أفاد موقع “أكسيوس” بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يستعد لاستضافة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في منتجع مار-أ-لاجو يوم الأحد، في خطوة حاسمة نحو التوصل إلى خطة سلام أمريكية شاملة. يأتي هذا اللقاء بعد أشهر من المفاوضات المكثفة، ويشير إلى تقدم ملموس في الجهود المبذولة لإنهاء الصراع الدائر في أوكرانيا. هذا الاجتماع يضع الأضواء على الدور الأمريكي المحتمل في صياغة مستقبل أوكرانيا، ويُثير تساؤلات حول التنازلات المحتملة من كلا الجانبين.
اجتماع مار-أ-لاجو: فرصة أخيرة لـ “خطة السلام”؟
الاجتماع المرتقب بين ترامب وزيلينسكي يحمل في طياته آمالًا كبيرة في تحقيق انفراجة في الأزمة الأوكرانية. مصادر أوكرانية أكدت لموقع “أكسيوس” أن هذا اللقاء يعكس نضوجًا في المفاوضات، خاصة وأن ترامب كان قد صرح سابقًا بأنه لن يجتمع بزيلينسكي إلا إذا رأى أن التوصل إلى اتفاق وشيك.
زيلينسكي نفسه أعرب عن تفاؤله عبر منصة “إكس”، قائلًا بعد تلقي إحاطة من كبير مفاوضيه روستيم أوميروف: “لن نضيع يومًا واحدًا.. لقد اتفقنا على اجتماع رفيع المستوى مع الرئيس ترامب قريبًا.. يمكن اتخاذ الكثير من القرارات قبل نهاية العام.” هذا التصريح يؤكد على الإلحاح الذي تشعر به أوكرانيا في إيجاد حل سياسي للصراع.
تفاصيل “خطة السلام” الأمريكية ومناقشات فلوريدا
الخطة الأمريكية، التي تم التفاوض بشأنها لأسابيع بين واشنطن وكييف، ترتكز على وقف القتال على خطوط الجبهة الحالية دون تسوية نهائية لمصير الأراضي التي تحتلها روسيا، والتي تمثل أكثر من 19٪ من مساحة أوكرانيا.
وقد سبقت الاجتماع بين الرئيسين سلسلة من المحادثات السرية في فلوريدا جمعت بين مستشاري ترامب، ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، وكبار المفاوضين الروس والأوكرانيين. مسؤول أمريكي رفيع المستوى وصف هذه المحادثات بأنها “إيجابية وبنّاءة”، مضيفًا: “لقد وصلنا إلى أقصى حد ممكن مع الروس والأوكرانيين.. أحرزنا تقدمًا أكبر في الأسبوعين الماضيين مقارنة بالعام الماضي. نريد دفع الكرة نحو الهدف، ونحن في الاتجاه الصحيح.”
الضمانات الأمنية المحتملة
تشير التقارير إلى أن معظم عناصر الاتفاق قد تم التوافق عليها بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، بما في ذلك ضمانات أمنية قوية تقدمها الولايات المتحدة وأوروبا لأوكرانيا. وتستند هذه الضمانات بشكل كبير إلى المادة 5 من حلف الناتو، مع إمكانية عرضها للمصادقة في مجلس الشيوخ الأمريكي. هذه الضمانات الأمنية تعتبر حجر الزاوية في أي اتفاق سلام مستقبلي، حيث تسعى أوكرانيا إلى الحصول على تعهدات قوية تضمن سيادتها وأمنها.
نقاط الخلاف الرئيسية في مفاوضات السلام
على الرغم من التقدم المحرز، لا تزال هناك نقاط خلاف رئيسية تعيق التوصل إلى اتفاق نهائي. أبرز هذه النقاط هي السيطرة الروسية على منطقة دونباس. بينما تصر أوكرانيا على انسحاب متكافئ للقوات الروسية من خطوط السيطرة الحالية، وتؤكد على ضرورة إجراء استفتاء شعبي على أي تنازلات إقليمية.
من جهته، صرح المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، بأن اتصالًا هاتفيًا جرى بين المسؤولين الروس والأمريكيين، لكنه امتنع عن كشف التفاصيل، مشيرًا إلى أن الطرفين “اتفقا على مواصلة الحوار”. وأضاف بيسكوف أن موسكو “تعمل على تحديد موقفها” ردًا على النسخة المعدلة من الخطة الأمريكية.
التعديلات الأخيرة على الخطة وموقف روسيا
النسخة المعدلة من الخطة الأمريكية تحذف مطلبين أساسيين كانت موسكو تصر عليهما: انسحاب القوات الأوكرانية من مناطق دونباس، والتزام قانوني من كييف بعدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو). هذا التغيير يجعل احتمالية موافقة روسيا على النسخة الجديدة منخفضة، حيث تعتبر هذه المطالب ضرورية لحماية مصالحها الأمنية.
ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم الخارجية الروسية، صرحت بأن التقدم نحو إنهاء الحرب “بطيء ولكنه ثابت”. هذا التصريح يعكس حذرًا روسيًا تجاه التوقعات المتفائلة، ويشير إلى أن المفاوضات لا تزال تواجه تحديات كبيرة. المفاوضات الروسية الأوكرانية معقدة وتتطلب الكثير من الدبلوماسية والحلول الوسط.
مستقبل الأزمة الأوكرانية: نظرة متفائلة بحذر
الاجتماع المرتقب بين ترامب وزيلينسكي يمثل فرصة حقيقية لإنهاء الصراع في أوكرانيا. ومع ذلك، فإن التوصل إلى اتفاق نهائي يتطلب تنازلات من كلا الجانبين، وإيجاد حلول مقبولة للقضايا العالقة، وخاصة مسألة السيطرة على منطقة دونباس.
من المهم متابعة تطورات هذا الاجتماع عن كثب، وتقييم مدى قدرة الطرفين على التغلب على الخلافات والتوصل إلى اتفاق سلام دائم. النجاح في هذه المفاوضات سيكون له تداعيات إيجابية على الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
هل سيتمكن ترامب وزيلينسكي من إحياء آمال السلام في أوكرانيا؟ الإجابة على هذا السؤال ستتضح في الأيام القليلة القادمة.


