بقلم: يورونيوز
نشرت في
اعلان
أفاد تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” أن القوات المسلحة البولندية اعترضت مجموعة من الطائرات المسيّرة الروسية بعد دخولها المجال الجوي للبلاد، في عملية وصفت بأنها الأولى من نوعها منذ الحرب العالمية الثانية، والأولى أيضاً التي يشارك فيها حلف شمال الأطلسي (الناتو) في مواجهة مباشرة ضمن مجاله الجوي.
إنذار على الرادار
الأسبوع الماضي، رصد جندي بولندي من موقع رادار قرب الحدود البيلاروسية نقطة غير مألوفة بين مئات الأهداف التي ظهرت على الشاشة نتيجة القصف الروسي المكثف على أوكرانيا. كان مسارها مختلفاً: متجهاً إلى بولندا.
وبحسب الفريق ماكيي كليش، قائد العملية، فقد أُطلقت صافرات الإنذار، وارتفعت المقاتلات البولندية والألمانية والإيطالية والهولندية في إطار تناوب الناتو. وبعد تأكيد بصري بأن الأجسام طائرات مسيّرة روسية دخلت الأجواء، صدرت أوامر بإسقاطها.
اختبار للغرب
اعتبر خبراء ومسؤولون أن الهدف من هذا العمل كان “اختبار دفاعات الحلف” واستكشاف الثغرات. وقال مارسين بزيداتش، مستشار السياسة الخارجية للرئيس البولندي كارول ناوروكي: “هذه استراتيجية روسيا، إذا لم يوقفها أحد أقوى منها فإنها تواصل التقدم”.
الحادث جاء ضمن سلسلة اختراقات جوية، منها دخول ثلاث مقاتلات روسية للمجال الجوي الإستوني لمدة 12 دقيقة يوم الجمعة.
ما وراء الطائرات المسيّرة
أكدت السلطات البولندية أن أكثر من 20 مسيّرة دخلت أجواءها، معظمها نماذج وهمية من الفوم نفد وقودها وسقطت أرضاً، فيما أسقطت القوات ثلاث مسيّرات هجومية من طراز “شاهد” شبيهة بتلك التي تُستخدم ضد أوكرانيا.
لم تسجل وفيات، لكن صاروخاً أطلقته مقاتلة تابعة للناتو ألحق أضراراً بمنزل في شرق بولندا، بحسب مسؤول بولندي. كما سقطت إحدى الطائرات الوهمية على قفص أرانب نجا ساكنوه.
رسائل متناقضة وردود غربية
روسيا نفت المسؤولية، وزعمت عبر حلفائها في بيلاروس أن الطائرات ربما انحرفت بسبب “تشويش إلكتروني”، فيما روّجت حسابات مرتبطة بالكرملين أن أوكرانيا وراء الحادث لجرّ بولندا إلى الحرب.
في المقابل، اعتبر مسؤولون بولنديون أن الأمر “هجوم متعمّد” انطلق من أراضٍ روسية قرب الحدود مع أوكرانيا وبيلاروس.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب أصدر بدايةً تصريحات ملتبسة، قبل أن يعلن إدانته لاختراق المجال الجوي، مشيراً إلى إمكانية إرسال قوات إضافية إلى بولندا.
عملية “الحارس الشرقي”
رد الناتو بإطلاق عملية عسكرية جديدة تحت اسم “الحارس الشرقي” لتعزيز الدوريات الجوية ونشر أنظمة دفاعية إضافية في شرق أوروبا. وشارك جنود فرنسيون وأوروبيون آخرون في المناورات على الأراضي البولندية.
جانوش ريتر، السفير البولندي السابق لدى الولايات المتحدة وألمانيا، قال إن هذه الاستجابة عززت ثقة البولنديين الذين يحملون “عقدة تاريخية” بسبب تخلي الحلفاء عنهم عام 1939. لكنه أضاف: “لست ساذجاً.. أعلم أن هذا قد يتغير”.
الأبعاد الاستراتيجية
العملية تزامنت مع تصعيد روسي على الجبهات الأوكرانية، إذ يرى محللون أن موسكو تسعى لاستغلال الانقسامات الدولية والضبابية الأميركية لقياس مدى صلابة جبهة الغرب.
ورغم أن المسيّرات لم تكن مزودة بذخائر، إلا أن خبراء رجحوا أن هدفها كان اختبار منظومات الدفاع المحيطة بمطار ريزشوف قرب الحدود، الذي يستخدم كمحطة رئيسية لنقل الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا.