عادت الحرب السورية إلى عناوين الصحف العالمية الرئيسية، وعاد معها اسم أبو محمد الجولاني، القيادي السابق لجبهة “النصرة” المتطرفة، لكن هذه المرة كزعيم لـ”هيئة تحرير الشام” التي قادت معركة “ردع العدوان” ضد النظام السوري، في 27 نوفمبر/تشرين الثاني. فما الذي نعرفه عن هذا الرجل؟
بالنسبة لانشقاقه عن تنظيم القاعدة المتطرف، يقول محللون إن الجولاني يحاول أن ينظف اسمه واسم التنظيم الذي يقوده حاليًا، ليخرج من “الظل” بهيئة أكثر قبولًا للرأي العام الغربي على وجه الخصوص، حسب ما تقول وكالة “أسوشيتد برس”.
وتشير الوكالة إلى أن الزعيم السابق لجبهة النصرة، البالغ من العمر 41 عامًا، يسعى إلى تغيير صورته لدى العالم، وهي “مناورة” قلّ نظيرها في التنظيمات المتطرفة، خاصة بعد إنشائه “حكومة الإنقاذ المؤقتة” في سوريا، لكسب “تأييد الحكومات الدولية والأقليات الدينية والعرقية في البلاد”.
بداية الجولاني
التحق أبو محمد الجولاني بصفوف تنظيم القاعدة، المسؤول عن أحداث 11 سبتمبر/أيلول في الولايات المتحدة الأمريكية، والمصنف إرهابيًا في معظم دول العالم، وكان من المقاتلين الذين حاربوا واشنطن في بغداد.
والجولاني سوريّ الأصل، لكن هناك خلافًا حول منشأه، إذ يقول البعض إنه نشأ في السعودية، فيما يرجح آخرون أنه ترعرع في سوريا. لكن المؤكد أنه قاتل في العراق، جنبا إلى جنب مع أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم “داعش”.
وقد لمع نجمه أثناء فترة ثورات الربيع بعد أن أرسله البغدادي لقيادة فرع للقاعدة في سوريا سُمّي وقتها “جبهة النصرة” للإطاحة بحكم الرئيس السوري بشار الأسد، لكن الجولاني حاول الترويج لمسألة أنه قطع أواصر العلاقة مع البغدادي. إذ يشاع أن الأخير طلب منه دمج جبهة النصرة التي يقودها مع “داعش”، وهناك أعلن القيادي المتشدد “تبرُّؤَه” من النصرة التي كان يتزعمها، وهي خطوة يفسرها داعمو النظام في دمشق بأنها مناورة ليس إلا.
بدّل جلده أكثر من مرة..
وفي أول مقابلة صحفية معه، قال الجولاني صراحة إنه يرفض المحادثات السياسية في جنيف لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا، مشيرًا إلى أنه يطمح في حكم “إسلامي” لهذا البلد، حيث لا مكان فيه للأقليات العلوية والشيعية والدرزية وبطبيعة الحال، المسيحية.
بعدها بسنوات، نزع الجولاني عن وجهه اللثام في فيديو أعلن فيه أن تنظيمه غيّر اسمه إلى “جبهة فتح الشام” وقال إنه قطع علاقته بالقاعدة، زاعمًا أن هذه المنظمة الجديدة “لا تنتمي إلى أي جهة خارجية”. وبعد عام، عاد وغيّر اسم التنظيم إلى “هيئة تحرير الشام” بعد دمج عدة جماعات مسلحة في تنظيمه.
ولم يكتفِ الجولاني بتغيير اسم التنظيم فقط، بل غيّر أيضًا الزي الذي دأب على ارتدائه، فأصبح يرتدي “قميصًا وبنطالًا” بدل الملابس العسكرية، وغيّر خطابه ليصبح “أكثر انفتاحًا”، حيث وجه خطابًا إلى المجتمع الدرزي الذي كان يستهدفه، كما قام بزيارات لعائلات الأكراد الذين قتلتهم الجماعات المدعومة من تركيا علمًا أن بعض التقارير تتهم أيضا أنقرة بدعم هيئة تحرير الشام.
في ذات السياق وفي مقابلة عام 2021، قال زعيم هيئة تحرير الشام إن تنظيمه لا يشكل تهديدًا للغرب، وأن العقوبات المفروضة ضده كانت غير عادلة.