل
أكدت لجنة تجميد الأموال سابقًا أن ما نُشر في الجريدة الرسمية كان نتيجة “خطأ سيتم تصحيحه”، وأن الموافقة الحكومية اقتصرت على إدراج الأفراد والكيانات المرتبطة بتنظيمي داعش والقاعدة فقط. وبناءً على ذلك، أمر رئيس الوزراء بفتح تحقيق عاجل لتحديد المسؤوليات عن هذا الخطأ الفادح. الهدف من التحقيق هو فهم كيف تم إدراج أسماء غير مصرح بها في القائمة، وتحديد الجهة المسؤولة عن هذا الإجراء.
توصيات اللجنة التحقيقية وعقوبات إدارية
خلال جلسته الأخيرة، أقر مجلس الوزراء توصيات اللجنة التحقيقية الخاصة بهذا الأمر. تضمنت التوصيات عقوبات إدارية بحق المسؤولين المعنيين، شملت إعفاء عدد منهم من مناصبهم، وتدوير آخرين. هذه الإجراءات تعكس حرص الحكومة على محاسبة المسؤولين عن الخطأ، واستعادة الثقة في عمل لجان مكافحة الإرهاب.
موقف الحكومة العراقية من مكافحة الإرهاب والعلاقات الإقليمية
أكد رئيس الوزراء السوداني أن مواقف العراق تجاه مكافحة الإرهاب ثابتة وواضحة، وأنها تقتصر على الكيانات والأفراد المرتبطين بتنظيمي داعش والقاعدة، بناءً على طلب ماليزي. وشدد على أن المواقف السياسية والإنسانية للحكومة العراقية تجاه ما وصفه بالعدوان على الشعبين اللبناني والفلسطيني “مبدئية ولا تخضع للمزايدات”.
التأكيد على رفض إسرائيل ودعم الحقوق التاريخية
أضاف السوداني أن مواقف العراق الثابتة في رفض إسرائيل والاعتداء والإبادة الجماعية والتهجير القسري ليست محلًا للمزايدة، وأن الحكومة برهنت دائمًا على تمسكها بالحقوق التاريخية للشعوب ووقوفها إلى جانبها في مواجهة ممارسات العدوان. هذا التأكيد يعكس التزام العراق بمبادئه الثابتة في دعم القضايا العربية والإسلامية.
توضيح رئاسة الجمهورية ودورها في المصادقة على القرارات
في سياق متصل، نفت رئاسة الجمهورية العراقية علمها أو مصادقتها على القرار الذي جرى تداوله بشأن اعتبار “الحوثيين” وحزب الله جماعتين إرهابيتين. وأوضحت الرئاسة أنها لم تتسلم أي قرار من هذا النوع، وأن دورها يقتصر على تدقيق القوانين التي يصوت عليها مجلس النواب والمراسيم الجمهورية، وأن قرارات مجلس الوزراء أو لجان مكافحة الإرهاب لا تُرسل إليها. هذا التوضيح يحدد بشكل قاطع دور الرئاسة في عملية اتخاذ القرارات المتعلقة بـ مكافحة الإرهاب.
مستقبل إجراءات تجميد الأموال والالتزام بالقرارات الدولية
تؤكد الحكومة العراقية التزامها بالقرارات الدولية الخاصة بمكافحة تمويل الإرهاب، وتشدد على أن أي إجراءات تتخذ في هذا الإطار ستكون مقتصرة على الكيانات والأفراد المرتبطين بتنظيمي داعش والقاعدة. من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة مراجعة شاملة لإجراءات تجميد الأصول، لضمان عدم تكرار مثل هذه الأخطاء في المستقبل. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تعزيز آليات الرقابة والتفتيش على عمل لجان مكافحة الإرهاب، لضمان الشفافية والنزاهة في عملها.
الخلاصة: ضرورة الدقة والشفافية في مكافحة الإرهاب
إن قضية تجميد أموال الإرهابيين الأخيرة تسلط الضوء على أهمية الدقة والشفافية في اتخاذ القرارات المتعلقة بمكافحة الإرهاب. يجب على الحكومة العراقية أن تواصل جهودها في هذا المجال، مع الالتزام الكامل بالقرارات الدولية، واحترام السيادة الوطنية، وتجنب أي إجراءات قد تؤثر سلبًا على العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة. كما أن تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجال مكافحة الإرهاب يعتبر أمرًا ضروريًا لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. هذه القضية تتطلب متابعة دقيقة ومستمرة لضمان عدم تكرار الأخطاء، وتعزيز الثقة في عمل المؤسسات الحكومية المعنية.


