قرار تعيين رومان غوفمان يثير جدلاً واسعاً في إسرائيل

أثار قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتعيين سكرتيره العسكري رومان غوفمان رئيساً لجهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) جدلاً واسعاً وانتقادات حادة في الأوساط الإسرائيلية. هذا التعيين، الذي أُعلن عنه مؤخراً، يثير تساؤلات حول دوافعه ومدى ملاءمة غوفمان لهذا المنصب الحساس، خاصةً في ظل التحديات الأمنية المتزايدة التي تواجهها إسرائيل. الجدل حول تعيين رئيس الموساد يتصاعد مع ظهور تفاصيل مثيرة حول ماضي غوفمان وعلاقته ببعض القضايا الأمنية.

انتقادات واسعة النطاق لقرار التعيين

الناشط السياسي الإسرائيلي أوري إلمكاييس، كان من أوائل من انتقدوا القرار بشكل صريح، واصفاً إياه بأنه “يشكل خطراً على أمن إسرائيل القومي”. إلمكاييس لم يتردد في التعبير عن قلقه العميق عبر منصة “إكس”، مؤكداً أن هذا التعيين “لا يجب أن يمر”. هذه الانتقادات لم تقتصر على إلمكاييس، بل امتدت لتشمل أوساطاً واسعة داخل جهاز الموساد نفسه، وفقاً لتقارير إعلامية إسرائيلية.

مخاوف داخل جهاز الموساد

القناة الـ12 الإسرائيلية أفادت بأن قرار نتنياهو شكل “صدمة للموساد”، مشيرة إلى أن رئيس الجهاز كان قد اقترح مرشحين آخرين من داخل الجهاز، لكن نتنياهو فضل اختيار سكرتيره العسكري. هذا الأمر يثير تساؤلات حول مدى الثقة بين نتنياهو ورئيس الموساد الحالي، ديفيد برنيع، الذي سينهي ولايته في يونيو/حزيران 2026. القناة الـ13 الإسرائيلية كشفت أيضاً عن “قلق بالغ” ساد أوساط الموساد خلال الفترة الأخيرة من احتمال تعيين غوفمان، بسبب افتقاره للخبرة في مجال الاستخبارات.

خلفية مثيرة للجدل لرومان غوفمان

رومان غوفمان تولى مناصب عملياتية وقيادية في الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك قائد بسلاح المدرعات ورئيس مقر عمليات الحكومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. لكن ما يثير الجدل بشكل خاص هو حادثة تعود إلى فترة شبابه، حيث تم اعتقال أوري إلمكاييس من قبل جهاز “الشاباك” بعد أن قام ضابطان من فرقة يقودها غوفمان بتزويده بمعلومات سرية لنشرها على قنواته في تلغرام.

“تنصل من المسؤولية” وتداعيات الحادثة

إلمكاييس يتهم غوفمان بـ “التنصل من المسؤولية” بعد أن استخدمه في مهام جمع المعلومات الاستخباراتية وتفعيل العملاء في دول معادية، مع تعريض حياته للخطر. ويقول إلمكاييس إنه تعرض للتعذيب الجسدي والنفسي خلال فترة احتجازه، بينما أنكر غوفمان أي صلة بالحادثة، واكتفى الجيش الإسرائيلي بتوجيه توبيخ له. هذه الحادثة تثير تساؤلات حول أخلاقيات غوفمان وقدرته على تحمل المسؤولية، وهي صفات ضرورية لرئيس جهاز استخبارات. التحقيقات في هذه القضية، أو بالأحرى عدم إجراء تحقيقات شاملة، تزيد من حدة الانتقادات الموجهة للتعيين.

دور سارة نتنياهو في التعيين؟

وفقاً لتقارير إعلامية إسرائيلية، فإن سارة نتنياهو، زوجة رئيس الوزراء، لعبت دوراً في هذا التعيين. القناة الـ12 الإسرائيلية نقلت عن مسؤول أمني كبير لم تسمه أن سارة نتنياهو كانت “ضالعة في هذا التعيين”. هذا الأمر يثير تساؤلات حول مدى تأثير العوامل الشخصية على القرارات الأمنية الهامة، ويؤكد المخاوف من أن التعيين لم يتم بناءً على معايير مهنية بحتة. العديد من المحللين السياسيين يرون أن هذا التعيين يعكس رغبة نتنياهو في وضع شخص موالٍ له على رأس جهاز الموساد، لضمان تنفيذ سياساته ورؤيته.

مستقبل الموساد في ظل التغييرات الجديدة

يتوقع جهاز الموساد حدوث موجة استقالات على خلفية هذا التعيين، حيث يرى كبار المسؤولين في الجهاز أن غوفمان “غير مناسب” ويفتقر إلى الخلفية الاستخبارية اللازمة. ويقدرون أنه سيستغرق سنة أو سنتين للتأهل للمنصب. هذا الأمر يثير قلقاً بشأن مستقبل جهاز الموساد وقدرته على مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة. الخلافات الداخلية والتوترات المتصاعدة قد تؤثر سلباً على أداء الجهاز وكفاءته. الوضع الحالي يتطلب حواراً مفتوحاً وشفافاً بين جميع الأطراف المعنية، لضمان استقرار جهاز الموساد والحفاظ على أمن إسرائيل. الاستقرار الأمني لإسرائيل يتأثر بشكل كبير بقرارات كهذه.

في الختام، قرار تعيين رومان غوفمان رئيساً للموساد يثير جدلاً واسعاً ومخاوف حقيقية في إسرائيل. الخلفية المثيرة للجدل لغوفمان، والانتقادات الحادة من داخل جهاز الموساد، والتساؤلات حول دور سارة نتنياهو في التعيين، كلها عوامل تثير الشكوك حول مدى ملاءمة هذا التعيين. من الضروري إجراء تحقيق شامل في هذه القضية، لضمان الشفافية والمساءلة، والحفاظ على أمن إسرائيل القومي. نأمل أن يتم التعامل مع هذا الأمر بحكمة ومسؤولية، لضمان استقرار جهاز الموساد وقدرته على مواجهة التحديات المستقبلية.

شاركها.
اترك تعليقاً