تتصاعد حدة الاحتجاجات الزراعية في اليونان، مع إغلاق المزارعين للطرق الرئيسية في جميع أنحاء البلاد، تعبيراً عن غضبهم المتزايد بسبب تأخر الدعم الحكومي وارتفاع تكاليف الإنتاج. هذه الاحتجاجات، التي بدأت بشكل متقطع، تحولت الآن إلى حركة وطنية تُهدد بشل حركة النقل والتجارة. أصبح موضوع احتجاجات المزارعين في اليونان حديث الساعة، ومصدر قلق للحكومة والمواطنين على حد سواء.
أسباب تصاعد الاحتجاجات الزراعية في اليونان
الوضع المالي الصعب الذي يواجهه قطاع الزراعة اليوناني هو المحرك الأساسي لهذه الاحتجاجات. يعاني المزارعون من تأخر كبير في صرف المستحقات المالية من صندوقي الدعم الزراعي “ELGA” (الصندوق اليوناني لضمان الزراعة) و “OPEKEPE” (الوكالة التنفيذية للدفعات الريفية والتعويضات) مما أثقل كاهلهم وزاد من صعوبة تغطية تكاليف الإنتاج المتزايدة.
ارتفاع تكاليف الإنتاج
يعتبر ارتفاع أسعار الأسمدة، والوقود، والأعلاف، والطاقة الكهربائية، من أبرز العوامل التي ساهمت في أزمة المزارعين. هذه الزيادات لم يوازيها أي ارتفاع في أسعار المنتجات الزراعية، مما أدى إلى تآكل أرباحهم وتقليل قدرتهم على الاستمرار في العمل. بالإضافة إلى ذلك، يواجه المزارعون تحديات مرتبطة بتغير المناخ، مثل الجفاف والفيضانات، التي تسببت في خسائر فادحة في المحاصيل.
تأخر الدفعات الحكومية
يشكو المزارعون من الوعود المتكررة بصرف المستحقات المتأخرة، وعدم وجود جدول زمني واضح للتنفيذ. هذه التأخيرات تهدف إلى الضغط على الحكومة لتلبية مطالبهم العادلة، وتوفير الدعم اللازم لضمان استمرارية القطاع الزراعي. وتشكل هذه القضية محور الاحتجاجات الزراعية في اليونان الحالية.
الطرق المحتجزة والمناطق المتضررة
تتركز الاحتجاجات حالياً على عدة طرق رئيسية في اليونان. الطريق السريع E65، الذي يربط بين مدينتي ثيسالونيكي وكوزاني، والطريق السريع أثينا – سالونيك، لا يزالان يشهدان اضطراباً كبيراً مع استمرار تواجد الجرارات الزراعية وإغلاق بعض التقاطعات.
احتجاجات لاريسا
شهدت مدينة لاريسا تصعيداً ملحوظاً في الاحتجاجات، حيث قام مربو الماشية بالدخول إلى المدينة وسكب كميات كبيرة من الحليب ونثر القمح في الشوارع، تعبيراً عن الغضب والإحباط من سياسات الحكومة. هذه الخطوة الاستعراضية تلفت الأنظار إلى المأزق الذي يواجهه هؤلاء المنتجون، وتأثير الأزمة على إنتاج الألبان والقمح.
تمدد الاحتجاجات إلى الموانئ ونقاط الحدود
من المتوقع أن تتوسع حركة الاحتجاج لتشمل الموانئ ونقاط الحدود هذا الأسبوع، مما قد يؤدي إلى تعقيدات أكبر في حركة التجارة والنقل. هذا التوسع هو رسالة قوية للحكومة تثبت عزم المزارعين على مواصلة الضغط حتى تتحقق مطالبهم. يُبدي المراقبون قلقهم بشأن التأثير المحتمل على الأمن الغذائي في اليونان إذا استمرت هذه الاحتجاجات لفترة طويلة.
مطالب المزارعين
يركز المزارعون على عدة مطالب رئيسية في احتجاجاتهم. أولاً، يدعون إلى صرف فوري لجميع المستحقات المتأخرة من “ELGA” و “OPEKEPE”. ثانياً، يطالبون بتعويض كامل عن الخسائر التي تكبدوها بسبب الظروف الجوية القاسية وتأثيرها على المحاصيل والماشية. بالإضافة إلى ذلك، يطالبون بمراجعة شاملة لسياسات الدعم الزراعي، وتوفير إطار عمل أكثر استدامة وفعالية يدعم صمود القطاع الزراعي.
الضغط من أجل سياسات زراعية مستدامة
لا تقتصر مطالبات المزارعين على الجانب المالي فحسب، بل تمتد لتشمل الحاجة إلى سياسات زراعية مستدامة تعالج المشاكل الهيكلية في القطاع. ويشددون على ضرورة دعم الزراعة البيولوجية، وتشجيع استخدام التكنولوجيات الحديثة، وتسهيل الوصول إلى الأسواق. تحسين الظروف المعيشية للمزارعين يُعد هدفاً رئيسياً في هذه الحركة الاحتجاجية.
ردود فعل الحكومة والآفاق المستقبلية
حتى الآن، لم تعلن الحكومة اليونانية عن حزمة دعم شاملة تلبي مطالب المزارعين بشكل كامل. ومع ذلك، فقد بدأت في إجراء مشاورات مع ممثلي القطاع الزراعي في محاولة لإيجاد حلول توافقية. الوضع لا يزال متوتراً، والآفاق المستقبلية غير واضحة.
توقعات بتصعيد إضافي
إذا استمرت الحكومة في المماطلة في تلبية مطالبهم، فمن المرجح أن يشهد الوضع تصعيداً إضافياً في الاحتجاجات. قد يلجأ المزارعون إلى خطوات أكثر جذرية، مثل إغلاق الحدود بشكل كامل أو تنظيم مظاهرات حاشدة في أثينا. الضغط المستمر من قبل المزارعين على الحكومة يهدف إلى إيجاد حلول عادلة ومستدامة لضمان مستقبل القطاع الزراعي في اليونان. إن حل أزمة الزراعة في اليونان يتطلب جهوداً مشتركة من جميع الأطراف المعنية.
في الختام، يمثل تصاعد احتجاجات المزارعين في اليونان إشارة تحذيرية خطيرة بشأن الوضع الحرج الذي يواجهه القطاع الزراعي. من الضروري أن تستجيب الحكومة بشكل فعال لمطالب المزارعين، وتتبنى سياسات زراعية مستدامة تضمن استمرار هذا القطاع الحيوي في المساهمة في الاقتصاد الوطني. ندعو القارئ لمتابعة التطورات المتعلقة بهذه القضية الهامة، والمشاركة في الحوار العام حول مستقبل الزراعة في اليونان.



