تأجيل محتمل للعمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان: اغتيال الطبطبائي يمنح تل أبيب “مساحة للمناورة”

كشفت مصادر أمريكية لموقع “أكسيوس” عن تطور هام في المشهد المتوتر بين إسرائيل ولبنان، حيث يبدو أن اغتيال رئيس أركان حزب الله، هيثم علي الطبطبائي، قد أدى إلى تأجيل عملية عسكرية إسرائيلية كبيرة محتملة في لبنان. يأتي هذا في ظل سعي إدارة الرئيس دونالد ترامب لتهدئة الوضع وتجنب تصعيد جديد في المنطقة. هذا التطور يلقي الضوء على الحسابات السياسية المعقدة التي تؤثر على القرارات العسكرية، خاصةً في ظل اتفاق وقف إطلاق النار الهش الذي يربط الطرفين.

اغتيال الطبطبائي وتداعياته السياسية

أكد مسؤول أمريكي لموقع “أكسيوس” أن إدارة ترامب ترى في اغتيال الطبطبائي، الذي نفذته إسرائيل في 23 نوفمبر 2025، فرصة سياسية لتهدئة الأوضاع. ويعتقدون أن القضاء على القائد العسكري البارز في حزب الله منح الحكومة الإسرائيلية مرونة أكبر في اتخاذ القرارات، وأبعد شبح الحرب الشاملة في الوقت الحالي.

وبحسب المصدر، فإن استئناف إسرائيل للحرب في لبنان خلال الأسابيع القليلة القادمة ليس مطروحًا على جدول الأعمال، على الرغم من التصريحات المتشددة التي تطلقها بعض الشخصيات السياسية والعسكرية الإسرائيلية. هذا لا يعني بالضرورة أن التهديد قد زال، بل يشير إلى أن تل أبيب قد تختار الانتظار وتقييم الوضع قبل اتخاذ أي خطوات تصعيدية.

وقف إطلاق النار الهش والضربات الإسرائيلية المتزايدة

على الرغم من التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله قبل عام تقريبًا، إلا أن التوترات لم تتلاشَ تمامًا. بل وشهدت الفترة الماضية تصاعدًا في الضربات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية، بذريعة منع حزب الله من إعادة بناء ترسانته العسكرية.

تتهم إسرائيل حزب الله بالسعي لامتلاك أسلحة متطورة، وتهدد بالتدخل العسكري إذا لم يتم وقف هذا التسلح. في المقابل، يرى حزب الله أن هذه الضربات تمثل خرقًا واضحًا لاتفاق وقف إطلاق النار، وأنها تهدف إلى إضعاف قدراته الدفاعية. هذه الاتهامات المتبادلة تزيد من تعقيد الوضع وتجعل من الصعب تحقيق استقرار دائم في المنطقة.

اجتماع الناقورة: بداية حوار دبلوماسي؟

في تطور إيجابي، استضافت مدينة الناقورة في جنوب لبنان اجتماعًا دبلوماسيًا يوم الأربعاء الماضي، جمع بين مسؤولين إسرائيليين ولبنانيين برعاية أمريكية. ويعتبر هذا اللقاء الأول من نوعه منذ عام 1993، ويمثل محاولة جادة لفتح قنوات اتصال مباشرة بين الطرفين.

ركز الاجتماع بشكل كبير على التعارف بين المسؤولين، وتهيئة الأجواء لمناقشات مستقبلية. كما تطرق إلى إمكانية التعاون الاقتصادي، وخاصة فيما يتعلق بإعادة إعمار المناطق اللبنانية التي تضررت جراء الحرب. هذا اللقاء يعكس رغبة الإدارة الأمريكية في تعزيز الحوار بين إسرائيل ولبنان، بهدف تخفيف التوترات وتجنب أي صراع محتمل.

مطالبة لبنان بالانسحاب الإسرائيلي وتخوفات تل أبيب

تواصل الحكومة اللبنانية مطالبة إسرائيل بالانسحاب من خمسة مواقع داخل الأراضي اللبنانية، قرب بلدة بليدا. وتعتبر هذه المواقع أنها تمثل تعديًا على السيادة اللبنانية، وأنها تشكل تهديدًا للأمن والاستقرار في المنطقة. وتؤكد بيروت أن هذه المطالبة لا تتعارض مع اتفاق وقف إطلاق النار، بل هي حق مشروع للدولة اللبنانية.

في الوقت نفسه، يحذر مسؤولون إسرائيليون الإدارة الأمريكية من أن استمرار حزب الله في التسلح بالمعدل الحالي، سيجبر إسرائيل على استئناف الحرب. ويؤكدون أنهم لن يسمحوا لحزب الله بتشكيل تهديد وجودي لإسرائيل، وأنهم مستعدون لاتخاذ أي إجراءات ضرورية لحماية أمنهم القومي. هذا التناقض في المواقف يعكس التحديات الكبيرة التي تواجه الجهود الرامية إلى تحقيق سلام دائم في المنطقة. ويشكل الوضع الأمني في لبنان محور قلق رئيسي.

مستقبل التوترات بين إسرائيل وحزب الله

على الرغم من أن اغتيال الطبطبائي قد أدى إلى تأجيل عملية عسكرية إسرائيلية في لبنان في الوقت الحالي، إلا أن التوترات لا تزال قائمة. وستعتمد تطورات الأوضاع في المستقبل على عدة عوامل، منها:

  • مستوى التزام إسرائيل وحزب الله بوقف إطلاق النار.
  • مدى نجاح الجهود الدبلوماسية الأمريكية في تعزيز الحوار بين الطرفين.
  • القدرة على إيجاد حلول عملية للمطالب اللبنانية والإسرائيلية.
  • التطورات الإقليمية التي قد تؤثر على المشهد في لبنان.

من الواضح أن الوضع يتطلب حذرًا شديدًا وجهودًا متواصلة من جميع الأطراف المعنية، لتجنب أي تصعيد يؤدي إلى حرب مدمرة. يجب على المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة، أن يلعب دورًا فعالاً في تحقيق الاستقرار في المنطقة، ومنع تكرار المأساة. الأمن الإقليمي يعتمد بشكل كبير على ذلك.

هل سيكفي هذا التأجيل لتهدئة الوضع؟ وهل ستنجح الجهود الدبلوماسية في إيجاد حلول جذرية للمشاكل العالقة؟ الأيام القادمة ستكشف لنا الإجابة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version