يبدو أن الإسرائيليين يريدون وضعاً جديداً في لبنان بعد الحرب، يتيح لهم حرية الحركة، مما يعني إمكانية شن هجمات في أي وقت يشاءونه، وجاء التعبير عن هذا الأمر على لسان وزير سابق وليس عضواً في حكومة بنيامين نتنياهو.
خلال عدة ساعات، عبر وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، بيني غانتس، عن مواقف يبدو أن تمثل حقيقة موقف حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حيال شروط وقف الحرب على لبنان.
وكتب غانتس على منصة “إكس”، الاثنين، أن “أي وقف لإطلاق النار مع لبنان يجب أن يتضمن حرية إسرائيلية كاملة ضد أي انتهاك”.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية في وقت لاحق تصريحات عن غانتس أكثر تفصيلاً بشأن هذا الشرط، إذ قال إنه يجب التعامل مع “مناطق جنوب لبنان بالطريقة ذاتها التي يتم التعامل بها مع مناطق “أ” في الضفة الغربية المحتلة.
وتحدث تقارير إعلامية إسرائيلية في الأيام الأخيرة عن أن تل أبيب تريد تضمين أي اتفاق من لبنان مسألة حرية الحركة لقواتها هناك حتى توقف الحرب.
لكن رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري، أكد في تصريحات صحفية أنه تسلم مقترحاً أمريكياً لوقف إطلاق النار، لا يتضمن أي بند من هذا النوع.
وقال غانتس، وهو زعيم حزب معسكر الدولة المعارض: “هذا يعني أن الجيش الإسرائيلي يجب أن يكون له حرية التصرف التام في حال حدوث أي خرق للاتفاق مع لبنان”.
وأضاف: “عندما لا تعمل الحكومة اللبنانية في جنوب لبنان، سيكون من واجب الجيش الإسرائيلي العمل هناك بكل قوة”.
قصة المناطق “أ” في الضفة الغربية
قسّم اتفاق أوسلو الموقع عام 1993، بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية المناطق في الضفة الغربية إلى 3 مناطق، سميت “أ”، و”ب”، و”ج”.
- المناطق “أ”: تخضع أمنياً وإدارياً للسلطة الفلسطينية التي أنشئت بفعل الاتفاق، ويحظر دخول قوات إسرائيلية إليها.
- المناطق “ب”: تخضع إدارياً للسلطة الفلسطينية وأمنياً لإسرائيل.
- المناطق “ج”: تخضع بالكامل للسيطرة الإسرائيلية.
لكن بعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، شنت إسرائيل عملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية أطلقت عليها اسم “السور الواقي” عام 2002، وأعادت فيها اجتياح كافة مناطق “أ” التي كانت خاضعة للسيطرة الفلسطينية بحجة “مكافحة الإرهاب”.
ومنذ ذلك الوقت، احتفظت إسرائيل بحرية الحركة داخل هذه المناطق، بمعنى أن قواتها لا توجد بشكل دائم داخلها، لكن تقتحمها بين الحين والآخر، في عمليات قد تطول أو تقصر، كما يحدث حالياً في شمالي الضفة الغربية.
ورفضت إسرائيل مراراً التوقف عن اجتياح المناطق الفلسطينية، كلما اقتربت من توقيع اتفاق مع السلطة الفلسطينية، وأصرت على بند “حرية الحركة”.
ويبدو أن بيني غانتس يريد الصيغة الثانية التي فرضتها إسرائيل بقوة السلاح بعد عام 2002.
الفكرة مبنية على “استراتيجية جز العشب”
ينطلق غانتس من استراتيجية اتبعتها الحكومات الإسرائيلية على مر عقود الصراع العربي مع الدولة العبرية وتحمل اسم “جز العشب”.
والمقصود بهذه الاستراتيجية إضعاف قدراته الخصوم العرب ومنعهم من مراكمة عناصر القوة، بما يؤدي في النهاية إلى تقليص قدرتهم على إلحاق الضرر بإسرائيل.
وتتجسد هذه الاستراتيجية في شن ضربات محدودة، تؤدي إلى قضم إمكانيات الخصم دون الذهاب إلى خيار الحرب الشاملة.
وتخشى إسرائيل من أن يعيد حزب الله بناء قواته العسكرية في لبنان بعد انتهاء الحرب، وكأن شيئاً لم يكن، خاصة إن حظر عليها التحرك ضده.
المصادر الإضافية • وسائل إعلام إسرائيلية، شبكات تواصل اجتماعية