تستمر التحقيقات في أستراليا على قدم وساق للكشف عن ملابسات الهجوم الإرهابي الذي استهدف شاطئ بوندي الشهير في سيدني، خلال احتفالات بعيد الأنوار اليهودي. وقد أسفر الهجوم المروع عن مقتل ما لا يقل عن 15 شخصًا وإصابة العشرات، مما أثار صدمة وغضبًا عارمًا في البلاد والعالم. وتشير التحقيقات الأولية إلى أن الجانيين، وهما أب وابنه، كانا متأثرين بأيديولوجيا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) المتطرفة، مما يضع هذا الهجوم ضمن سياق التهديد الإرهابي العالمي. هذا المقال يتناول تفاصيل هجوم بوندي، والتحقيقات الجارية، والكشف عن ارتباطات الجانيين المحتملة، بالإضافة إلى ردود الفعل المحلية والدولية.

تفاصيل هجوم بوندي: لحظات الرعب

وقع الهجوم مساء يوم 15 ديسمبر 2025، عندما أطلق مسلحان النار بشكل عشوائي على حشد من المحتفلين بعيد الأنوار في منطقة بوندي بمدينة سيدني. وهرع المحتفلون والمارة إلى الاختباء بحثًا عن ملاذ آمن، بينما بدأت قوات الشرطة في الاستجابة الفورية وتأمين المنطقة.

تم تحديد المشتبه بهما في وقت لاحق بأنهما ساجد ونويد أكرم، وهما من أصل آسيوي. وكشف رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي أن الأيديولوجيا المتطرفة لتنظيم داعش هي التي دفعت الجانيين إلى ارتكاب هذه الجريمة البشعة. وأضاف أن هذا الهجوم هو تذكير مؤلم بالتهديد المستمر الذي يشكله التطرف على المجتمعات في جميع أنحاء العالم.

رحلة إلى الفلبين: خيوط التحقيق

كشفت التحقيقات عن معلومات جديدة ومثيرة حول تحركات المشتبه بهما قبل الهجوم. أفادت التقارير الإعلامية أن ساجد ونويد أكرم قاما بزيارة حديثة إلى جزيرة في الفلبين يُعتقد أنها تخضع لسيطرة جماعات إسلامية متطرفة.

استخدم نويد (الابن) جواز سفره الأسترالي في السفر، بينما دخل ساجد (الأب) الفلبين بجواز سفر هندي. ووصل الرجلان معًا إلى الفلبين في الأول من نوفمبر 2025، متجهين إلى مدينة دافاو في جزيرة مينداناو الجنوبية. ثم غادرا الفلبين في 28 نوفمبر، متوجهين إلى مانيلا قبل الصعود إلى رحلة جوية إلى سيدني. هذه الرحلة تثير تساؤلات حول ما إذا كانا قد تلقيا تدريبًا أو تمويلًا من الجماعات المتطرفة في الفلبين.

مينداناو: بؤرة للتطرف

جزيرة مينداناو في الفلبين لها تاريخ طويل من الاضطرابات والتمرد المسلح. تضم الجزيرة عددًا من الجماعات الإسلامية المتطرفة، بما في ذلك جماعات موالية لتنظيم داعش.

في عام 2017، شهدت مدينة مراوي في مينداناو حصارًا دمويًا استمر عدة أشهر، بعد سيطرة مسلحين موالين للتنظيم على المدينة. وقد أثار هذا الحصار مخاوف بشأن انتشار التطرف في المنطقة. إنّ زيارة المشتبه بهما إلى مينداناو، بالتزامن مع وجود هذه الجماعات، تُعزز فرضية ارتباطهما المحتمل بشبكات إرهابية دولية.

ردود الفعل والتحقيقات الجارية

أعرب رئيس الوزراء الأسترالي عن صدمته وحزنه العميقين إزاء هجوم بوندي. وقدم تعازيه لعائلات الضحايا، وأكد على التزام حكومته بمكافحة التطرف والإرهاب بكل قوة. إلا أنه امتنح عن الخوض في تفاصيل محددة حول جنسية أحد المسلحين أو تفاصيل رحلتهما إلى الفلبين، قائلاً إن هذه الأمور لا تزال قيد التحقيق.

وأشار إلى أن السلطات تتحري عن جميع جوانب القضية، وتسعى إلى تحديد الدوافع الحقيقية وراء الهجوم، والكشف عن أي شركاء محتملين. كما كشفت التحقيقات أن الأب هاجر إلى أستراليا عام 1998 بتأشيرة طالب، ثم حصل على تأشيرة شريك في عام 2001، وكان يستخدم تأشيرة عودة للمقيمين عند سفره.

بطولات وسط الرعب

وسط الفوضى والرعب، ظهرت قصص بطولية تجسد روح التضحية والشجاعة. قام المواطن المسلم السوري أحمد الأحمد بمواجهة أحد المسلحين أعزلًا في محاولة منه لمنع المزيد من الضحايا. ويتعافى الأحمد حاليًا من إصاباته، وقد زاره رئيس الوزراء الأسترالي في المستشفى، معربًا عن تقديره لشجاعته وبسالته.

كما كشفت لقطات كاميرا سيارة عن قيام رجل وامرأة بالاشتباك مع المهاجم أثناء خروجه من سيارته، في محاولة يائسة لإيقافه. وقد قُتِل الزوجان على يد المسلح، لكنهما سيبقيان في الذاكرة كأبطال ضحوا بحياتهما من أجل الآخرين. إن هذه القصص تبعث الأمل وتُظهر أن قيم الإنسانية والتسامح أقوى من الكراهية والتطرف.

أستراليا والتطرف: نظرة عامة

تُعدّ حوادث إطلاق النار الجماعي نادرة في أستراليا، ويعود ذلك بشكل كبير إلى قوانين الأسلحة الصارمة التي تم تطبيقها في أعقاب حادثة بورت آرثر المروعة عام 1996. وقد تضمن الإصلاح الشامل في قوانين الأسلحة برنامجًا واسعًا لاستعادة الأسلحة وتقييد حيازة الأسلحة شبه الآلية.

على الرغم من هذه الإجراءات، لا تزال أستراليا تواجه تهديدًا مستمرًا من التطرف والإرهاب. مع صعود الجماعات المتطرفة مثل داعش، تزايدت المخاوف بشأن احتمال وقوع هجمات إرهابية في البلاد. كما أن مكافحة الإرهاب تُعدّ أولوية قصوى للحكومة الأسترالية، التي تعمل باستمرار على تعزيز الأمن ومكافحة التطرف بكل أشكاله. وتُشير هذه الحادثة إلى ضرورة إعادة تقييم الاستراتيجيات الأمنية وتكثيف الجهود لمواجهة هذا التهديد.

الخلاصة

هجوم بوندي هو مأساة حقيقية تذكرنا بالخطر الدائم الذي يشكله التطرف. إن التحقيقات الجارية ستقدم بالتأكيد المزيد من التفاصيل حول دوافع الجانيين والجهات التي تقف وراءهم. من الضروري أن تبقى أستراليا حذرة ويقظة، وأن تستمر في مكافحة التطرف والإرهاب بكل قوة، مع دعم قيم التسامح والتعايش والسلام. يجب على المجتمع الدولي أيضًا أن يتعاون بشكل وثيق لمواجهة هذا التهديد العالمي، وتبادل المعلومات والخبرات، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع وقوع المزيد من الكوارث.

شاركها.
اترك تعليقاً