أعلنت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) عن خطوة استراتيجية هامة في مجال القدرات العسكرية، ألا وهي تشكيل قوة المهام “ضربة العقرب” وتفعيل أول سرب أميركي من الطائرات الهجومية أحادية الاتجاه في منطقة الشرق الأوسط. يأتي هذا الإعلان في أعقاب توجيهات من وزير الدفاع الأميركي، ويشير إلى تحول كبير في استراتيجية واشنطن للتعامل مع التهديدات المتزايدة في المنطقة، مع التركيز بشكل خاص على مواجهة انتشار الطائرات المسيرة وتأثيرها المتزايد في ساحات القتال الحديثة.

قوة “ضربة العقرب”: ردع مبتكر في الشرق الأوسط

تعتبر قوة المهام “ضربة العقرب” بمثابة استجابة مباشرة للتطورات التكنولوجية في الحروب الحديثة، والتي تجلت بشكل واضح في الصراعين الأوكراني والإسرائيلي الإيراني. حيث أظهرت هذه الصراعات أن الطائرات المسيرة منخفضة الكلفة يمكن أن تلعب دوراً حاسماً في الهجمات بعيدة المدى والعمليات المعقدة، مما يستدعي تطوير قدرات مماثلة لمواجهة هذا التهديد. يهدف هذا التشكيل الجديد إلى وضع الأسس لاستخدام الابتكار كأداة ردع فعالة، وتقليل الاعتماد على الأصول العسكرية التقليدية عالية التكلفة.

طائرات LUCAS: تطوير أميركي بناءً على تكنولوجيا إيرانية

يعتمد السرب الجديد على طائرات “LUCAS” التي طورتها شركة SpektreWorks. هذه الطائرات ليست تصميمًا جديدًا كليًا، بل هي نتاج عملية هندسة عكسية مكثفة لطائرة شاهد-136 الإيرانية المعروفة ذات الجناح المثلث. حصلت الولايات المتحدة على هذه الطائرة قبل سنوات، وقامت بتحليلها وتطويرها لتصبح “LUCAS”، وهي نسخة محسنة بقدرات تفوق الطائرة الأصلية.

ميزات طائرات LUCAS المتطورة

تبلغ تكلفة كل طائرة “LUCAS” حوالي 35 ألف دولار، وهو سعر منخفض نسبيًا مقارنة بالطائرات العسكرية التقليدية. بالإضافة إلى ذلك، تتميز هذه الطائرات بعدة ميزات رئيسية تجعلها إضافة قيمة للترسانة العسكرية الأمريكية:

  • القدرة على العمل الذاتي: تستطيع الطائرات “LUCAS” الطيران والتحليق وتنفيذ المهام بشكل مستقل دون الحاجة إلى تدخل بشري دائم.
  • المدى الطويل: قادرة على قطع مسافات طويلة، مما يجعلها مناسبة للعمليات الهجومية عبر الحدود.
  • مرونة الإطلاق: يمكن إطلاقها من منصات متعددة، بما في ذلك المقاليع، وأنظمة الإقلاع بمساعدة صاروخية، ومنصات إطلاق أرضية متحركة.

القيادة المركزية أكدت أن السرب الجديد متمركز حاليًا في الشرق الأوسط، وسيتم نشره في مواقع متعددة داخل المنطقة، دون الإفصاح عن العدد الدقيق للطائرات المنتشرة.

تحول استراتيجي في مواجهة انتشار الطائرات المسيرة

يعتبر نشر هذه الطائرات بمثابة “قلب للمعادلة” في مواجهة إيران، التي استخدمت طائرات شاهد في هجمات ضد إسرائيل، وكذلك روسيا التي استخدمتها في هجمات واسعة النطاق على أوكرانيا. ويرى مسؤولون أميركيون أن هذا التحول الاستراتيجي يسمح لواشنطن بمواجهة خصومها بنفس الأدوات، ولكن بتقنيات محسنة وقدرة إنتاجية أكبر.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الاعتماد على هذه التكنولوجيا منخفضة الكلفة يقلل من المخاطر المرتبطة باستخدام الطائرات المأهولة، ويجعل العمليات العسكرية أكثر فعالية من حيث التكلفة. ويؤكد المسؤولون أن هذه الطائرات تشكل رادعًا أكثر فعالية، خاصة بعد أن أدى الهجوم الإسرائيلي على إيران إلى تعطيل جزء كبير من دفاعاتها الجوية المتطورة.

قوة مهام لتسريع القدرات الناشئة

في خطوة موازية، أعلنت القيادة المركزية في سبتمبر الماضي عن إنشاء قوة مهام مشتركة للانتشار السريع، برئاسة كبير مسؤولي التكنولوجيا لديها. تهدف هذه القوة إلى تسريع عملية إدخال القدرات العسكرية الناشئة إلى الخدمة، وتنسيق جهود الابتكار بين مختلف الأفرع العسكرية. تتضمن مجالات التركيز الرئيسية القدرات المتقدمة، والبرمجيات المتطورة، والدبلوماسية التقنية.

تتوافق مهمة قوة المهام “ضربة العقرب” بشكل وثيق مع محور القدرات داخل هذه المبادرة الأوسع، ويتم تنفيذها من قبل عناصر من قيادة العمليات الخاصة – القيادة المركزية، مما يعكس الطبيعة الحساسة للمهام الموكلة إلى هذا السرب الجديد.

هيكلية فريدة لسرب الطائرات الهجومية

تتميز قوة المهام “ضربة العقرب” بهيكلية تنظيمية فريدة من نوعها. فبدلاً من أن يتبع السرب أحد الأفرع العسكرية التقليدية (الجيش، البحرية، أو سلاح الجو)، فإنه يديره وحدة مشتركة للعمليات الخاصة تعمل مباشرة تحت قيادة “سنتكوم”. هذه الهيكلية تمنح السرب مرونة أكبر في تنفيذ المهام وتحديث القدرات، بعيدًا عن القيود البيروقراطية التي قد تفرضها الهيكلية التقليدية.

إعادة تشكيل المشهد العسكري

تشير التقديرات الأميركية إلى أن الطائرات المسيرة منخفضة الكلفة أصبحت عاملاً أساسياً في إعادة تشكيل موازين القوة العسكرية في كل من الشرق الأوسط وأوكرانيا. إن اعتماد واشنطن على طائرات LUCAS، المبنية على أساس تكنولوجيا شاهد الإيرانية، يمثل تحولاً استراتيجياً هاماً. فهو يتيح للولايات المتحدة مواجهة خصومها بفعالية أكبر، وبأدوات أكثر تطوراً، وبسرعة إنتاجية أعلى، مما يعزز من مكانتها كقوة عسكرية رائدة في المنطقة والعالم. هذا التطور يضع ضغوطًا على الدول الأخرى لتطوير قدراتها الخاصة في مجال الطائرات المسيرة، مما قد يؤدي إلى سباق تسلح تكنولوجي في المستقبل القريب.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version