أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن خطوة استراتيجية هامة في تعزيز القدرات الدفاعية لفرنسا، وهي بناء حاملة طائرات جديدة متطورة لتحل محل حاملة الطائرات “شارل ديغول”. هذا القرار، الذي تم الإعلان عنه خلال زيارة رسمية للإمارات العربية المتحدة، يمثل استثمارًا كبيرًا في مستقبل القوات البحرية الفرنسية ويعكس التزام فرنسا بالحفاظ على دورها كقوة عالمية مؤثرة. يهدف هذا المشروع الطموح إلى توفير منصة بحرية متقدمة قادرة على مواكبة التحديات الأمنية المتغيرة في القرن الحادي والعشرين، مع التركيز على التكنولوجيا النووية والقدرات القتالية المتزايدة.

حاملة طائرات فرنسية جديدة: تفاصيل المشروع وأهميته الاستراتيجية

تأتي الموافقة الرسمية على بناء حاملة طائرات جديدة في وقت تواجه فيه فرنسا تحديات مالية، مما يؤكد على الأولوية التي توليها الحكومة الفرنسية لقدراتها العسكرية. أوضح الرئيس ماكرون أن هذا القرار اتخذ بعد دراسة شاملة ودقيقة، وتنفيذًا لقوانين البرمجة العسكرية الأخيرة. الحاملة الجديدة، التي من المقرر أن تدخل الخدمة في عام 2038، ستكون أكبر وأكثر تطوراً من سابقتها، “شارل ديغول”.

المواصفات الفنية للحاملة الجديدة

من المتوقع أن يبلغ وزن الحاملة الجديدة حوالي 80 ألف طن، وطولها حوالي 310 أمتار، مقارنة بـ 42 ألف طن و261 مترًا لحاملة الطائرات الحالية. ستعمل الحاملة بالدفع النووي، مما يمنحها قدرة استثنائية على التحمل والانتشار المستقل. كما ستتمتع بقدرة على حمل ما يقرب من 30 طائرة مقاتلة، بالإضافة إلى طاقم يناهز 2000 بحار. هذه القدرات المتزايدة ستجعلها واحدة من أكثر حاملات الطائرات تطوراً في العالم.

دراسة إمكانية تمديد عمر “شارل ديغول”

في الوقت نفسه، سيتم إجراء دراسة شاملة خلال الصيانة الرئيسية لـ “شارل ديغول” في عام 2029 لتقييم إمكانية تمديد عمرها التشغيلي بعد عام 2038. هذه الدراسة ستساعد في ضمان الانتقال السلس بين الحاملتين والحفاظ على القدرات البحرية الفرنسية دون انقطاع.

زيارة ماكرون للإمارات وتعزيز الشراكة الاستراتيجية

جاء الإعلان عن بناء الحاملة الجديدة خلال زيارة رسمية للرئيس ماكرون إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي زيارة تعكس عمق العلاقات الثنائية بين البلدين. التقى الرئيس الفرنسي نظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في متحف زايد الوطني، حيث بحث الجانبان سبل تعزيز التعاون في مختلف المجالات.

مجالات التعاون بين فرنسا والإمارات

تركز الشراكة الاستراتيجية بين فرنسا والإمارات على مجموعة واسعة من القطاعات، بما في ذلك الاقتصاد والاستثمار والتعليم والثقافة والطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي والاستدامة. أكد الطرفان على أهمية البناء على الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة سابقًا، بهدف تطوير التعاون إلى مستويات أكثر تقدماً، خاصة في المجالات المرتبطة بالتحول التكنولوجي والتنمية المستدامة. كما تم إطلاق “المنصة الثنائية الإماراتية الفرنسية للاستثمار المناخي” في عام 2024، مما يعكس التزام البلدين بمواجهة تحديات تغير المناخ.

التعاون العسكري وتبادل الخبرات

تتضمن زيارة ماكرون أيضًا شقًا عسكريًا، حيث تفقد القوة الفرنسية المتمركزة في الإمارات، والتي تضم حوالي 900 جندي. يهدف هذا التفقد إلى تعزيز التعاون العسكري وتبادل الخبرات بين القوات المسلحة الفرنسية والإماراتية، وتنسيق المواقف حيال الأزمات الإقليمية. من المقرر أن يحضر الرئيس الفرنسي نشاطًا عسكريًا في إحدى القواعد الصحراوية، مع احتمال مشاركة وحدات إماراتية في سياق التمارين المشتركة.

مستقبل القوات البحرية الفرنسية والشراكات الدولية

يمثل بناء حاملة طائرات جديدة خطوة حاسمة في تحديث القوات البحرية الفرنسية وتعزيز قدرتها على العمل في مختلف أنحاء العالم. هذا المشروع الطموح سيساهم في الحفاظ على مكانة فرنسا كقوة بحرية رئيسية، وقادرة على حماية مصالحها الوطنية والمساهمة في الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. بالإضافة إلى ذلك، تعكس الشراكة الوثيقة مع الإمارات العربية المتحدة أهمية التعاون الدولي في مواجهة التحديات الأمنية المشتركة. الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة، مثل الدفع النووي والطائرات المقاتلة الحديثة، سيضمن أن تظل القوات البحرية الفرنسية في طليعة القدرات العسكرية العالمية. كما أن هذا المشروع يعزز الصناعة الدفاعية الفرنسية ويوفر فرص عمل جديدة.

في الختام، يمثل الإعلان عن بناء حاملة طائرات جديدة التزامًا قويًا من فرنسا بتعزيز قدراتها الدفاعية والحفاظ على دورها كقوة عالمية مؤثرة. هذا المشروع، بالإضافة إلى الشراكة الاستراتيجية مع الإمارات العربية المتحدة، يعكس رؤية طموحة لمستقبل القوات البحرية الفرنسية ودورها في عالم متغير. نتطلع إلى رؤية هذه الحاملة الجديدة وهي تبحر في البحار، حاملةً معها رمزًا لقوة فرنسا وتكنولوجيتها والتزامها بحرية الملاحة.

شاركها.
اترك تعليقاً