قطاع غزة يواجه كارثة صحية: مستشفى العودة يوقف الخدمات بسبب نقص الوقود

يشهد قطاع غزة، على الرغم من سريان الهدنة الهشة، تدهوراً حاداً في الأوضاع الإنسانية والصحية. آخر التطورات المقلقة هي الإعلان عن تعليق معظم الخدمات الطبية في مستشفى العودة بمخيم النصيرات، بسبب نقص الوقود الحاد الذي يعيق تشغيل المولدات الكهربائية الضرورية. هذا النقص يهدد حياة المرضى والنازحين، ويضع النظام الصحي في القطاع على حافة الانهيار. الوضع يفاقمه عدم كفاية المساعدات الداخلة، مما يستدعي تحركاً عاجلاً لإنقاذ ما تبقى من بنية تحتية طبية.

أزمة إنسانية مستمرة رغم الهدنة

على الرغم من إعلان الهدنة في 10 أكتوبر، إلا أن الأزمة الإنسانية في غزة لم تحل، بل تفاقمت. الاتفاق يقضي بإدخال 600 شاحنة مساعدات يومياً، لكن الواقع يشير إلى أن الكمية الفعلية تتراوح بين 100 و300 شاحنة فقط، وفقاً لتقارير منظمات غير حكومية والأمم المتحدة. هذا النقص الحاد يؤثر بشكل مباشر على توفير الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الوقود الذي يعتبر شريان الحياة للمستشفيات والمراكز الصحية.

الوضع يزداد سوءاً مع مرور الوقت، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه النظيفة، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي المستمر. هذا الانقطاع يعيق عمل المستشفيات ويؤثر على جودة الرعاية الصحية المقدمة.

مستشفى العودة: تقليص حاد في الخدمات بسبب نقص الوقود

أعلن مدير البرامج في جمعية العودة الصحية والمجتمعية، أحمد مهنا، عن توقف معظم أقسام المستشفى عن العمل بسبب نقص الوقود. وأوضح في تصريحات لوكالة فرانس برس أن الخدمات تقتصر حالياً على أقسام الطوارئ والولادة والأطفال فقط، وهي الأقسام التي تحاول تقديم الحد الأدنى من الرعاية للمرضى.

الحاجة الماسة للوقود

أشار مهنا إلى أن المستشفى اضطر إلى استئجار مولد كهربائي لتأمين بعض الخدمات الأساسية، لكن هذا الحل مؤقت وغير مستدام. يحتاج المستشفى يومياً إلى ما بين 1000 و1200 لتر من الديزل، بينما لا يتجاوز المخزون الحالي 800 لتر. هذه الكمية غير كافية لتشغيل الأقسام المختلفة، مما يضطر إدارة المستشفى إلى اتخاذ قرارات صعبة بشأن تحديد أولويات الرعاية.

مهنا حذر بشكل قاطع من أن استمرار أزمة نقص الوقود يهدد قدرة المستشفى على تقديم حتى الخدمات الأساسية، مما قد يؤدي إلى كارثة حقيقية.

معاناة المرضى والنازحين: تداعيات خطيرة

ينعكس نقص الوقود بشكل مباشر على المرضى والنازحين الذين يعتمدون على المستشفى للحصول على الرعاية الصحية. العديد منهم يبلغون عن عدم توفر الكهرباء اللازمة لإجراء الفحوصات الطبية الأساسية، مثل الأشعة والمختبرات، مما يؤخر التشخيص والعلاج.

صعوبات في الحصول على العلاج

في ظل هذا الواقع الصعب، يكتفي الطاقم الطبي بتقديم مسكنات للألم في بعض الحالات، مع مطالبة المرضى بالتوجه إلى مراكز طبية أخرى إذا لم تتحسن أوضاعهم الصحية. لكن هذا الحل غير متاح للكثيرين، خاصةً مع صعوبة التنقل وتدمير البنية التحتية في القطاع.

المرضى المزمنون هم الأكثر تضرراً من هذه الأزمة، حيث يواجهون صعوبة في الحصول على الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة لعلاجهم. كما أن النازحين الذين يعيشون في ظروف غير صحية معرضون للإصابة بالأمراض المعدية، مما يزيد الضغط على النظام الصحي.

تدهور الوضع الصحي العام في غزة

لا يقتصر تأثير نقص الوقود على مستشفى العودة فحسب، بل يمتد ليشمل جميع المرافق الصحية في قطاع غزة. العديد من المستشفيات الأخرى تعاني من نفس المشكلة، وتضطر إلى تقليص خدماتها أو إغلاق بعض أقسامها. هذا التدهور في الوضع الصحي العام يهدد حياة الآلاف من السكان، ويستدعي تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولي.

بالإضافة إلى ذلك، فإن نقص الوقود يؤثر على عمل سيارات الإسعاف، مما يعيق نقل المرضى والجرحى إلى المستشفيات. كما أنه يؤثر على عمل محطات تحلية المياه، مما يزيد من نقص المياه النظيفة.

الحاجة إلى حلول عاجلة ودعم دولي

إن الوضع في قطاع غزة يتطلب حلولاً عاجلة ودعماً دولياً كبيراً. يجب على جميع الأطراف المعنية العمل على زيادة كمية المساعدات الداخلة إلى القطاع، وضمان وصولها إلى المحتاجين. كما يجب على المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل لتسهيل إدخال الوقود والمستلزمات الطبية إلى غزة.

من الضروري أيضاً توفير الدعم المالي للمستشفيات والمراكز الصحية في القطاع، لمساعدتها على الاستمرار في تقديم الخدمات للمرضى والنازحين. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المنظمات الدولية العمل على إعادة تأهيل البنية التحتية الصحية في غزة، التي تضررت بشكل كبير خلال الحرب.

في الختام، إن أزمة نقص الوقود في قطاع غزة هي أزمة إنسانية حادة تتطلب تحركاً عاجلاً من جميع الأطراف المعنية. يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته تجاه الشعب الفلسطيني، وأن يعمل على إنقاذ ما تبقى من النظام الصحي في غزة. ندعوكم لمشاركة هذه المقالة لزيادة الوعي بهذه الأزمة، والمطالبة بحل عاجل.

شاركها.
اترك تعليقاً