مصر ترفض عروضًا مالية ضخمة مقابل تهجير الفلسطينيين من غزة
في موقف دبلوماسي حازم، كشف وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أن مصر رفضت عروضًا مالية “سخية وكبيرة” قدمت لها بهدف الموافقة على تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة. هذا الرفض القاطع يؤكد على ثبات الموقف المصري الداعم للقضية الفلسطينية ورفض أي محاولات لتغيير الواقع الديموغرافي في المنطقة. وتأتي هذه التصريحات في ظل تصاعد الضغوط الإقليمية والدولية المتعلقة بمستقبل قطاع غزة، وتحديدًا مسألة إمكانية استقبال دول مجاورة للاجئين الفلسطينيين.
رفض العروض المالية والتمسك بالمبادئ
أوضح عبد العاطي خلال مقابلة تلفزيونية أن القاهرة تلقت ثلاثة عروض منفصلة تضمنت مبالغ مالية ضخمة، بالإضافة إلى مقترحات لإلغاء الديون المصرية وتقديم حوافز اقتصادية أخرى. ومع ذلك، قوبلت هذه العروض بالرفض القاطع، مؤكدًا أن مصر لا تساوم على مبادئها، وفي مقدمتها الالتزام بالقانون الدولي وحماية أمنها القومي. وأضاف أن إخراج الشعب الفلسطيني من أرضه يعني عمليًا إنهاء القضية الفلسطينية، وهو سيناريو وصفه بأنه غير أخلاقي ومرفوض تمامًا.
هذا الموقف يعكس إدراكًا عميقًا من القيادة المصرية بأن تهجير الفلسطينيين ليس مجرد قضية إنسانية، بل هو تهديد وجودي للقضية الفلسطينية وحقوق شعبها المشروعة. تهجير الفلسطينيين يمثل خطًا أحمرًا لا يمكن تجاوزه، وفقًا لتصريحات الوزير.
معبر رفح: ليس بوابة للتهجير
شدد عبد العاطي على أن معبر رفح لن يكون في أي وقت بوابة لتهجير السكان، مؤكدًا أن دور المعبر يقتصر على إدخال المساعدات الإنسانية وتنفيذ عمليات الإجلاء الطبي العاجل، وليس لإعادة التوطين. هذا التأكيد يأتي في ظل المخاوف المتزايدة من استخدام المعبر كقناة لترحيل الفلسطينيين إلى مصر، وهو ما ترفضه القاهرة بشكل قاطع.
العلاقات المصرية الإسرائيلية والتوترات الدبلوماسية
تستند العلاقات بين مصر وإسرائيل إلى معاهدة السلام الموقعة عام 1979، وتلتزم القاهرة بها طالما التزمت إسرائيل ببنودها وملاحقها الأمنية. ومع ذلك، أشار عبد العاطي إلى أن التوترات الدبلوماسية تنشأ نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية والقتل المنهجي للفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، بالإضافة إلى ممارسات ضم الأراضي من قبل المستوطنين.
يعتبر أي تقدم حقيقي في الملف الفلسطيني انعكاسًا إيجابيًا على العلاقات الثنائية، لكن الوضع الحالي يشهد تدهورًا ملحوظًا في العلاقات بسبب استمرار الصراع في غزة. خلال قمة عربية إسلامية في الدوحة، وصف الرئيس السيسي إسرائيل بأنها “العدو”، محذرًا من أن اتفاقيات السلام القائمة مهددة.
“التهجير الطوعي” وهم وخداع
انتقد الوزير المصري ما تروج له إسرائيل من فكرة “التهجير الطوعي”، معتبرًا أن هذا الطرح مضلل. وأوضح أن خلق ظروف غير قابلة للحياة تدفع الناس إلى المغادرة يشكل تهجيرًا قسريًا وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي. هذا التأكيد يهدف إلى فضح محاولات إسرائيل لتبرير تهجير الفلسطينيين تحت ستار “الخيارات الطوعية”.
لقاءات محتملة مع نتنياهو وترامب
نفى عبد العاطي بشكل قاطع وجود نية لعقد اجتماع ثلاثي يضم الرئيس السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. في المقابل، أشار إلى أن عقد لقاء بين السيسي وترامب يبقى أمرًا ممكنًا، في ظل علاقات ممتدة قائمة على الثقة والشراكة الاستراتيجية.
وفي سياق منفصل، كشفت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” مؤخرًا عن خطط لنتنياهو لزيارة القاهرة لتوقيع اتفاقية ضخمة لتزويد مصر بالغاز الطبيعي بقيمة مليارات الدولارات، مما يعكس استمرار التعاون الاقتصادي بين البلدين رغم التوترات السياسية. العلاقات المصرية الإسرائيلية معقدة وتتأثر بالعديد من العوامل الإقليمية والدولية.
الضغوط الإقليمية ومستقبل غزة
تأتي تصريحات عبد العاطي في ظل ضغوط إقليمية ودولية متزايدة على مصر والأردن لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين من غزة. وقد طرح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في فبراير مقترحًا يقضي بأن تستقبل مصر والأردن كامل سكان غزة، على أن يُعاد بناء القطاع ليصبح “ريفييرا الشرق الأوسط”، وهو المقترح الذي قوبل برفض قاطع من القاهرة وعمّان.
مصر تدرك أن استقبال أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين سيشكل عبئًا كبيرًا على مواردها، بالإضافة إلى المخاوف الأمنية والسياسية التي قد تنجم عن ذلك. مستقبل غزة يظل غير واضح، ويتطلب حلولًا سياسية شاملة تضمن حقوق الفلسطينيين وتنهي الاحتلال.
في الختام، تؤكد مصر على رفضها القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين من غزة، وتلتزم بمبادئها الداعمة للقضية الفلسطينية. هذا الموقف الحازم يعكس إدراكًا عميقًا من القيادة المصرية لأهمية الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني وتقرير مصيره. من الضروري استمرار الضغط الدولي على إسرائيل لوقف العنف والعمل على تحقيق حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.















