كشفت صحيفة “واشنطن بوست” عن بناء إسرائيل قواعد عسكرية في المنطقة منزوعة السلاح على الحدود السورية الإسرائيلية، وهي منطقة كانت تخضع لإشراف الأمم المتحدة منذ اتفاق وقف إطلاق النار بين البلدين عام 1974.
وتشير صور الأقمار الصناعية إلى إنشاء منشآت عسكرية داخل الأراضي السورية بالقرب من هضبة الجولان المحتلة، ما يثير القلق بشأن نية إسرائيل تحويل وجودها العسكري إلى دائم.
تظهر هذه المنشآت العسكرية المحدثة ربطاً بطرق ترابية ومواقع مراقبة متطورة، ما يعد خرقاً واضحاً لاتفاقية الهدنة بين سوريا وإسرائيل.
وفي وقت سابق، أكد الجيش الإسرائيلي للأهالي في القرى السورية أن هذه العمليات كانت “مؤقتة” تهدف إلى مصادرة الأسلحة فقط. لكن المعطيات الحالية تشير إلى أن هذا الوجود العسكري بات يمتد ليشمل منشآت دائمة.
من خلال المعطيات الجديدة، يتضح أن هناك أكثر من سبع منشآت عسكرية في قاعدة واحدة في “جباتا الخشب”، بالإضافة إلى قاعدة أخرى على بُعد خمسة أميال جنوباً.
تم ربط هذه القواعد بطرق ترابية، إلى جابنب تجهيز موقع جديد لبناء قاعدة ثالثة، ما يفتح المجال للقلق من نية إسرائيل في التوسع العسكري المستمر في المنطقة.
لا تقتصر التحركات على المنطقة الشمالية، حيث تم رصد بناء طريق جديد على بُعد عشرة أميال جنوب مدينة القنيطرة، ما يمهد لإنشاء نقطة مراقبة جديدة بالقرب من قرية كودنة.
من جانبه، شكك محمد مريد، رئيس بلدية “جباتا الخشب”، في هذه المزاعم، مشيراً إلى أنه “كيف يكون الوجود مؤقتاً وهم يشيدون ثكنات عسكرية مسيجة؟”. وأضاف أن الجرافات دمرت الأشجار والمحميات الطبيعية في المنطقة، مما يعكس استدامة الاحتلال العسكري الإسرائيلي.
يرى المحللون أن هذه القواعد العسكرية تمثل محاولة إسرائيلية للسيطرة على نقاط مراقبة استراتيجية وطرق رئيسية في المنطقة. ما يثير القلق هو أن هذه التحركات قد تؤدي إلى قطع التواصل الجغرافي بين القرى السورية، ما سيؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية للسكان المحليين.
كما فرضت القوات الإسرائيلية نقاط تفتيش متحركة وأغلقت طرقات رئيسية، مما أدى إلى توتر مع السكان المحليين الذين تعرضوا للاعتقالات والاعتداءات.
وقالت بدور حسن، من قرية سمدنية الغربية: “باتت قوات الجيش تجوب المنطقة ليلاً دون أضواء”. في حين أضاف الشيخ هايل عبد الله أن إسرائيل تسعى إلى فرض “سياسة الأمر الواقع كما في غزة”.
تتزايد التخوفات المتعلقة بالموارد المائية، خاصة مع وجود سد في جنوب سوريا ضمن المنطقة العازلة. ورغم نفي الجيش الإسرائيلي سيطرته على السد، يرى السكان إلى أن القواعد العسكرية الجديدة تعيق طرق الرعي وتزيد من تكلفة الأعلاف، مما يزيد من معاناتهم اليومية.
أكد بلال سليمان، رئيس بلدية “مدينة السلام” بالقنيطرة، أن الشعب السوري سيظل صامداً في وجه محاولات التهجير القسري، قائلاً: “لن نسمح بتكرار سيناريو الجولان”.
تتزامن هذه التحركات العسكرية مع توسيع إسرائيل لوجودها في مناطق أخرى، حيث تسعى إلى إخلاء مناطق حدودية في غزة ولبنان. ومع غياب فاعلين رئيسيين مثل “هيئة تحرير الشام” في سوريا، تستغل إسرائيل الفراغ الأمني لترسيخ وجودها العسكري.