نشرت في •آخر تحديث
في شباط/ فبراير عام 1992، اغتالت إسرائيل عباس الموسوي الأمين العام الثاني لحزب الله، بعدها انتخب حسن نصر الله خلفاً له، وسرعان ما أصبح الشخصية المركزية في الحزب، لا بل في لبنان كله لمدة 3 عقود، حيث انتقل الحزب في عهده من فصيل مسلح هامشي إلى تنظيم يتجاوز تأثيره الأراضي اللبنانية.
هيمن اسم الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، على نشرات الأخبار، السبت، بعدما أعلنت إسرائيل اغتياله في عملية قصف الضاحية الجنوبية، لبيروت، وقد أكد الحزب خبر الاغتيال، فمن هو حسن نصر الله؟
ولد نصر الله عام 1960 في العاصمة اللبنانية بيروت، لعائلة شيعية فقيرة. قبل أن ينتقل إلى جنوب لبنان، حيث درس العلوم الدينية وانتمى سياسيا لحركة أمل، ولم يكن حزب الله وقتها قد ظهر للوجود.
40 عاماً من القتال
وكان نصر الله أحد مؤسسي حزب الله، بعد الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982. وبدأ الحزب الذي تلقى دعما من إيران في شن هجمات على جيش الدولة العبرية الذي كان يحتل الشريط الحدودي.
وبعد أن تولى نصر الله الأمانة العامة لحزب الله، خاض مواجهات وحروباً عديدة ضد إسرائيل، وكانت أولاها عام 1993 أي بعد عام واحد من توليه قيادة الحزب، وقد سُميت المواجهة إسرائيلياً بـ “عملية تصفية الحساب”، ولبنانياً بـ “حرب الأيام السبعة. وعام 1996، خاض حزب الله حرباً سماها “حرب النسيان”، بينما أطلقت عليها إسرائيل اسم “عناقيد الغضب”.
وبقيت المواجهة التي أنهكت قوات الدولة العبرية طيلة سنوات إلى أن اضطرت تل أبيب للانسحاب من لبنان عام 2000، وهو أول انسحاب من أرض عربية بقوة السلاح وبعد الضربات التي وجهها حزب الله لأقوى جيش في الشرق الأوسط في حرب استنزاف دامت 18 عاماً.
ولم يتوقف القتال هنا، فقد خاض نصر الله حرباً عام 2006، بعدما أسر جنديين إسرائيليين. وفي عام 2023، سارع لدعم عملية طوفان الأقصى حين فتح جبهة على الحدود مع إسرائيل سمّاها بـ”جبهة إسناد” غزة وكان ذلك بعد يوم واحد من اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.
نصر الله الغائب الحاضر
ومنذ حرب تموز/ يوليو 2006، توارى نصر الله عن الظهور علناً، ولم يره الناس بعده إلا في مناسبات محدودة للغاية، كانت منها مسيرة عاشوراء في الضاحية الجنوبية عام 2011.
وحتى عندما توفيت والدته في أيار / مايو الماضي، لم يحضر نصر الله الجنازة، لأسباب أمنية.
ويعتبر نصر الله الزعيم السياسي الوحيد في لبنان الذي يعيش في الظل، ويتواصل مع أنصاره عبر خطابات تبث من خلال شاشات عملاقة.
ويقول بعض ممن قابلوه، ومن بينهم الأمين العام السابق للجامعة العربية، عمرو موسى، إنهم يخضعون لإجراءات أمنية مشددة عند لقائه.
اللاعب الأبرز في لبنان
وبخلاف بقية الأحزاب السياسية التي تورطت في الحرب الأهلية بلبنان، لم يشارك حزب الله في ذلك الصراع الذي استمر منذ عام 1975 إلى 1990 إلا في نطاق ضيّق للغاية. وقضى اتفاق الطائف الذي وضع حدّا للحرب الأهلية بتسليم كل الميليشيات أسلحتها إلى الدولة اللبنانية، باستثناء حزب الله الذي قال إن سلاحه موجّه لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي للبنان.
ويقول منتقدو نصرالله إنه استغل هذه النقطة لتعزيز قدراته العسكرية باعتبار أن سلاحه هو للدفاع عن لبنان، فبات حزب الله المنظمة الأكثر تسليحاً في العالم، كما تعتقد مصادر غربية، ورجحت هذه القدرات موقع الحزب في السياسة اللبنانية فصار رقم “1” في البلاد.
وخاض نصر الله شخصيا حوارات لا تنتهي مع بقية الأحزاب في لبنان، ذكر في أحدها بأن الجيش اللبناني لا يمكنه تحقيق التوازن مع إسرائيل، فضلا عن أن أحدا لن يمنحه السلاح اللازم للدفاع عن لبنان، وبالتالي فإن الحل هو في “سلاح حزب الله” لبلوغ هذا الهدف.
وقد استخدم حزب الله، السلاح في الداخل عام 2008، بعدما قررت الحكومة اللبنانية “عدم مشروعية شبكة اتصالات حزب الله”، وأجبر نصر الله الحكومة على التخلي عن قراراتها في هذا السياق.
ورغم أن الولايات المتحدة ودولا غربية أخرى قد صنّف الحزب منظمة إرهابية، إلا أنه شارك في الانتخابات النيابية، وفاز مرشحون له وأصبح له وزراء في الحكومة اللبنانية بعد انتهاء الحرب الأهلية.
وللحزب مؤيدون ومعارضون من شتى الطوائف اللبنانية، بمن فيهم الطائفة الشيعية.
صفات شخصية
يتمتع نصر الله بقدرات خطابية هائلة، ولا يحتاج إلى الأوراق في بعض الأحيان أثناء مخاطبة الجماهير، ويمزج بين اللغة الفصحى والعامية، وتعكس تلك الخطابات اطلاعاً واسعاً على الأحداث في العالم.
ونادراً ما شوهد وهو يرتدي ملابس عادية، إذ يحافظ دائما على ارتداء العمامة السوداء، ويصفه حتى منتقدوه وأعداؤه بأنه شخص “ذكي” و”محاور جيّد”.
ويطلق عليه أنصاره لقبين هما “السيد” أو “أبو هادي” نسبة إلى ابنه الذي قتل في مواجهات مع القوات الإسرائيلية عام 1997.
كيف تراه إسرائيل؟
أما إسرائيل، العدو اللدود لنصر الله، فقد خاضت معه حروباً ومعارك على مدار عقود، وقد تمكن من تسديد ضربات قوية لها، مثل أسر جنود لها ومنعها من احتلال لبنان مرة أخرى.
وقال بيان الجيش الإسرائيلي الذي أعلن فيه اغتيال نصر الله: “خلال فترة نصر الله التي استمرت 32 عاما، كأمين عام لحزب الله، كان مسؤول عن قتل العديد من المدنيين والجنود الإسرائيليين، فضلاً عن تخطيط وتنفيذ آلاف العمليات الإرهابية”.
الحرب الأهلية في سوريا
في أيار/ مايو 2013، أعلن نصر الله أن حزبه سيتدخل عسكريا في سوريا إلى جانب قوات الرئيس بشار الأسد.
وبالفعل تدخل مقاتلو حزب الله وخاضوا معارك ضد مسلحي المعارضة والتنظيمات المتطرفة في سوريا بعد أن هددت تلك الجماعة وعلى رأسها جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام حاليا) الأراضي اللبنانية. فخاض الحزب معركة القصير وقتها. وقد انخفضت شعبية حزب الله في بعض الأوساط العربية نتيجة لتلك المشاركة.
المصادر الإضافية • أ ب، وسائل إعلام عربية