في خضم التطورات المتسارعة للأزمة الأوكرانية، تتركز الأنظار حاليًا على مقترح سلام جديد قدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي أثار جدلاً واسعًا وتساؤلات حول مستقبل المفاوضات. هذا المقترح، الذي يهدف إلى إنهاء الحرب المستمرة، يثير تساؤلات حول التنازلات المحتملة التي قد تطلبها الأطراف المعنية، ومستقبل أوكرانيا في ظل هذه التطورات.

مقترح ترامب للسلام في أوكرانيا: تفاصيل وخلفيات

أفادت شبكة “إن بي سي نيوز” مساء الأربعاء بأن الرئيس دونالد ترامب قد وافق على خطة السلام الخاصة بأوكرانيا، والتي تتضمن 28 بندًا مستوحاة جزئيًا من اتفاق الهدنة في غزة. هذا الإعلان جاء في وقتٍ دعا فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الولايات المتحدة إلى “المساعدة في إنهاء الحرب”، مؤكدًا أن بلاده والرئيس ترامب يمتلكان القدرة على تحقيق ذلك. في المقابل، أعرب وزير الخارجية الألماني يوهان فاديبول عن عدم إطلاعه على الخطة، مؤكدًا على الجهود الدولية المستمرة لدفع روسيا إلى طاولة المفاوضات.

بنود رئيسية في الخطة المثيرة للجدل

يتضمن مقترح ترامب منح روسيا السيادة على الأراضي التي تحتلها في منطقتي لوغانسك ودونيتسك (دونباس)، مع تحويل ما تبقى من المنطقتين تحت سيطرة أوكرانيا (حوالي 14.5%) إلى مناطق منزوعة السلاح. أما منطقتي خيرسون وزابوريجيا، فسيتم تجميد خطوط القتال الحالية مع إعادة روسيا بعض الأراضي بناءً على المفاوضات. الأمر الأكثر إثارة للجدل هو اعتراف الولايات المتحدة ودول أخرى بشبه جزيرة القرم ومنطقة دونباس كأراضٍ روسية بشكل قانوني، دون إلزام أوكرانيا بالاعتراف بذلك.

ومع ذلك، تؤكد المصادر أن هذه البنود ليست نهائية وقابلة للتعديل، لكن مدى قدرة أوكرانيا على إدخال تغييرات جوهرية عليها يبقى موضع شك، خاصة وأنها استُبعدت من المشاورات التي يقودها مبعوث ترامب ستيف ويتكوف بمشاركة روسيا وقطر وتركيا.

موقف أوكرانيا والضغوط الأمريكية المتزايدة

يبدو أن الرئيس زيلينسكي يواجه موقفًا صعبًا في الوقت الحالي، خاصة في ظل فضيحة الفساد الكبرى التي طالت مقربين منه في قطاع الطاقة. هذه الفضيحة قد تضعف موقفه التفاوضي وتجعله أكثر عرضة للضغوط الأمريكية المتزايدة لقبول الصفقة.

تأجيل لقاء ويتكوف وزيلينسكي

كان من المقرر أن يلتقي ويتكوف بزيلينسكي في إسطنبول، لكن الاجتماع أُرجئ بعدما “تبيّن أن زيلينسكي يتراجع عن التفاهمات التي جرى التوصل إليها، وأنه غير مهتم بمناقشة خطة ترامب”. بدلاً من ذلك، توجه زيلينسكي إلى أنقرة بخطة أخرى أُعدت مع شركاء أوروبيين، وهي خطة لن تقبل بها روسيا. في الوقت الحالي، تضع واشنطن الكرة في ملعب زيلينسكي، وتدعوه لزيارة واشنطن لمناقشة الخطة الأمريكية الجديدة إذا رغب في ذلك.

ردود الفعل الدولية وتوجسات الأوروبيين

أثارت خطة ترامب ردود فعل متباينة على الصعيد الدولي. فبينما أعرب وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عن استمرار واشنطن في تطوير قائمة بالأفكار المحتملة لإنهاء الحرب، أكد على ضرورة التبادل الواسع لأفكار جدية وواقعية، وأن تحقيق سلام دائم يتطلب تنازلات صعبة من الطرفين.

لكن الأوروبيين يبدون متوجسين من الخطة، حيث نقل موقع “بوليتيكو” عن مصدر في الاتحاد الأوروبي قوله إن الروس ينظرون إلى ويتكوف على أنه شخص مستعد للترويج لمصالحهم، وأن الأوروبيين لم يُستشاروا في هذا الموضوع.

تحرك عسكري أمريكي غير تقليدي

في تطور لافت، يزور العاصمة الأوكرانية كييف وفد عسكري أمريكي رفيع المستوى من البنتاغون، يضم وزير الجيش الأمريكي، الجنرال كريس دوناهيو، والقائد الأعلى للقوات الأمريكية في أوروبا الجنرال راندي جورج. ويُعتقد أن اختيار البيت الأبيض لإرسال هذه الشخصيات العسكرية المرموقة بدلاً من الدبلوماسيين التقليديين يعكس توجهًا نحو اعتماد أسلوب غير تقليدي في المفاوضات، بدافع الاعتقاد بأن موسكو قد تكون أكثر استعدادًا للانفتاح على حوار تُسهّله قنوات عسكرية. هذا التحرك يأتي في ظل الإحباط من فشل الجهود الدبلوماسية السابقة في تحقيق أي تقدم ملموس.

الخلاصة:

إن مقترح ترامب للسلام في أوكرانيا يمثل نقطة تحول محتملة في مسار الأزمة. ومع وجود العديد من التحديات والعقبات، يبقى مستقبل المفاوضات معلقًا على ردود فعل الأطراف المعنية، وقدرتهم على التوصل إلى حلول وسط ترضي جميع الأطراف. من الواضح أن السلام في أوكرانيا يتطلب جهودًا دولية مكثفة، وتنازلات صعبة، ورؤية استراتيجية تضمن الأمن والاستقرار في المنطقة. متابعة التطورات المتعلقة بهذا الوضع الأوكراني أمر بالغ الأهمية لفهم ديناميكيات الصراع المحتملة، و المفاوضات الروسية الأوكرانية قد تشكل مستقبل المنطقة.

شاركها.
اترك تعليقاً