اليونان تدرس إرسال مهندسين إلى غزة في إطار اتفاق وقف إطلاق النار، في خطوة تعكس تحولات جيوسياسية في شرق المتوسط. أفادت القناة 12 الإسرائيلية بأن هذا التحرك يأتي ضمن مناقشات أوسع حول دور إقليمي جديد لليونان في أعقاب الصراع، مع التركيز على إعادة الإعمار والاستقرار في قطاع غزة. وتتزامن هذه الخطوة مع سعي اليونان لتعزيز علاقاتها مع إسرائيل في ظل توترات مع تركيا.

خطة إرسال المهندسين اليونانيين إلى غزة: تفاصيل الاتفاق المحتمل

تدرس الحكومة اليونانية إمكانية إرسال فريق من المهندسين إلى قطاع غزة للمساعدة في جهود إعادة الإعمار كجزء من المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار. ووفقاً لمصادر القناة 12 الإسرائيلية، سيتم بحث هذا الموضوع بشكل مفصل خلال اجتماع مرتقب بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس. يهدف هذا التعاون إلى وضع اليونان كشريك رئيسي في “اليوم التالي” لغزة، مع التركيز على تقديم المساعدة الإنسانية والدعم اللوجستي.

دور اليونان في قوة الاستقرار الدولية

تعرب تل أبيب عن رغبتها في مشاركة أثينا في القوة المستقبلية التي ستنتشر في قطاع غزة للحفاظ على الأمن والاستقرار. ومع ذلك، لم يتم بعد الاتفاق على التفاصيل الدقيقة لهذه المشاركة. تشير المصادر إلى أن اليونان قد لا ترسل قوات قتالية تقليدية، بل تركز على تقديم “قوات مساعدة” متخصصة، مثل فرق الهندسة والمختصين في البنية التحتية. تعتبر هذه القوات ضرورية لإعادة بناء المنازل والمدارس والمستشفيات التي دمرت خلال القتال.

دوافع اليونان للتصعيد في دورها الإقليمي

لا يقتصر اهتمام اليونان بالمشاركة في جهود إعادة إعمار غزة على الجانب الإنساني فقط، بل يتعداه إلى حسابات جيوسياسية دقيقة. تسعى اليونان إلى تعزيز علاقاتها مع إسرائيل في إطار سعيها لتقليص النفوذ التركي المتزايد في شرق المتوسط. وتعتبر أثينا أن العلاقة الوثيقة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأمريكي السابق دونالد ترامب منحت تركيا مكانة خاصة في واشنطن، وهو ما يثير قلقها.

رسالة إلى أنقرة: تعزيز مكانة اليونان

ترى اليونان في التعاون مع إسرائيل فرصة لتقديم رسالة واضحة إلى أنقرة مفادها أنها لن تتسامح مع محاولات التوسع التركي في المنطقة. ويشير المستشار السياسي لميتسوتاكيس، سوتيريس سيربوس، إلى أن “جميع الدول المشاركة في العملية، أولاً وقبل كل شيء إسرائيل، ولكن أيضًا اللاعبين الرئيسيين الآخرين، يفضلون مشاركة اليونان”. هذا التأكيد على الأهمية اليونانية يعكس رغبة أثينا في أن تُعامل على قدم المساواة مع تركيا كقوة إقليمية.

“الوطن الأزرق” التركي: التحدي الجيوسياسي

تتعارض رؤية اليونان لمستقبل شرق المتوسط مع “عقيدة الوطن الأزرق” التركية، وهي استراتيجية تهدف إلى توسيع النفوذ التركي في البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط. يعتبر هذا المفهوم، المعروف بالتركية باسم “Mavi Vatan”، جزءًا من طموحات تركيا لتصبح قوة إقليمية مهيمنة. وتسعى اليونان من خلال تعزيز علاقاتها مع إسرائيل، بالإضافة إلى دول أخرى مثل مصر وقبرص، إلى “تحييد” هذه العقيدة ومنع تحقيق أهدافها التوسعية.

تعزيز التحالفات الإقليمية

تؤكد أثينا على أهمية العلاقة مع إسرائيل في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي ورفض أي محاولات للتدخل الخارجي. يشدد سيربوس على أن “العلاقة بين إسرائيل واليونان ضرورية لتحييد عقيدة الوطن الأزرق التركية وأي جهة تسعى للتوسع في المنطقة”. ويعكس هذا التصريح قناعة اليونان بأن التحالفات الإقليمية القوية هي السبيل الوحيد لمواجهة التحديات الجيوسياسية المتنامية في شرق المتوسط. اليوم التالي لغزة يمثل فرصة استراتيجية لليونان لإثبات هذا الدور.

توقعات مستقبلية: دور اليونان في غزة وخارجها

من المرجح أن تستمر اليونان في لعب دور أكثر نشاطًا في المنطقة، سواء في إطار جهود إعادة إعمار غزة أو من خلال تعزيز تحالفاتها الإقليمية. وتدرك أثينا أن مستقبلها يعتمد على قدرتها على التأثير في الأحداث في شرق المتوسط، وهي مصممة على القيام بذلك. غزة ليست سوى نقطة انطلاق لسياسة خارجية أكثر طموحًا وفاعلية لليونان. على الرغم من أن التفاصيل لا تزال قيد النقاش، إلا أن استعداد اليونان لإرسال مهندسين للمساعدة في إعادة إعمار غزة يشير إلى التزامها بالاستقرار الإقليمي ورغبتها في أن تكون شريكًا موثوقًا به لإسرائيل ودول أخرى في المنطقة. هذا التحرك يتماشى مع رؤية اليونان الأوسع نطاقاً لتحقيق التوازن في القوى في شرق المتوسط وتعزيز مصالحها الوطنية. التركيز على الدعم الهندسي يعتبر بداية واعدة لمشاركة يونانية أعمق في إعادة إعمار غزة.

في الختام، يمثل قرار اليونان المحتمل بإرسال مهندسين إلى غزة تحولاً هاماً في السياسة الخارجية اليونانية، مدفوعاً بمزيج من الدوافع الإنسانية والجيوسياسية. ويتوقع أن يؤدي هذا التحرك إلى تعزيز العلاقات بين إسرائيل واليونان، وإعادة تشكيل التوازنات الإقليمية في شرق المتوسط. لمتابعة التطورات المتعلقة بهذا الموضوع، ندعوكم إلى زيارة موقعنا بانتظام. هل تعتقد أن مشاركة اليونان ستحدث فرقاً حقيقياً في غزة؟ شارك برأيك في التعليقات.

شاركها.
اترك تعليقاً