بقلم: يورونيوز
         نشرت في
            
            
تعرض الداعية السوري محمد خير الشعال، خلال الأيام الماضية، لطرد من مسجدين في ريف دمشق، ما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الدينية والاجتماعية، وسط اتهامات متباينة تراوحت بين الخلفية المذهبية ومواقفه خلال سنوات الحرب.
ويعرف الشيخ الدكتورالشعال بأنه عالم دين وطبيب أسنان سوري، وُلد في دمشق عام 1970، وجمع بين التخصص الشرعي ومهنة الطب، ويُعدّ من الوجوه الدعوية والإعلامية البارزة في العاصمة.
ووفق تقارير المرصد السوري لحقوق الإنسان، طُرد الشعال من مسجد في بلدة قارة بسبب انتمائه للمذهب الأشعري، في حين وجّه إليه آخرون في مسجد ثانٍ بحرستا اتهاماً بأنه كان من بين من “التزموا الصمت إزاء جرائم نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد”، ولم يُعلن موقفاً واضحاً من “الإبادة التي تعرض لها الشعب السوري على يد جيش النظام”.
وفي مقطع فيديو متداول من بلدة قارة، ظهر الشعال أثناء محاضرته عن “الألفة بين المسلمين”، حيث قال بصوتٍ مرتفع: “أنا من جماعة الله أكبر، أنا مسلم”، ليُقاطعه أحد الحاضرين فوراً قائلاً: “كلمة سلفي”. وسرعان ما تحوّل المشهد إلى اعتداء لفظي طالته مجموعة من الأشخاص، قبل أن يُطلب منه مغادرة المسجد.
دفاع التلاميذ: “الإسلام الدمشقي وسطي منذ قرون”
وأثارت هذه الوقائع موجة استنكار واسعة من تلاميذ الشيخ وأهالي دمشق، الذين وصفوا ما حصل بأنه “اعتداء على التنوّع الديني” و”محاولة لفرض وصاية فكرية” على المشهد الديني في العاصمة.
وقال عدد من طلابه عبر منصات السوشيال ميديا: “إن الشعال ظلّ طوال عقود يُدرّس في مساجد دمشق دون أن يُثير أي خلاف مذهبي، مشيرين إلى أن محاضراته كانت تجمع بين أتباع المذاهب المختلفة، من أشاعرة وصوفية وحنابلة، دون تمييز”.
وأكّد تلاميذه أن “الإسلام الدمشقي عُرف عبر التاريخ بالاعتدال والتسامح”، معتبرين أن استهداف شخصيات مثل الشعال “لا يستهدفه وحده، بل يستهدف هوية دمشق الدينية والاجتماعية بأكملها”. ولفتوا إلى أن “الاعتداء عليه في بيت من بيوت الله، وعلى خلفية مذهبيّة، يُهدّد السلم الأهلي”.
ودعا عدد منهم وزارة الأوقاف إلى “اتخاذ موقف واضح لحماية العلماء الوسطيين من حملات الترهيب والاقصاء”.
مطالبات بمحاكمة الشعال
من جهتهم، عبّر موالون للحكومة السورية الجديدة عن استيائهم من استمرار وجود شخصيات دينية، على حد تعبيرهم، “لم تدن جرائم النظام السابق علناً ولم تُبدِ موقفاً صريحاً من القمع الذي مارسه”، معتبرين أن بقاء مثل هؤلاء في منابر التوجيه الديني يُشكّل إهانة لضحايا تلك المرحلة.
ورأى هؤلاء أن “صمت الشعال خلال سنوات الحرب، رغم موقعه الديني المؤثر، يُعدّ تواطؤاً ضمنياً مع آلة القمع، خاصةً أنه لم يُسجّل موقفاً علنياً ينتقد فيه جرائم جيش النظام أو سياساته الأمنية”.
ودعا عدد منهم إلى محاكمته “على صمته المطبق طوال العقد الماضي”، مطالبين الجهات المختصة بإعادة النظر في منحه منابر للتدريس أو الخطابة، قبل أن يُقدّم “تبريراً شافياً لمواقفه السابقة”.
من جهته، حذّر المرصد السوري لحقوق الإنسان من أن “استمرار مثل هذه الاعتداءات يمثل تهديداً صريحاً لحرية العبادة، ويزيد من الانقسامات الطائفية والمذهبية في الريف الدمشقي”، داعياً السلطات المحلية والمجتمع المدني إلى التصدي لهذه الممارسات لحماية حقوق المواطنين في ممارسة شعائرهم الدينية بأمان”.
بيان الشعال: “كنا نأكل لحم الميتة اضطراراً”
ورداً على الحملة المتصاعدة ضده، أصدر الشعال بياناً توضيحياً نشره عبر حساباته الرسمية، قال فيه: “عذراً لكل مكلومٍ ثائر ومرابط صابر آلمه يوماً قولي أو فعلي، فما أردت إيلامهم وهم إخواننا على العين والرأس، ولهم علينا يد لا تُنسى”.
وأوضح أن الدعاة، ومنهم نفسه، “كانوا يُخرسون النظام البائد تحت الضغط والتهديد، بما لا يرتضونه من كلمات أو لقاءات”، مضيفاً: “كأنّ من يأكل لحم الميتة اضطراراً”. وأشار إلى أنه واجه “مخاطر حقيقية”، كاشفاً أن النظام “اعتقل أخاه، وقتل عدداً من أقاربه، وفخّخ سيارته، وأصدر بحقه قرار اعتقال في فرع فلسطين”.
كما لفت الشعال إلى أنه ساعد “عدداً من الشباب على تجنّب الالتحاق بجيش النظام”، وساهم في “تسهيل سفر بعضهم”. وأضاف: “استشهد من طلابي الداعمين للثورة واعتُقل بعضهم، وساعدت من أستطيع على السفر لكي لا يلتحق بجيش النظام، وكان بعض إخواننا الثوار وأصدقاؤنا يتابعوننا من الشمال وكنا نتابع أخبارهم بطريق غير مباشر”.
وأكد أن قراره بالبقاء في دمشق، رغم توفر فرص السفر، جاء “لِمواساة الناس وتعليمهم ودعمهم، فقد وجدوا الأهوال والآلام من إجرام النظام البائد”.






									 
					








