تحوّلت فصول مدرسة في مدينة القامشلي شمال شرق سوريا إلى ملاذٍ لأكثر من 100 ألف نازح كردي، هربوا من اشتباكات عنيفة بين فصائل كردية مسلحة ومجموعات مدعومة من تركياً، في صراعٍ يهدد بتمزيق النسيج الاجتماعي ويُعيد إحياء جراح سنوات الحرب.

من الدمار إلى الفصول الدراسية: “ساعة واحدة قلبت حياتنا”

اعلان

تجلس إلهام حورو مع أحفادها على أرضية فصل دراسي بارد، تروي كيف فرّت مع عائلتها من بلدة الشهباء خلال ساعات: “لم نستطع أخذ أي شيء.. العالم انقلب رأساً على عقب خلال ساعة. هنا ننام على الأرض، وننتظر مصيراً مجهولاً”.

تُعتبر إلهام واحدة من آلاف العائلات التي نزحت للمرة الثانية أو الثالثة منذ تصاعد الهجمات في ديسمبر الماضي، والتي خلّفت مئات القتلى ودماراً واسعاً في مناطق سيطرة القوات الكردية.

صراع الهوية: من التهميش إلى طاولة المفاوضات

عانى الأكراد لعقود من حكم عائلة الأسد، حيث جُرّد آلاف منهم من الجنسية.

واليوم، يسعون للاحتفاظ بمكاسب ثقافية وإدارية حققوها خلال الحرب، عبر مفاوضات مع الحكومة السورية المؤقتة التي تقودها جماعة هيئة تحرير الشام.

مطالب كردية: لا يطالب الأكراد بانفصال كامل، بل لا مركزية إدارية تسمح لهم بإدارة شؤونهم اليومية في مناطق نفوذهم (25% من أراضي سوريا).

تحذيرات تركية: تُصر أنقرة على اعتبار الميليشيات الكردية “تنظيمات إرهابية”، وتدعم هجمات “الجيش الوطني السوري” ضدها.

منظمات الإغاثة تصرخ: “لا نملك القدرة على مواجهة الكارثة”

من جانبه، قال خليل خليل، مسؤول في “منظمة الأمل الأبيض” المحلية: “الوضع كارثي.. منظمات الإغاثة عاجزة عن تلبية احتياجات النازحين. التعليق الأمريكي للتمويل زاد الطين بلة”.

في إشارة إلى قرار إدارة ترامب تجميد الدعم لبرامج الإغاثة الدولية، والذي يُهدد بانهيار الخدمات الأساسية في مناطق مثل إقليم الجزيرة، حيث يُدير الأكراد حكماً ذاتياً تحت اسم “روج آفا”.

رغم التصريحات الإيجابية لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني على “إكس” (باللغة الكردية): “سنعمل معاً لبناء دولة يشعر فيها الجميع بالمساواة”،

يبقى الأكراد متشككين في نوايا الحكومة السورية، خاصة مع تحالفها مع الفصائل المدعومة تركياً التي هاجمت مناطقهم.

تُعيد المعارك الأخيرة للأكراد ذكريات الهجوم التركي عام 2019، بينما تُحاول القيادات الكردية الحفاظ على المكاسب دون استفزاز أطراف إقليمية. لكن مع استمرار النزوح، وتدهور الأوضاع الإنسانية، يبدو أن أحلام “الحكم الذاتي” قد تتحول إلى كابوس تحت أنقاض الحرب.

المصادر الإضافية • أب

شاركها.
اترك تعليقاً

2025 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.